zeado
04-30-2009, 11:27 AM
مخطط حلقة البحث :
– الإطار النظري :
أ – تصنيف الترب في الوطن العربي .
1 - أهمية التصنيف
2 - مدراس التصنيف
ب – أنواع التربة في الوطن العربي .
ج – العوامل المؤثرة في التربة .
1 - المناخ
2 - التضاريس
3 - الكائنات الحية
4 - الصخر
د – مشكلات التربة .
1 – التصحر
2 - انجراف التربة
3 - تملح التربة
7 – المراجع .
الإطار النظري
1 – تصنيف الترب في الوطن العربي :
أ ))- أهمية التصنيف :
لعل أهم ما يلفت الأنظار في تصنيف الترب في العالم العربي هو صعوبة تطبيق التصنيفات الأجنبية والأوروبية والأمريكية،ذلك لشدة تنوع الترب في البلدان العربية وما يميزها عن كثير من الترب في العالم ، لذلك يكون من الضروري أحداث مدرسة عربية لدراسة وتصنيف ورسم خرائط الترب في العام العربي.
ب)) - مدراس التصنيف :
لئن كان تصنيف التربة ضروري حتي يسهل إدراكها ويكتمل استعمالها فإن مشكلة هذا التصنيف لازالت قيد الأخذ والرد والنقاش ، وذلك لعدة أسباب ، منها : كثرة العوامل المشكلة للتربة ، ثم لعدم وجود فواصل واضحة بين المراحل الاستمرارية لتطوير التربة ، على عكس فكرة التصنيف التي تقضي بالقطيعة . فمن تعريفنا للتربة على أنها النتاج الأخير لعوامل : طبيعية وحيوية ، ظلت تعمل متعاونة ، مدة طويلة من الزمن لتشكيلها ، يظهر لنا أن هذه العوامل كثيرة ومتنوعة وأن إدخالها كلها في التصنيف قد يؤدي بنا إلى بلوغ أرقام من الأنواع يصعب إدراكها . فمثلا التصنيف الأمريكي قسم التربة إلى ما يقرب من عشرة آلاف نوع. لهذا كان من الضروري اختيار البعض من هذه العوامل ، لكن أهم مشكلة تعترض البيولوجيين في تصنيفاتهم للتربة هي مشكلة انتقاء معايير التصنيف مما جعلهم يختلفون في نتائجهم ، حتى يمكن أن أقول أن هناك أكثر من مائة تصنيف ، بل تكاد تكون أنواع التصنيفات بعدد المؤلفين في هذا الموضوع . وبعد المؤتمر العالمي الخاص بالتربة المنعقد بموسكـو سنة 1974 أجريت تعديلات على أسس التصنيف بهدف توحيده لكن الاتفاق النهائي لازال غير وارد حتى يومنا هذا . والمتتبع لهذه التصنيفات يلاحظ أن هناك ثلاث مدراس لتصنيفات التربة في العالم : المدرسة الروسية والأوروبية والأمريكية يضاف لها منظمة الفاو.
أ - المدرسة الروسية :
تعد أقدم المدارس حيث تعود إلى أواخر القرن الماضي (V.V DOKCHEV 1885) فيها اتخذ من المناخ معيارا للتصنيف ، فصنف التربة في العام إلى ثلاث أنواع هي التربية الطاقية ZONAL التي فيها اليد العليا للمناخ في تشكيلها. وهي تتماشى والنطاقات المناخية التي تظهر موزعة في شكل نطاقات محيطة بالكرة الأرضية مثل التربة البودزولية لمناخ التيقا، والتشر نوزم لمناخ السباسب ، وتربة السيروزوم للمناخ الصحراوي . ثم التربة بين النطاقية INTERZONAL وهي التي لا يعود الأصل في نشأتها للعوامل المناخية فقط ولكن لعوامل أخرى واضحة من نباتات وتركيب صخري ، مثلا التربة الملحية والتربة الكلسية ، ثم التربة الانطلاقية AZONALوهي التي يعود الأصل في نشأتها إلى الظروف المحلية كالتضاريس أو الايكولوجية مثل تربة الانحدارات المتجددة بالنحت والانحراف، بتربة التوربيار، والتربة الطميه اللحقية والتربة المائية الخ...
وهذا التصنيف الروس يتماشى والنظرة الجغرافية الطبيعية . وله بعض الثغرات ، فمثلا التربة الحمراء أو تربة البحر المتوسط هل تعد من الترب النطاقية أو تصنف ضمن الترب بين النطاقية ؟ . ثم أنه لم يأخذ في التصنيف بمعظم العوامل المؤثرة في التربة حتى أعطتها ميزتها الخاصة ، لكنه ركز فقط على عمال المناخ .
ب - المدرسة الأوروبية :
وهي مدرسة حديثة ظهرت نتيجة للتقدم العلمي ، خاصة العلوم الفيزيائية والكيمائية . وقد اتخذت من الصفات الجوهرية للتربية ومدى تطورها معيارين أساسيين للتصنيف ، بدلا من العوامل الخارجية ، أي بدلا من المناخ وحده . فهي تسعى إلى الخلاصة الايكولوجية المبنية على استعراض مجموع من المعطيات يمكن إيجازها في ثلاثة هي : هي الوسط MILIEU ، التطور PROCESSUS ثم الخصائص CARACTERES . من بين هذه التصنيفات الأوروبية نذكر التصنيف الفرنسي للتربة الذي اقترحه دي شوفورDUCHQAUFUR)1) سنة 1967 واعتمدت عليه اللجنة العلمية لخريطة التربة بفرنسا التي صنفت التربة على أساس النشأة والتطور والمميزات إلى أصناف هي : غير متطورة، قليلة التطور، رطبة، ملحية، حديدية، متطورة للبحر المتوسط، حديدية استوائية، حديدية شبه مدارية، مقلوبة منسجمة دباليا، مقلوبة، سمراء، بودزولية، حمراء للبحر المتوسط، حديدية مدارية، حديدية للمناطق الرطبة، وكل فئة من هذه الفئات صنفت إلى فئات ثانوية.
فالحيرية مثلا قسمت إلى ثلاث فئات ثانوية هي : قليلة الدبال، دبالية، كثيرة الدبال، فالتصنيف الفرنسي للتربة يسمح باستيعاب معظم مجموعات الترب في
العالم وتفرعاتها، وللتطبيق ميدانيا، إلا أنه يعجز عن الجمع بين كل العوامل لنشأة كل أنواع الترب في العالم.
ج- المدرسة الأمريكية :
انتهـت محاولات تصنيفات علماء التربة بالولايات المتحدة منذ سنة 1960 إلى تصنيف يكاد يكون نهائيا سنة 1957 وهو تصنيف قائم على تشخيص الآفاق من حيث التكوين والمورفولوجيا والتركيب الكيماوي والفيزيائي أي اعتمد في دراسته للتربة على كل صفات التربة تقريبا. واتخذ من اللغتين اللاتينيـة واليونانية مرجعا لاشتقاق التسميات، أسوة بعلم تصنيف النباتات، والحيوانات. واعتمادا على الآفاق الأساسية للتشخيص صنفو أولا التربة إلى فئتين هما : التربة المعدنية والتربية العضوية أو الدبالية التي تزيد فيها نسبة الفحم العضوي عن 18% أما ما نقص عن ذلك فتعود إلى صنف التربة المعدني، ثم صنفت هاتان الفئتان إلى عشرة رتب ثم صنفت كل رتبة إلى ما تحت الرتب فصارت (47) ثم هذه إلى مجموعات كبرى فصارت (185) ثم هذه إلى ما تحت المجموعات (970) ثم هذه إلى عائلات (4500) ثم هذه إلى سلاسل حتى أصبحت تضم 10500 سلسلة. من محاسن التصنيف الأمريكي ضبط ودقة وترقيم معايير التصنيف التي بمعرفتها يمكن للباحث أن يرد التربة إلى صنفها مهما كان موضوعها في العالم. أما مساوية فتتجلى في اعتماده بالدرجة الأولى لتشخيص التربة على أفق واحد هـو الأفق السطحي بينما التربة في معظمها تتشكل من عدة آفاق مرتبطة ببعضها وتتأثر ببعضها ثم إن المعطيـات العددية التي يعتمد عليها هذا التصنيف لا تتوفر دائما لدى الباحثين ففيما يخص الرطوبة مثلا التي تدخل في تصنيف ما تحت الرتب يجب معرفة عدد الأيام الحافة المتتالية وغير المتتالية بالضبط التي فيها ظلت التربة جافة ورطوبتها دون نقطة الذبول..
د- تصنيف الفاو :
كان الهدف من تصنيف المنظمة العالمية للتغذية للتربة رسم خريطة التربة للعالم منذ سنة 1960 وبعد مشاورات عديدة لعلماء وباحثين في هذا الميدان والإطلاع على مختلف أنواع الترب في أكثر من 40 بلدا في العالم ، واقتراحات كثيرة وتعديلات متتالية انتهت منظمة الفاو سنة 1973 إلى وضع خريطة التربة في العالم تحوي 26 وحدة أساسية للتربة في العالم ثم صنفت كل وحدة إلى وحدات فرعية تتراوح ما بين 2 و9 ، ومرتبة ترتيبا منطقيا حسب درجة التحول والتطور.
وتصنيف الفاو يشبه تصنيف الأمريكان خاصة في الاعتماد على تشخيص الآفاق وأشكالها ، لكن جاء ببعـض التعديلات للتصنيف الأمريكي ، مما يلاحظ على تصنيف الفاو أنه أبسط وأكثر اختصارا. وأخــيرا أدمجوا في وحدة التربة الغنية
بالدبال خمس وحدات من الترب هي : الشيرنوزم ، الكاتانوزم، الجريزم، الفاوزم ، الرندزين. وضموا إلى التربة الملحية كل من تربتي السولنتشاك و السولونيتز.
ومما يؤخذ على تصنيف الفاو أنه أكثر تشعبا وتعددا للوحدات بين (26 وحدة) وإنه لا يميز كثيرا بين أنماط التحول ودرجاتها، لهذا راحوا يبحثون عن مشروع آخر للتصنيف.
الخلاصة :
أن تصنيفات التربة حتى اليوم إي حتى بداية التسعينات من القرن العشرين ، لازالت لم تصل إلى نهاية وإجماع دولي في توحيد تسمياتها ومناهجها وضبط أنواعها ، خاصة بعد الاكتشافات المتتالية والمعلومات المتجددة باستمرار التي ظل العلماء يحصون عليها عن طريق الأقمار الصناعية أو ما يعرف بطرق الاستشعار عن بعد وقد وضعت الأمم المتحدة برامج الاستزادة في جمع المعلومات عن كوكبنا هذا ، يابسة ومائه ، بواسطة الأقمار الصناعية التي ما فتئت ترسلها الدول الكبرى .ومن هنا يمكن للدول النامية الاستفادة منها ، فعلى الدول العربية أن تندمج في هذا الإطار وأن لا تضيع الفرصة للاستفادة من هذه الكشوفات والتطورات التقنية الحديثة لضمان مكانتها في هذا العالم ومستقبلها في هذا الوجود . وسنختار في تصنيفنا لأنواع الترب في الوطن العربي التصنيف الذي تسوده الصبغة الجغرافية والذي سار عليه أغلب البيولوجيون في العالم وهو إغفال عامل المحطة، والـظروف المحلية. لهذا صنفنا تربة الوطن العربي إلى نطاقية وتشتمل ترب : البحر المتوسط ، سهوب ، الصحراوية والإنطاقية وتضم الترب : المقلوبة ، الجبلية ، الفيضية ، الملحية .
2- أنواع الترب في الوطن العربي :
تتنوع الترب في الوطن العربي وتختلف من منطقة إلى أخرى خاصةً وأن الوطن العربي يتوزع في مناطق مناخية مختلفة وهذه الأنواع من الترب هي :
أ)) تربة البحر المتوسط : توجد على منحدرات جبال بلاد الشام والجبل الأخضر والمغرب وهي تربة جبلية لونها أحمر لغناها بأكسيد الحديد ويتحول هذا اللون إلى الأسمر إذا ارتفعت فيها نسبة أكاسيد المنغنيز وهي خصبة مفككة وتعد من أجود أنواع الترب تصلح لزراعة الحبوب والزيتون والحمضيات والتين .
ب)) تربة المناطق المعتدلة شبه الجافة ( السهوب ) :
تظهر شمالي العراق وبلاد الشام وسواحل طرابلس في ليبيا وتمتد متصلة من جنوب شرق تونس حتى المحيط الأطلسي في المغرب العربي وهي تربة أصلية سمراء ترتفع فيها نسبة الطين والكلس وتقل نسبة المواد العضوية لفقرها بالغطاء النباتي وتصلح لزراعة النباتات ذات الجذور الفقيرة القصيرة وبخاصة الحبوب .
ج)) تربة المنطقة الصحراوية :
تغطي معظم مساحة الوطن العربي ونميز منها :
- التربة الصحراوية:وهي طبقة من الفتات تتباين سماكتها حسب المنطقة يكثر فيها الجبس والأملاح المعدنية تفتقر إلى العناصر الدقيقة التي تسفيها الرياح لا تصلح لزراعة غير أنه ينمو بعد سقوط الأمطار أعشاب وشجيرات متباعدة تلاءمت مع الجفاف الشديد وملوحتها العالية .
- تربة الواحات : رملية طينية فقيرة بالكلس تحتاج إلى مياه وفيرة لتنتج زراعات المنطقة الحارة كالنخيل والقطن .
- تربة اللوس : تتكون من غبار ناعم رسبته الرياح يوجد فيها الكلس والرمل بنسب متفاوتة تغطي مساحات من شمالي سيناء وهضبة النقب وجنوبي شبه الجزيرة العربية تجود فيها زراعة الحبوب إذا توفر لها الري .
د)) تربة المناطق شبه الجافة المدارية ( البنية ) :
توجد جنوبي شبه الجزيرة العربية ووسط السودان وجنوب موريتانيا تحوي نسبة عالية من الطين والمواد المعدنية ونسبة محدودة من المواد العضوية تصلح لزراعة الحبوب والقطن إذا توفر لها ري مناسب .
ه)) التربة السوداء :
توجد في الجولان والجزيرة العليا ومناطق السافانا جنوبي السودان وجنوبه الغربي جاء لونه الأسود من غناها بالمواد العضوية ( الديبال ) وهي تربة صلصالية طينية تحول دقة مسامها دون تهويتها الجيدة ونفاذ الماء فيها , تتوقف جودة استثمارها على أساليب زراعية تصلح لزراعة القطن والرز.
ل)) التربة المدارية الحمراء :
تظهر في أقصى جنوب غرب السودان والصومال وهي مغسولة لكثرة ألأمطار, فقيرة بالمواد العضوية والمعدنية عدا أكاسيد الحديد التي أعطتها لونها الأحمر تزرع بالموز والسكر والشاي إذا توفر لها السماد .
و)) التربة البركانية :
تظهر في بلاد الشام الوسطى والجنوبية وجهات متفرقة من شبه الجزيرة العربية وخاصة اليمن وليبيا والمغرب العربي وهي تربة غضارية غنية بالعناصر المعدنية أعطتها أكاسيد الحديد لونها الأحمر الداكن تصلح لزراعة جميع الغلات الزراعية .
ي)) التربة الفيضية ( اللحقية ) :
توجد في أودية الأنهار ودالاتها (سهول دجلة والفرات والنيل ) والمنخفضات الداخلية منقولة غضارية غنية بالمواد المعدنية ترتفع فيها نسبة الأملاح في مجاري الأنهار الدنيا بسبب التصريف السيء تصلح للزراعات كافة إذا رُشِد فيها الري والصرف واستخدمت الأسمدة .
3- العوامل المؤثرة في التربة :
أ )) المناخ
يقع العالم العربي ضمن نطاقات المناخ الساخن المداري وشبه المداري ولهذا كانت سرعة التأثير الميكانيكي والكيماوي في تشكيل التربة واضحة للغاية إذا
ما قورنت بسرعة التأثير في الأقاليم الباردة .وهذا المناخ الساخن الذي يسود في البلدان العربية يتمثل فيما يعرف بالمناخ الصحراوي والقاري والسوداني والبحر المتوسط.
أ - الأمطار :
تتميز تلك المناخات بنظام فصل رطب فيه قد تتفوق عملية التساقط على عملية التبخر ما عدا في المناخ الصحراوي . وبذلك فإن هذه العملية تشبع التربة بالمياه وحركة العناصر الدقيقة للتربة المذابة في المياه من أعلى إلى أسفل هي السائدة بينما في الفصل الجاف فإن عملية التبخر تفوق عملية التساقط . وبالتالي تسود في الغالب ظاهرة حركة العناصر الدقيقة للتربة المصحوبة للمياه من أسفل إلى أعلى. وقد اشرنا سابقا إلى أن هذه الحركة من أعلى إلى أسفل تارة ومن أسفل إلى أعلى تارة أخرى هي التي أدت إلى إذابة الأملاح وترسيبها وتشكيل ما يعرف بالتربة الملحية وكذلك القشور الجبرية . أن الهجرة التصاعدية للأملاح واضحة في البلدان العربية نتيجة شدة التبخر وما تتطلبه من تصاعد المياه للتعويض وهو تصاعد يعرف بالتيار الشعري الصاعد المصحوب بأملاح مذابة أو كاسونات في حالة مذابة مثل Ca++وNa+ و . Fe++و إن تصاعد كربونات الكالسيوم في الترب الحمراء الحديدية مشهور للغاية في المناطق المعرضة للتناقض الفصلي الواضح. ولا تعمل مياه التهاطل على إذابة الأملاح فقط وتحليل المواد العضوية بل تعمل على زيادة حجم التربة بزيادة نسبة ما تحويه التربة من مياه وهي العملية المعروفة بالتميه كما هو الحال للتربة المقلوبة المذكورة سابقا التي تتمدد في فصل الأمطار وتتشقق في فصل الجفاف، والحركة السطحية لمياه الأمطار تؤدي إلى تنقل الفتيتات الصخرية والرواسب المختلفة من أماكن تحضيرها إلى أماكن ترسيبها ، واليها يعود الفضل في تشكيل مساحات واسعة من أتربة الوطن العربي خاصة تلك الأتربة الفيضية في إقليم دجلة والفرات وعلى ضفاف النيل ودلتاه الواسعة الأطراف، وما التوضعات السيلية عند أقدام المرتفعات إلا نتيجة لمياه الأمطار المنحدرة، وهذه التوضعات قد تكون مختلفة في مظهرها الفيزيائي، وكذلك الرواسب المروحية التي تخلفها المجاري المائية أو الشعاب عندما يقل انحدارها. ولا تقوم المياه الجارية بنقل الفتيتات الصخرية أو ترسبها فقط بل تقوم
بحتها ونحتها وتفكيكها وإعطائها أشكالا معينة بصرف الجزئيات الصخرية ببعضها. وأخيرا ينبغي عدم إغفال قوة سقوط القطيرة المائية من السماء على سطح الأرض فإنها تؤثر تأثيرا واضحا على تفكيك الصخر وهذا التأثير تابع
لحجم هذه القطيرة وسرعة نزولها ومدى مقاومة الصخر لها.
ب- الحرارة :
لا يقل تأثير الحرارة في تشكيل التربة عن بقية عناصر المناخ إلا أن تأثيرها آلي أكثر منه كيماوي. فالفوارق الحرارية واضحة في المناطق الصحراوية وما يؤدي إليه من تقشر الصخور لعامل ميكانيكي واضح للغاية وقد لوحظ أنه كلما زادت الفوارق الحرارية زاد التفتيت أي زادت الحرارة من تهيئتها للفتيتات الصخرية وساعدت على تنشيط النحت الريحي. إذا كانت المياه أكثر تأثيرا في عمليات التحويل والتشكيل للتربة فإن الحرارة تزيد من قدرة وسرعة التحويل . فهي تنشط من عملية التحليل الكيماوي ، وتنشط الحيوانات التي تقوم ببناء التربة وتثبيت الأزوت ، وتفكيك الدبال كما تؤثر حرارة التربة على نسبة تبخر ماء التربة وبالتالي تخفيفها وتنشط الحت الريحي ، ونظرا لشدة ارتباط التبخر بالحرارة فقد استعملها بعض الباحثين وعلى رأسهم ثورنتوايت في تقدير كمية التبخر وبما أن التربة في البلدان العربية لا تتعرض للتجمد على عكس ماهو الحال في الأقطار الباردة فإن أثر التجمد غير واضح في تشكيل الترب في البلدان العربية. بل أن لعامل الحرارة اليد العليا الذي أدى إلى زيادة غنى التربة بأكسيد الحديد والألومينيوم وفقرها في مركبات السليس على العكس ماهو في المناطق الباردة.
ج- الرياح :
السبب في تشكيل التربة الرملية أو الكثبان الرملية أو تذرية وتصفية التربة الصخرية من الرمال الدقيقة . الصحراء تعود بالدرجة الأولى إلى الرياح التي تقوم بنقل الحبيبات الصخرية الدقيقة فقط وتقـوم ببريها أيضا وحكها ببعضها وتكسيرها بضربها ببعضها، ثم عند ما تضعف قوتها ترسبها لتشكل بها ما يعرف بالتربة الهوائية نظرا لأن الهواء كانت له اليد العليا في تشكيلها.
ب)) التضاريس
تعد التضاريس من الظروف المحلية المؤثرة في تشكيل التربة. حيث أن الفوارق واضحة بين ترب المنحدرات والسفوح المختلفة وبين أقدام هذه السفوح وبطون الشعاب والأودية والسهول المجاورة لهذه التضاريس ويزداد أثر الطبوغرافية لتشكيل وتطوير التربة في المناطق الحارة كما هو الحال في البلدان العربية إذا ما قورنت بالبلدان الباردة . ويتجلي أثر هذه التضاريس على تشكيل التربية في الآتي:
أ - التطور :
تربة السفوح والمنحدرات أقل تطورا من تربة المنخفضات وأقدام الجبال، وقد يؤدي شدة الانحدار إلى عراء السفح وخلوه تماما مما اصطلح عليه بالتربة ، فيظهر الصخر الأم بارزا للعيان ، إذ أن شدة الانحدار قد تؤدي إلى انجراف وانزلاق حتى الحجارة الكبيرة الأحجام . وإذا ماكان السفح معتدل الانحدار فقد تتساوى فيه عملية التهيئة بعملية النقل وفي هذه الحالة لا تظهر التربة الناضجة ذات الأفاق المتنوعة لكن التربة الحديثة القليلة السمك الوحيدة الأفق. أما السفوح الضعيفة الانحدار فقد تتفوق فيها عملية التهيئة على عملية النقل فتظهر بها تربة قد تكون قريبة من النضج .
ب- الصرف:
بصفة عامة الصرف أجود على المنحدرات منه على المنخفضات وفي المناطق الرملية يلاحظ أن اختلاف أحجام حبيبات الطبقة الرملية قد يؤدي إلى اختلاف التسرب باختلاف الإنحدار . فعلى السطوح المنحدرة تتفوق عملية النقل الأفقي ، وعلى العكس من ذلك في الأماكن المستوية ، حيث تتفوق الحركة من أعلى المنحدر إلى أسفله تتمثل في السليس والقواعد التي تتركز في المصبات وبذلك فإن أغلب أعالي السفوح تكون فقيرة بالسليس والقواعد . وكثيرا ما أعطت أكاسيد الحديد اللون الأحمر الفاتح للسفوح الجيدة الصرف بينما في الأماكن المنخفضة فكثيرا ما أضفت أكاسيد الحديد على التربة اللون الأحمر الداكن .
ج- النسيج:
تتدرج تربة السفوح في أحجام حبيباتها من أعلى المنحدر إلى أسفله، فهي وإن كانت خشنة بصفة عامة لكن تكون أحجامها متشابهة على نفس خط التسوية ، ومختلفة باختلاف خط التسوية، وشديدة التنوع، مما قد يؤدي إلى صعوبة توضيحها على الخرائط فقد تظهر في شكل فسيفساء على عكس المناطق السهلية التي تمتد فيها التربة في الغالب إلى مساحات واسعة .
د- الرطوبة:
تتناقص الرطوبة في التربة كلما اتجهنا نحو أعالي المنحدرات على عكس ماهو معروف في عملية التساقط ويزداد هذا التناقص وضوحا في المناطق الجبلية بالبلاد العربية للحركة الأفقية لماء المطر ضمن التربة وعلى سطحها . دائماً في موضوع الرطوبة يلاحظ أن تربة السفوح المقابلة للرياح الممطرة أوفر رطوبة من تربة السفوح الواقعة في ظل المطر . ولا يخفى ما لهذا الاختلاف من أثر على الغناء النباتي وما تخلفه هذه النباتات من دبال أكثر من غيرها ، وما يحدث لها من تحلل كيماوي . فتربة السفوح الممطرة أكثر رطوبة ونباتا ودبالا من عكسها.
هـ- الانحراف :
الانحراف والحت والترسيب كل هذه تتأثر بالتضاريس فالانحدار يساعد على النقل والانجراف لهذا كانت تربة السفوح أقل تطور من السطوح المستوية، وقد لوحظ أن طرفا من المنطقة المتضررة يفقد غالبا قسما كبيرا من أفقه الخصب , وأن النحت المستمر للسفوح يعد من أهم العوامل لتجديد شبابها.
وربما أدت زيادة الانحدار إلى زوال الأفق فيزول معه التركيب البيولوجي بكامله وقسم من الصخور المتفككة التي تنقل لتتوضع في المنخفضات فوق الترب الأصلية وبذلك تشوه وضعها الطبيعي الأصيل. وتكون الرواسب والحجارة المنقولة خشنة عند نهاية المنحدر وتزداد نعومة كلما ابتعدنا عن ذلك .
ج)) الصخر
للعامل الصخري الأثر الأكبر لتشكيل التربة في المناطق الحارة الجافة على عكس المناطق الرطبة والباردة المتوفرة الهطال. وبتركيبه المعدني وعمر الرواسب يتدخل الصخر في تشكيل التربة، التي تختلف باختلاف الصخر الأم. والعالم العربي يذخر بصخور متنوعة من حيث الأصل والتركيب منها الصخور الاندفاعية كالبازلت التي تتكون منها المناطق العديدة المجاورة للصدع الأسيوي الإفريقي الكبير الممتد من الصومال حتى سوريا مروراً باليمن وجبال عسير، وكصخور الجرانيت التي تحتل مساحة واسعة من جبال الهوقار، وتيبستي. كما تظهر بالبلدان العربية الصخور المتحولة والرسوبية وهي الأكثر انتشارا. ومن الطبيعي أن ينعكس التركيب المعدني للصخر على التربة التي تنشأ منه.
فالجرانيت يعد من الصخور الحمضية التي ترتفع بها نسبة السليس. فهو يعطي تربة ذات تفاعل حامضي، والسينيت يعطي تربة معتدلة، والبازلت يعطي تربة قاعدية أي قلوية. والصخور الرسوبية تعطي تربة فيضية أو سيلية أو سقوطية.
والصخور الجيرية الصلبة السطحية تتآكل بالرطوبة ليتفكك منها في كل مرة جزء من الكاربونات التي تنحل وتذوب ولا تبقى بالصخر الالسلكات أو الطين التي قد تسحبها المياه لأماكن منخفضة، أما الصخور الجيرية المخلوطة بالطين فتتحول إلى ذرات دقيقة إذا ما دخلتها المياه التي تعمل على انتفاخها وتفكيكها. ومن مميزات الكالسيوم أن وجوده في التربة يؤدي إلى تعديل حموضة المركب الدبالي أو رفع ال PH وهذا يلائم النشاط البيولوجي.
وبصفة عامة فإن الصخور الرسوبية أسهل إنفكاكاً وتحليلا من الصخور الاندفاعية.وبما أن الصخور تتشكل من معادن مختلفة في الصلابة والانحلال فإن مقاومتها مختلفة فالكوارتز مثلاً قليل التأثر لكن تحت المناخات الحارة والرطبة يذوب كلياً في بعض الترب الحديدية ، والفيلدسباف كثير التأثر خاصة إذا كان فقيرا بالسليس فيتحلل بسهولة إذا ما تعرض لعملية التميه أو الأكسدة. وعملية التحويل الصخري في المناخات الحارة تكون أسرع في الصخور البازلتية منها في الصخور الجرانيتية وبصفة عامة يمكننا أن نقول أن الصخور الحمضية الغنية بالسليس أكثر مقاومة لعملية التحويل من الصخور القاعدية الفقيرة بالسليس الغنية في الحديد والماغنيزيوم. ولا تؤثر الصخور في تركيب التربة فقط ولكن أيضا في مساميتها، حيث أن الصخور الرملية تعطي تربة هشة جيدة الصرف، سهلة الإثارة بينما العكس للرواسب الطينية .
و لا يخفي أيضا ما لعمر الرواسب من أهمية في تشكيل بعض الترب خاصة التربة الحديدية التي تتطلب مدة زمنية طويلة تعمل فيها الظروف المناخية لتصعيد أكاسيد الحديد، وصبغ التربة باللون الأحمر .
د)) الكائنات الحية
لا يقل أثر الأحياء في تشكيل التربة عن بقية العوامل ، فهي لا تعمل على تفكيك الصخر فقط لتشكيل معادن التربة ولكن بعد موتها تدخل بقاياها ضمن العناصر الداخلة في تكوين التربة وإعطائها خصائصها المعينة، حتى أن بعض البيولوجيين لا يعدون الفتيتات الصخرية تربة إلا إذا كانت حاوية لنسبة ولو قليلة من المواد العضوية. وعمل الكائنات الحية في التربة يختلف تبعا لنوعية هذه الكائنات إذ منها النباتات والبيكتيريات والفطريات والاشنيات والحيوانات، والإنسان، كذلك تختلف شدة تأثير هذه الأحياء باختلاف كثافتها .
أ - أثر النباتات :
قد جرت العادة على إطلاق كلمة دبال Humus على البقايا النباتية التي تتوقف وفرتها على وفرة مصادرها، فالأقاليم الغابية مثلا أوفر دبالاً من الأقاليم الفقيرة في الغطاء النباتي، وبما أن العالم العربي تحتل به الصحاري مساحة واسعة كانت معظم تربه فقيرة بمادة الدبال بصفة عامة. وإذا ما استعرضنا تربته وأردنا تصنيفها حسب ما تحويه من دبال يضعف كلما ابتعدنا عن السواحل وتوغلنا في الداخل بصفة عامة ، وذلك لأن الأقاليم النباتية في البلدان العربية تتركز على السواحل الوفيرة بالأمطار وتقل كلما توغلنا في الداخل .
وتختلف سرعة تحول البقايا النباتية إلى دبال ثم معدن صالح لامتصاص النباتات باختلاف الوسط والمادة، فهو تحول سريع في الوسط الذي يشتد به النشاط الحيوي أي الوسط القليل الحموضة الجيد التهوية حيث قد لا يستغرق أكثر من سنتين كما هو الحال في البقايا النباتية لبحر المتوسط حيث لايدوم فيها التبدل أكثر من سنتين إلا نادرا ويسمى هذا الدبال بالمول الذي يظهر في شكل بقايا نباتية دقيقة لا يزيد سمكها عن بعض السنتيمترات في فصل الخريف ثم تذوب وتختفي تماما في فصل الصيف وهو مول يحتوى نسبة مرتفعة من الكالسيوم الذي يعمل على التقليل من حموضة التربة وارتفاع نسبة الطين وهيدرات الحديد .
أما الأوساط ذات النشاط الحيوي البطيء فإن التبدل بها بطيء للغاية حيث قد يدوم حتى 20 سنة لتتم عملية تحويل البقايا النباتية إلى دبال. لهذا لا نجد بالبلدان العربية التربة ذات الأفق العضوي الذي يرمز له بالحرف A° والمعروف
بالمورالانادرا وهو الأفق الذي يميز الترب الباردة. ونباتات البلدان العربية في معظمها من نوع النباتات التي تنحل بسرعة لتعطي تربة المول، مثل النجليات والقطنيات ، وأشجار الدردار والسنديان .Quarks والألم Ulmus والمغث أو جار الماء Incaanca Alnus والزيزفون Tilia vulgaris الخ ... وتندر بالبلدان البطيئة التبدل مثل النباتات الحمضية التي تعطى التربة المرتكزة في
مناطق الغابات المخروطية التي تشتهر بها الأقاليم الباردة والتي تكسوها الثلوج لفترة من السنة.
وقد لوحظ أن تركيب فراش البقايا النباتية يؤثر أيضا في النشاطات الحيوية فبعض المركبات تحدث تأثيرا موجبا على النشاطات الميكروبية، والعكس لمركبات أخرى، فإذا المحمل يحتوى نسبة معتبرة من الأزوت يساعد على سرعة التبدل ثم التمعدن . أما إذا كان محتويا على نسبة معتبرة من الصماغ أو الدباغة فقد يفرمل عملية التبدل وبالتالي التمعدن .
ويتجلى تأثير النباتات على التربة في الآتي :
أ - تفكيك الصخر وحفظه من الانجراف ، إذ بعروقها تحمى التربة وتقلل من سرعة المياه الجارية وتصد سرعة الرياح. ويقدر الباحثون حت التربة للكيلومتر المربع في المناطق العادية بما يقرب من 100/ط للهكتار الواحد في الأراضي الخالية من الغطاء النباتي وأقل من طنين للهكتار الواحد تحت الغابات .
ب -تدخل في تكوين التربة وتؤثر في اتجاه تكوينها ونوعيتها . فالتربة السوداء غنية بالكالسيوم لأنها تحمل غطاء من أعشاب النجليات المعروفة بأوراقها المكتنزة بالكالسيوم الذي تعيده للتربة بعد انحلالها .
ج - تخلف دبالاً أكثر انسجاما في البلدان الحارة كالبلدان العربية إذا ما قورنت بالبلدان الباردة .
د - تحفظ التربة من غسلها من المواد المعدنية ضمن القطاع الرأسي للتربة .
ه - عروقها تساعد على إدخال الدبال إلى أعماق التربة .
ن - تعمل على تعديل المناخ المحلي للأقليم بتقليلها لكمية الإشعاع الشمسي الواصل إلى سطح وأعماق التربة وتحد من الفوارق الحرارية ، وتزيد التربة قدرة على خزن المياه .
ب - أثر البيكتيريات والفطريات
تقوم البيكتيريات بتثبيت النتروجين والأزوت وأكسدة الكبريت ومركبات الحديد، كما تعمل على تخمر مائية الفحم وتهديم السليكات وتمثيل الفوسفور. أما الفطريات فتعمل على تحليل المادة العضوية وهضمها وتحويل النشادر إلى نترات. نشاطها في الأراضي المهوية الغنية في البقايا النباتية . وينتهي عمل البيكتيريات والفطريات بتحليل المواد العضوية وتحرير الأزوت N في شكل 3NH والكاربون في شكل CO2 وهذا ما يعرف بالنشدرة ،ومن الملاحظ أن بعض الفطريات تفضل العمل في التربة الحمضية حيث لا تزاحمها البكتيريات .
ج - أثر الحيوانات
أكثر الحيوانات تأثيرا على التربة هي الديدان والحشرات والقوارض ، فكثير من الديدان تقوم بمزج وتحبيب التربة ، ومنها ما تتغذى بالتربة وما تحويه من مواد عضوية مثل الحبليل أو الخرطون . إذ أثناء الليل تقوم هذه الحبيلات بنقل الأوراق إلى جحورها لأكلها ، أو تأكل التربة المخلوطة بفتيات البقايا النباتية ، ثم تحولها في بطنها ثم ترمي بها في التربة في شكل مواد قولية أو محايدة مغذية للنباتات، وقد لوحظ أن هذه الديدان ، التي تبلغ تعدادها حتى 5 ملايين في الهكتار ، تكثر في البساتين والمزارع الغنية في الهشيم ، والغابات ، وترغب في التربة الرطبة ، وان ما تفرزه هذه الديدان هو خليط مركب من الطين والغرويات العضوية التي لا يمكن فصلها بسهولة .
والحشرات تعد من الأوائل في العمل لإتمام سلسلة المحليلين للمحمل العضوي ، ومن أهم هذه الحشرات النمل ، والخفافيش وعديدة الأرجل والعناكب والحلزونيات ... وكلها تؤثر بشكل واضح في تكوين الدبال ، سواء أكان ذلك عن طريق عملية النقل أو عملية الهضم ، أو من خلال ما يتبقى من أنسجتها بعد موتها ولا يمكن إغفال أهمية القوارض أيضا في تشكيل التربة خاصة بحفرها لجحورها. وخزنها داخل هذه الجحور لموادها الغذائية النباتية وهي في معظمها من الحيوانات الآكلة للأعشاب مثل الأرانب .
د- أثر الإنسان
يكون أثر الإنسان بتدخله في استثمار الأرض واستغلالها ويؤثر الإنسان في تشكيل وتطوير التربة. وهو تدخل قد يكون موجباً أي يؤدي إلى نشأة وتطوير التربة أو تعديلها واصلاحها ، وقد يكون سلبا إذا أدى إلى انهيارها وإفسادها. ففي مثل الحالة الأولى يقوم الإنسان عند حرثه للأرض بتفكيك الصخر وقلب التربة، ومزج آفاقها، وخلط عناصرها. وفي استصلاحه للوسط يقوم ببناء حواجز لغراسه والأشجار وتنظيم جريان الأنهار وإزالة المستنقعات وصرف الفائض المائي ، وكل هذا بقصد المحافظة على التربة والعمل على إثرائها ، وكما أنه بتسميدها يقوم بتعديل تركيبها الكيماوي ورفع خصوبتها . وقد يؤدي تدخل الإنسان إلى إفساد الأرض باستغلاله الغير عقلاني واستنزافه لخصوبة التربة وخلطها بالنفايات السامة.
وعلى إي حال فإن أثر الإنسان على التربة في الاتجاه الموجب أو السالب يبقى مرتبطاً بمستواه الفكري والتقني وما ارتقى إليه من تقدم حضاري .
4 - مشكلات التربة : الترب في العالم العربي تعاني مشاكل عدة مثل ما تعانيه ترب بقية بلدان العالم الواقعة على نفس خطوط العرض ويسود بها نفس المناخ ومن أهم هذه المشاكل نذكر ثلاثة هي : التصحر والانجراف و التملح .
أ)) التصحر :
هو غزو الصحراء والظروف الصحراوية للمناطق الخضراء والمزروعة وهي من أكبر المشاكل التي يعاني منها الوطن العربي ومن أبرز أسبابه البشرية هي :
1 – الرعي الجائر : تحميل المراعي بعدد من الحيوانات يفوق طاقتها وذلك يؤدي إلى تدهور الغطاء النباتي وانجراف التربة .
2 – قطع الأشجار والشجيرات : يؤدي إلى نشاط التعرية الريحية .
3 – الزراعة الجاهلة : كزراعة الأرض بمحصول واحد والإسراف في استخدام مياه الري وتحويل المراعي إلى أراضي زراعية .
ب)) الانجراف :
هو تخريب للتربة وإتلافها وتشويهها بالأخاديد ونقلها أو تحريكها من مكان تهيئتها إلى مكان آخر وإفقادها لتطورها وخصوبتها. وهناك عوامل عديدة تتحكم في الانجراف أو التعرية أو كما يسميها البعض بالسحل. ومن أهم هذه العوامل نذكر المناخ :
-دور المناخ في الانجراف (التعرية) :
التساقط : يعد التساقط من أهم العوامل المناخية للتعرية واعتمد عليه بعض الباحثين في تقويم وتقدير كمية الأتربة التي تجرفها المياه سنويا. ولا يتحكم التساقط في هذه الكمية فقط ولكن أيضا في سرعة حدوثها. فهناك ارتباط وثيق بين نظام التساقط وشدته من جهة وسرعة التعرية من جهة أخرى .
فمعظم التساقط في البلدان العربية من نوع الأمطار، ولا تنزل الثلوج إلا نادرا أو في مساحات محدودة كالجبال الشاهقة مثلا، ولمدة محدودة من الزمن ، لا تدوم أكثر من أسبوع في الغالب وبذلك فإن ما تقوم به من تعرية فهي محدودة للغاية.
ثم أن نظام الأمطار في البلدان العربية يتصف بالفصلية، فالسنة تقسم إلى فصلين أحدهما ممطر والآخر جاف. والفصل الممطر تنزل أمطاره في أيام معدودة من شهور قليلة قد لا تتجاوز الأربعة أو الخمسة شهور التي تتلقى في بعض الأحيان ثلاثة أرباع المجموع السنوي للتساقط ثم أن هي نزلت قد لا تدوم إلا بعض الساعات من اليوم وقد يكون في شكل سيول جارفة تتعدى 30 مم في اليوم، ربما بلغت هذه الكمية في الساعة الواحدة ، وقد دلت الإحصائيات للأمطار السيلية
أن خمس الكمية النازلة في الفصل الممطر تنزل في شكل أمطار سيلية، أي يربو معدلها اليومي عن 30 مم . وتقل الأمطار كما وتختلف كيفا كلما توغلنا داخل البلدان العربية.
أما فصل الصيف فيعمل الجفاف وما يرتبط به من حرارة ورياح ساخنة على تشقق الصخور وتفككها وتهيئة الرواسب وتجفيف التربة وتحضيرها حتي تصبح سهلة النقل في فصل الشتاء.
كما تساعد الشقوق والشروخ التي يحدثها الجفاف الصيفي على توجيه وتسهيل الجريان السطحي والداخلي، وتبليل الآفاق، ومساعدة الإنزلاقات والإنجرافات أو التعرية المائية بصفة عامة، سواء كانت تناثري أو غطائية أو جدوليه أو خدودية.
وقد أدى اختلاف كميات التساقط وذبذباتها إلى ذبذبة الجريان والانصباب اليومي والشهري والسنوي . فمثلا الانصباب السنوي لوادي الحمام بالجزائر عند سد بوحنيفية قد سجل سنة 1948 ما يقرب من 166 هكتار متر مكعب وهو ضعف ما سجله سنة 1947 الذي حسب فيه الانصباب بما يقرب من 83 هكتومتر مكعب أما الانصباب الأقصى الذي لوحظ لسنة 1948 فقد بلغ 1500 م3 وهو أكبر بأربعين مرة مما سجله في سنة 1947. وبصفة عامة ودون أن ندخل في التفاصيل يمكننا القول أن جريان الأودية في البلدان العربية شديد الذبذبة كما وكيفا وزمنا، إذا علمنا هذا أدركنا مدى فعالية الأمطار والجريان على التعرية في الوطن العربي، فمياه الأودية قلما كانت صافية، وتسجل لها فيضانات عديدة أثناء الفصل الممطر، وقد لا تدوم هذه الفيضانات إلا لحظات معدودة . لكن أخطارها كبيرة حيث تجرف آلاف الأمتار المكعبة من الأتربة لتلقى بها في المنخفضات، أو تملأ بها قاع السدود، أو تنقلها إلى البحر..وقد دلت القياسات أن سد فرجوج بالجزائر ينقل إليه وادي الحمام معدلا سنويا يقرب من 500 ألف متر مكعب من الأتربة أو الوحل الذي يتشكل من طين وطمي ورمال. وحسب الدراسات التي قام بها العديد من الخبراء على التعرية في الجزائر فقد قدرت التبة المنقولة سنويا بحوالي40 ألف هكتار تفقدها الأراضي الزراعية .
ج)) التملح :
هو ارتفاع نسبة الأملاح في الطبقة الرقيقة من التربة التي ينمو فيها النبات إلى درجة تعيق تدريجياً خصوبة التربة إلى أن تخرج في النهاية من الاستثمار وتكثر في أودية الأنهار ودالاتها وفي السبخات والشطوط كما في وادي الفرات والعراق الأدنى والوادي الجديد في مصر .
– الإطار النظري :
أ – تصنيف الترب في الوطن العربي .
1 - أهمية التصنيف
2 - مدراس التصنيف
ب – أنواع التربة في الوطن العربي .
ج – العوامل المؤثرة في التربة .
1 - المناخ
2 - التضاريس
3 - الكائنات الحية
4 - الصخر
د – مشكلات التربة .
1 – التصحر
2 - انجراف التربة
3 - تملح التربة
7 – المراجع .
الإطار النظري
1 – تصنيف الترب في الوطن العربي :
أ ))- أهمية التصنيف :
لعل أهم ما يلفت الأنظار في تصنيف الترب في العالم العربي هو صعوبة تطبيق التصنيفات الأجنبية والأوروبية والأمريكية،ذلك لشدة تنوع الترب في البلدان العربية وما يميزها عن كثير من الترب في العالم ، لذلك يكون من الضروري أحداث مدرسة عربية لدراسة وتصنيف ورسم خرائط الترب في العام العربي.
ب)) - مدراس التصنيف :
لئن كان تصنيف التربة ضروري حتي يسهل إدراكها ويكتمل استعمالها فإن مشكلة هذا التصنيف لازالت قيد الأخذ والرد والنقاش ، وذلك لعدة أسباب ، منها : كثرة العوامل المشكلة للتربة ، ثم لعدم وجود فواصل واضحة بين المراحل الاستمرارية لتطوير التربة ، على عكس فكرة التصنيف التي تقضي بالقطيعة . فمن تعريفنا للتربة على أنها النتاج الأخير لعوامل : طبيعية وحيوية ، ظلت تعمل متعاونة ، مدة طويلة من الزمن لتشكيلها ، يظهر لنا أن هذه العوامل كثيرة ومتنوعة وأن إدخالها كلها في التصنيف قد يؤدي بنا إلى بلوغ أرقام من الأنواع يصعب إدراكها . فمثلا التصنيف الأمريكي قسم التربة إلى ما يقرب من عشرة آلاف نوع. لهذا كان من الضروري اختيار البعض من هذه العوامل ، لكن أهم مشكلة تعترض البيولوجيين في تصنيفاتهم للتربة هي مشكلة انتقاء معايير التصنيف مما جعلهم يختلفون في نتائجهم ، حتى يمكن أن أقول أن هناك أكثر من مائة تصنيف ، بل تكاد تكون أنواع التصنيفات بعدد المؤلفين في هذا الموضوع . وبعد المؤتمر العالمي الخاص بالتربة المنعقد بموسكـو سنة 1974 أجريت تعديلات على أسس التصنيف بهدف توحيده لكن الاتفاق النهائي لازال غير وارد حتى يومنا هذا . والمتتبع لهذه التصنيفات يلاحظ أن هناك ثلاث مدراس لتصنيفات التربة في العالم : المدرسة الروسية والأوروبية والأمريكية يضاف لها منظمة الفاو.
أ - المدرسة الروسية :
تعد أقدم المدارس حيث تعود إلى أواخر القرن الماضي (V.V DOKCHEV 1885) فيها اتخذ من المناخ معيارا للتصنيف ، فصنف التربة في العام إلى ثلاث أنواع هي التربية الطاقية ZONAL التي فيها اليد العليا للمناخ في تشكيلها. وهي تتماشى والنطاقات المناخية التي تظهر موزعة في شكل نطاقات محيطة بالكرة الأرضية مثل التربة البودزولية لمناخ التيقا، والتشر نوزم لمناخ السباسب ، وتربة السيروزوم للمناخ الصحراوي . ثم التربة بين النطاقية INTERZONAL وهي التي لا يعود الأصل في نشأتها للعوامل المناخية فقط ولكن لعوامل أخرى واضحة من نباتات وتركيب صخري ، مثلا التربة الملحية والتربة الكلسية ، ثم التربة الانطلاقية AZONALوهي التي يعود الأصل في نشأتها إلى الظروف المحلية كالتضاريس أو الايكولوجية مثل تربة الانحدارات المتجددة بالنحت والانحراف، بتربة التوربيار، والتربة الطميه اللحقية والتربة المائية الخ...
وهذا التصنيف الروس يتماشى والنظرة الجغرافية الطبيعية . وله بعض الثغرات ، فمثلا التربة الحمراء أو تربة البحر المتوسط هل تعد من الترب النطاقية أو تصنف ضمن الترب بين النطاقية ؟ . ثم أنه لم يأخذ في التصنيف بمعظم العوامل المؤثرة في التربة حتى أعطتها ميزتها الخاصة ، لكنه ركز فقط على عمال المناخ .
ب - المدرسة الأوروبية :
وهي مدرسة حديثة ظهرت نتيجة للتقدم العلمي ، خاصة العلوم الفيزيائية والكيمائية . وقد اتخذت من الصفات الجوهرية للتربية ومدى تطورها معيارين أساسيين للتصنيف ، بدلا من العوامل الخارجية ، أي بدلا من المناخ وحده . فهي تسعى إلى الخلاصة الايكولوجية المبنية على استعراض مجموع من المعطيات يمكن إيجازها في ثلاثة هي : هي الوسط MILIEU ، التطور PROCESSUS ثم الخصائص CARACTERES . من بين هذه التصنيفات الأوروبية نذكر التصنيف الفرنسي للتربة الذي اقترحه دي شوفورDUCHQAUFUR)1) سنة 1967 واعتمدت عليه اللجنة العلمية لخريطة التربة بفرنسا التي صنفت التربة على أساس النشأة والتطور والمميزات إلى أصناف هي : غير متطورة، قليلة التطور، رطبة، ملحية، حديدية، متطورة للبحر المتوسط، حديدية استوائية، حديدية شبه مدارية، مقلوبة منسجمة دباليا، مقلوبة، سمراء، بودزولية، حمراء للبحر المتوسط، حديدية مدارية، حديدية للمناطق الرطبة، وكل فئة من هذه الفئات صنفت إلى فئات ثانوية.
فالحيرية مثلا قسمت إلى ثلاث فئات ثانوية هي : قليلة الدبال، دبالية، كثيرة الدبال، فالتصنيف الفرنسي للتربة يسمح باستيعاب معظم مجموعات الترب في
العالم وتفرعاتها، وللتطبيق ميدانيا، إلا أنه يعجز عن الجمع بين كل العوامل لنشأة كل أنواع الترب في العالم.
ج- المدرسة الأمريكية :
انتهـت محاولات تصنيفات علماء التربة بالولايات المتحدة منذ سنة 1960 إلى تصنيف يكاد يكون نهائيا سنة 1957 وهو تصنيف قائم على تشخيص الآفاق من حيث التكوين والمورفولوجيا والتركيب الكيماوي والفيزيائي أي اعتمد في دراسته للتربة على كل صفات التربة تقريبا. واتخذ من اللغتين اللاتينيـة واليونانية مرجعا لاشتقاق التسميات، أسوة بعلم تصنيف النباتات، والحيوانات. واعتمادا على الآفاق الأساسية للتشخيص صنفو أولا التربة إلى فئتين هما : التربة المعدنية والتربية العضوية أو الدبالية التي تزيد فيها نسبة الفحم العضوي عن 18% أما ما نقص عن ذلك فتعود إلى صنف التربة المعدني، ثم صنفت هاتان الفئتان إلى عشرة رتب ثم صنفت كل رتبة إلى ما تحت الرتب فصارت (47) ثم هذه إلى مجموعات كبرى فصارت (185) ثم هذه إلى ما تحت المجموعات (970) ثم هذه إلى عائلات (4500) ثم هذه إلى سلاسل حتى أصبحت تضم 10500 سلسلة. من محاسن التصنيف الأمريكي ضبط ودقة وترقيم معايير التصنيف التي بمعرفتها يمكن للباحث أن يرد التربة إلى صنفها مهما كان موضوعها في العالم. أما مساوية فتتجلى في اعتماده بالدرجة الأولى لتشخيص التربة على أفق واحد هـو الأفق السطحي بينما التربة في معظمها تتشكل من عدة آفاق مرتبطة ببعضها وتتأثر ببعضها ثم إن المعطيـات العددية التي يعتمد عليها هذا التصنيف لا تتوفر دائما لدى الباحثين ففيما يخص الرطوبة مثلا التي تدخل في تصنيف ما تحت الرتب يجب معرفة عدد الأيام الحافة المتتالية وغير المتتالية بالضبط التي فيها ظلت التربة جافة ورطوبتها دون نقطة الذبول..
د- تصنيف الفاو :
كان الهدف من تصنيف المنظمة العالمية للتغذية للتربة رسم خريطة التربة للعالم منذ سنة 1960 وبعد مشاورات عديدة لعلماء وباحثين في هذا الميدان والإطلاع على مختلف أنواع الترب في أكثر من 40 بلدا في العالم ، واقتراحات كثيرة وتعديلات متتالية انتهت منظمة الفاو سنة 1973 إلى وضع خريطة التربة في العالم تحوي 26 وحدة أساسية للتربة في العالم ثم صنفت كل وحدة إلى وحدات فرعية تتراوح ما بين 2 و9 ، ومرتبة ترتيبا منطقيا حسب درجة التحول والتطور.
وتصنيف الفاو يشبه تصنيف الأمريكان خاصة في الاعتماد على تشخيص الآفاق وأشكالها ، لكن جاء ببعـض التعديلات للتصنيف الأمريكي ، مما يلاحظ على تصنيف الفاو أنه أبسط وأكثر اختصارا. وأخــيرا أدمجوا في وحدة التربة الغنية
بالدبال خمس وحدات من الترب هي : الشيرنوزم ، الكاتانوزم، الجريزم، الفاوزم ، الرندزين. وضموا إلى التربة الملحية كل من تربتي السولنتشاك و السولونيتز.
ومما يؤخذ على تصنيف الفاو أنه أكثر تشعبا وتعددا للوحدات بين (26 وحدة) وإنه لا يميز كثيرا بين أنماط التحول ودرجاتها، لهذا راحوا يبحثون عن مشروع آخر للتصنيف.
الخلاصة :
أن تصنيفات التربة حتى اليوم إي حتى بداية التسعينات من القرن العشرين ، لازالت لم تصل إلى نهاية وإجماع دولي في توحيد تسمياتها ومناهجها وضبط أنواعها ، خاصة بعد الاكتشافات المتتالية والمعلومات المتجددة باستمرار التي ظل العلماء يحصون عليها عن طريق الأقمار الصناعية أو ما يعرف بطرق الاستشعار عن بعد وقد وضعت الأمم المتحدة برامج الاستزادة في جمع المعلومات عن كوكبنا هذا ، يابسة ومائه ، بواسطة الأقمار الصناعية التي ما فتئت ترسلها الدول الكبرى .ومن هنا يمكن للدول النامية الاستفادة منها ، فعلى الدول العربية أن تندمج في هذا الإطار وأن لا تضيع الفرصة للاستفادة من هذه الكشوفات والتطورات التقنية الحديثة لضمان مكانتها في هذا العالم ومستقبلها في هذا الوجود . وسنختار في تصنيفنا لأنواع الترب في الوطن العربي التصنيف الذي تسوده الصبغة الجغرافية والذي سار عليه أغلب البيولوجيون في العالم وهو إغفال عامل المحطة، والـظروف المحلية. لهذا صنفنا تربة الوطن العربي إلى نطاقية وتشتمل ترب : البحر المتوسط ، سهوب ، الصحراوية والإنطاقية وتضم الترب : المقلوبة ، الجبلية ، الفيضية ، الملحية .
2- أنواع الترب في الوطن العربي :
تتنوع الترب في الوطن العربي وتختلف من منطقة إلى أخرى خاصةً وأن الوطن العربي يتوزع في مناطق مناخية مختلفة وهذه الأنواع من الترب هي :
أ)) تربة البحر المتوسط : توجد على منحدرات جبال بلاد الشام والجبل الأخضر والمغرب وهي تربة جبلية لونها أحمر لغناها بأكسيد الحديد ويتحول هذا اللون إلى الأسمر إذا ارتفعت فيها نسبة أكاسيد المنغنيز وهي خصبة مفككة وتعد من أجود أنواع الترب تصلح لزراعة الحبوب والزيتون والحمضيات والتين .
ب)) تربة المناطق المعتدلة شبه الجافة ( السهوب ) :
تظهر شمالي العراق وبلاد الشام وسواحل طرابلس في ليبيا وتمتد متصلة من جنوب شرق تونس حتى المحيط الأطلسي في المغرب العربي وهي تربة أصلية سمراء ترتفع فيها نسبة الطين والكلس وتقل نسبة المواد العضوية لفقرها بالغطاء النباتي وتصلح لزراعة النباتات ذات الجذور الفقيرة القصيرة وبخاصة الحبوب .
ج)) تربة المنطقة الصحراوية :
تغطي معظم مساحة الوطن العربي ونميز منها :
- التربة الصحراوية:وهي طبقة من الفتات تتباين سماكتها حسب المنطقة يكثر فيها الجبس والأملاح المعدنية تفتقر إلى العناصر الدقيقة التي تسفيها الرياح لا تصلح لزراعة غير أنه ينمو بعد سقوط الأمطار أعشاب وشجيرات متباعدة تلاءمت مع الجفاف الشديد وملوحتها العالية .
- تربة الواحات : رملية طينية فقيرة بالكلس تحتاج إلى مياه وفيرة لتنتج زراعات المنطقة الحارة كالنخيل والقطن .
- تربة اللوس : تتكون من غبار ناعم رسبته الرياح يوجد فيها الكلس والرمل بنسب متفاوتة تغطي مساحات من شمالي سيناء وهضبة النقب وجنوبي شبه الجزيرة العربية تجود فيها زراعة الحبوب إذا توفر لها الري .
د)) تربة المناطق شبه الجافة المدارية ( البنية ) :
توجد جنوبي شبه الجزيرة العربية ووسط السودان وجنوب موريتانيا تحوي نسبة عالية من الطين والمواد المعدنية ونسبة محدودة من المواد العضوية تصلح لزراعة الحبوب والقطن إذا توفر لها ري مناسب .
ه)) التربة السوداء :
توجد في الجولان والجزيرة العليا ومناطق السافانا جنوبي السودان وجنوبه الغربي جاء لونه الأسود من غناها بالمواد العضوية ( الديبال ) وهي تربة صلصالية طينية تحول دقة مسامها دون تهويتها الجيدة ونفاذ الماء فيها , تتوقف جودة استثمارها على أساليب زراعية تصلح لزراعة القطن والرز.
ل)) التربة المدارية الحمراء :
تظهر في أقصى جنوب غرب السودان والصومال وهي مغسولة لكثرة ألأمطار, فقيرة بالمواد العضوية والمعدنية عدا أكاسيد الحديد التي أعطتها لونها الأحمر تزرع بالموز والسكر والشاي إذا توفر لها السماد .
و)) التربة البركانية :
تظهر في بلاد الشام الوسطى والجنوبية وجهات متفرقة من شبه الجزيرة العربية وخاصة اليمن وليبيا والمغرب العربي وهي تربة غضارية غنية بالعناصر المعدنية أعطتها أكاسيد الحديد لونها الأحمر الداكن تصلح لزراعة جميع الغلات الزراعية .
ي)) التربة الفيضية ( اللحقية ) :
توجد في أودية الأنهار ودالاتها (سهول دجلة والفرات والنيل ) والمنخفضات الداخلية منقولة غضارية غنية بالمواد المعدنية ترتفع فيها نسبة الأملاح في مجاري الأنهار الدنيا بسبب التصريف السيء تصلح للزراعات كافة إذا رُشِد فيها الري والصرف واستخدمت الأسمدة .
3- العوامل المؤثرة في التربة :
أ )) المناخ
يقع العالم العربي ضمن نطاقات المناخ الساخن المداري وشبه المداري ولهذا كانت سرعة التأثير الميكانيكي والكيماوي في تشكيل التربة واضحة للغاية إذا
ما قورنت بسرعة التأثير في الأقاليم الباردة .وهذا المناخ الساخن الذي يسود في البلدان العربية يتمثل فيما يعرف بالمناخ الصحراوي والقاري والسوداني والبحر المتوسط.
أ - الأمطار :
تتميز تلك المناخات بنظام فصل رطب فيه قد تتفوق عملية التساقط على عملية التبخر ما عدا في المناخ الصحراوي . وبذلك فإن هذه العملية تشبع التربة بالمياه وحركة العناصر الدقيقة للتربة المذابة في المياه من أعلى إلى أسفل هي السائدة بينما في الفصل الجاف فإن عملية التبخر تفوق عملية التساقط . وبالتالي تسود في الغالب ظاهرة حركة العناصر الدقيقة للتربة المصحوبة للمياه من أسفل إلى أعلى. وقد اشرنا سابقا إلى أن هذه الحركة من أعلى إلى أسفل تارة ومن أسفل إلى أعلى تارة أخرى هي التي أدت إلى إذابة الأملاح وترسيبها وتشكيل ما يعرف بالتربة الملحية وكذلك القشور الجبرية . أن الهجرة التصاعدية للأملاح واضحة في البلدان العربية نتيجة شدة التبخر وما تتطلبه من تصاعد المياه للتعويض وهو تصاعد يعرف بالتيار الشعري الصاعد المصحوب بأملاح مذابة أو كاسونات في حالة مذابة مثل Ca++وNa+ و . Fe++و إن تصاعد كربونات الكالسيوم في الترب الحمراء الحديدية مشهور للغاية في المناطق المعرضة للتناقض الفصلي الواضح. ولا تعمل مياه التهاطل على إذابة الأملاح فقط وتحليل المواد العضوية بل تعمل على زيادة حجم التربة بزيادة نسبة ما تحويه التربة من مياه وهي العملية المعروفة بالتميه كما هو الحال للتربة المقلوبة المذكورة سابقا التي تتمدد في فصل الأمطار وتتشقق في فصل الجفاف، والحركة السطحية لمياه الأمطار تؤدي إلى تنقل الفتيتات الصخرية والرواسب المختلفة من أماكن تحضيرها إلى أماكن ترسيبها ، واليها يعود الفضل في تشكيل مساحات واسعة من أتربة الوطن العربي خاصة تلك الأتربة الفيضية في إقليم دجلة والفرات وعلى ضفاف النيل ودلتاه الواسعة الأطراف، وما التوضعات السيلية عند أقدام المرتفعات إلا نتيجة لمياه الأمطار المنحدرة، وهذه التوضعات قد تكون مختلفة في مظهرها الفيزيائي، وكذلك الرواسب المروحية التي تخلفها المجاري المائية أو الشعاب عندما يقل انحدارها. ولا تقوم المياه الجارية بنقل الفتيتات الصخرية أو ترسبها فقط بل تقوم
بحتها ونحتها وتفكيكها وإعطائها أشكالا معينة بصرف الجزئيات الصخرية ببعضها. وأخيرا ينبغي عدم إغفال قوة سقوط القطيرة المائية من السماء على سطح الأرض فإنها تؤثر تأثيرا واضحا على تفكيك الصخر وهذا التأثير تابع
لحجم هذه القطيرة وسرعة نزولها ومدى مقاومة الصخر لها.
ب- الحرارة :
لا يقل تأثير الحرارة في تشكيل التربة عن بقية عناصر المناخ إلا أن تأثيرها آلي أكثر منه كيماوي. فالفوارق الحرارية واضحة في المناطق الصحراوية وما يؤدي إليه من تقشر الصخور لعامل ميكانيكي واضح للغاية وقد لوحظ أنه كلما زادت الفوارق الحرارية زاد التفتيت أي زادت الحرارة من تهيئتها للفتيتات الصخرية وساعدت على تنشيط النحت الريحي. إذا كانت المياه أكثر تأثيرا في عمليات التحويل والتشكيل للتربة فإن الحرارة تزيد من قدرة وسرعة التحويل . فهي تنشط من عملية التحليل الكيماوي ، وتنشط الحيوانات التي تقوم ببناء التربة وتثبيت الأزوت ، وتفكيك الدبال كما تؤثر حرارة التربة على نسبة تبخر ماء التربة وبالتالي تخفيفها وتنشط الحت الريحي ، ونظرا لشدة ارتباط التبخر بالحرارة فقد استعملها بعض الباحثين وعلى رأسهم ثورنتوايت في تقدير كمية التبخر وبما أن التربة في البلدان العربية لا تتعرض للتجمد على عكس ماهو الحال في الأقطار الباردة فإن أثر التجمد غير واضح في تشكيل الترب في البلدان العربية. بل أن لعامل الحرارة اليد العليا الذي أدى إلى زيادة غنى التربة بأكسيد الحديد والألومينيوم وفقرها في مركبات السليس على العكس ماهو في المناطق الباردة.
ج- الرياح :
السبب في تشكيل التربة الرملية أو الكثبان الرملية أو تذرية وتصفية التربة الصخرية من الرمال الدقيقة . الصحراء تعود بالدرجة الأولى إلى الرياح التي تقوم بنقل الحبيبات الصخرية الدقيقة فقط وتقـوم ببريها أيضا وحكها ببعضها وتكسيرها بضربها ببعضها، ثم عند ما تضعف قوتها ترسبها لتشكل بها ما يعرف بالتربة الهوائية نظرا لأن الهواء كانت له اليد العليا في تشكيلها.
ب)) التضاريس
تعد التضاريس من الظروف المحلية المؤثرة في تشكيل التربة. حيث أن الفوارق واضحة بين ترب المنحدرات والسفوح المختلفة وبين أقدام هذه السفوح وبطون الشعاب والأودية والسهول المجاورة لهذه التضاريس ويزداد أثر الطبوغرافية لتشكيل وتطوير التربة في المناطق الحارة كما هو الحال في البلدان العربية إذا ما قورنت بالبلدان الباردة . ويتجلي أثر هذه التضاريس على تشكيل التربية في الآتي:
أ - التطور :
تربة السفوح والمنحدرات أقل تطورا من تربة المنخفضات وأقدام الجبال، وقد يؤدي شدة الانحدار إلى عراء السفح وخلوه تماما مما اصطلح عليه بالتربة ، فيظهر الصخر الأم بارزا للعيان ، إذ أن شدة الانحدار قد تؤدي إلى انجراف وانزلاق حتى الحجارة الكبيرة الأحجام . وإذا ماكان السفح معتدل الانحدار فقد تتساوى فيه عملية التهيئة بعملية النقل وفي هذه الحالة لا تظهر التربة الناضجة ذات الأفاق المتنوعة لكن التربة الحديثة القليلة السمك الوحيدة الأفق. أما السفوح الضعيفة الانحدار فقد تتفوق فيها عملية التهيئة على عملية النقل فتظهر بها تربة قد تكون قريبة من النضج .
ب- الصرف:
بصفة عامة الصرف أجود على المنحدرات منه على المنخفضات وفي المناطق الرملية يلاحظ أن اختلاف أحجام حبيبات الطبقة الرملية قد يؤدي إلى اختلاف التسرب باختلاف الإنحدار . فعلى السطوح المنحدرة تتفوق عملية النقل الأفقي ، وعلى العكس من ذلك في الأماكن المستوية ، حيث تتفوق الحركة من أعلى المنحدر إلى أسفله تتمثل في السليس والقواعد التي تتركز في المصبات وبذلك فإن أغلب أعالي السفوح تكون فقيرة بالسليس والقواعد . وكثيرا ما أعطت أكاسيد الحديد اللون الأحمر الفاتح للسفوح الجيدة الصرف بينما في الأماكن المنخفضة فكثيرا ما أضفت أكاسيد الحديد على التربة اللون الأحمر الداكن .
ج- النسيج:
تتدرج تربة السفوح في أحجام حبيباتها من أعلى المنحدر إلى أسفله، فهي وإن كانت خشنة بصفة عامة لكن تكون أحجامها متشابهة على نفس خط التسوية ، ومختلفة باختلاف خط التسوية، وشديدة التنوع، مما قد يؤدي إلى صعوبة توضيحها على الخرائط فقد تظهر في شكل فسيفساء على عكس المناطق السهلية التي تمتد فيها التربة في الغالب إلى مساحات واسعة .
د- الرطوبة:
تتناقص الرطوبة في التربة كلما اتجهنا نحو أعالي المنحدرات على عكس ماهو معروف في عملية التساقط ويزداد هذا التناقص وضوحا في المناطق الجبلية بالبلاد العربية للحركة الأفقية لماء المطر ضمن التربة وعلى سطحها . دائماً في موضوع الرطوبة يلاحظ أن تربة السفوح المقابلة للرياح الممطرة أوفر رطوبة من تربة السفوح الواقعة في ظل المطر . ولا يخفى ما لهذا الاختلاف من أثر على الغناء النباتي وما تخلفه هذه النباتات من دبال أكثر من غيرها ، وما يحدث لها من تحلل كيماوي . فتربة السفوح الممطرة أكثر رطوبة ونباتا ودبالا من عكسها.
هـ- الانحراف :
الانحراف والحت والترسيب كل هذه تتأثر بالتضاريس فالانحدار يساعد على النقل والانجراف لهذا كانت تربة السفوح أقل تطور من السطوح المستوية، وقد لوحظ أن طرفا من المنطقة المتضررة يفقد غالبا قسما كبيرا من أفقه الخصب , وأن النحت المستمر للسفوح يعد من أهم العوامل لتجديد شبابها.
وربما أدت زيادة الانحدار إلى زوال الأفق فيزول معه التركيب البيولوجي بكامله وقسم من الصخور المتفككة التي تنقل لتتوضع في المنخفضات فوق الترب الأصلية وبذلك تشوه وضعها الطبيعي الأصيل. وتكون الرواسب والحجارة المنقولة خشنة عند نهاية المنحدر وتزداد نعومة كلما ابتعدنا عن ذلك .
ج)) الصخر
للعامل الصخري الأثر الأكبر لتشكيل التربة في المناطق الحارة الجافة على عكس المناطق الرطبة والباردة المتوفرة الهطال. وبتركيبه المعدني وعمر الرواسب يتدخل الصخر في تشكيل التربة، التي تختلف باختلاف الصخر الأم. والعالم العربي يذخر بصخور متنوعة من حيث الأصل والتركيب منها الصخور الاندفاعية كالبازلت التي تتكون منها المناطق العديدة المجاورة للصدع الأسيوي الإفريقي الكبير الممتد من الصومال حتى سوريا مروراً باليمن وجبال عسير، وكصخور الجرانيت التي تحتل مساحة واسعة من جبال الهوقار، وتيبستي. كما تظهر بالبلدان العربية الصخور المتحولة والرسوبية وهي الأكثر انتشارا. ومن الطبيعي أن ينعكس التركيب المعدني للصخر على التربة التي تنشأ منه.
فالجرانيت يعد من الصخور الحمضية التي ترتفع بها نسبة السليس. فهو يعطي تربة ذات تفاعل حامضي، والسينيت يعطي تربة معتدلة، والبازلت يعطي تربة قاعدية أي قلوية. والصخور الرسوبية تعطي تربة فيضية أو سيلية أو سقوطية.
والصخور الجيرية الصلبة السطحية تتآكل بالرطوبة ليتفكك منها في كل مرة جزء من الكاربونات التي تنحل وتذوب ولا تبقى بالصخر الالسلكات أو الطين التي قد تسحبها المياه لأماكن منخفضة، أما الصخور الجيرية المخلوطة بالطين فتتحول إلى ذرات دقيقة إذا ما دخلتها المياه التي تعمل على انتفاخها وتفكيكها. ومن مميزات الكالسيوم أن وجوده في التربة يؤدي إلى تعديل حموضة المركب الدبالي أو رفع ال PH وهذا يلائم النشاط البيولوجي.
وبصفة عامة فإن الصخور الرسوبية أسهل إنفكاكاً وتحليلا من الصخور الاندفاعية.وبما أن الصخور تتشكل من معادن مختلفة في الصلابة والانحلال فإن مقاومتها مختلفة فالكوارتز مثلاً قليل التأثر لكن تحت المناخات الحارة والرطبة يذوب كلياً في بعض الترب الحديدية ، والفيلدسباف كثير التأثر خاصة إذا كان فقيرا بالسليس فيتحلل بسهولة إذا ما تعرض لعملية التميه أو الأكسدة. وعملية التحويل الصخري في المناخات الحارة تكون أسرع في الصخور البازلتية منها في الصخور الجرانيتية وبصفة عامة يمكننا أن نقول أن الصخور الحمضية الغنية بالسليس أكثر مقاومة لعملية التحويل من الصخور القاعدية الفقيرة بالسليس الغنية في الحديد والماغنيزيوم. ولا تؤثر الصخور في تركيب التربة فقط ولكن أيضا في مساميتها، حيث أن الصخور الرملية تعطي تربة هشة جيدة الصرف، سهلة الإثارة بينما العكس للرواسب الطينية .
و لا يخفي أيضا ما لعمر الرواسب من أهمية في تشكيل بعض الترب خاصة التربة الحديدية التي تتطلب مدة زمنية طويلة تعمل فيها الظروف المناخية لتصعيد أكاسيد الحديد، وصبغ التربة باللون الأحمر .
د)) الكائنات الحية
لا يقل أثر الأحياء في تشكيل التربة عن بقية العوامل ، فهي لا تعمل على تفكيك الصخر فقط لتشكيل معادن التربة ولكن بعد موتها تدخل بقاياها ضمن العناصر الداخلة في تكوين التربة وإعطائها خصائصها المعينة، حتى أن بعض البيولوجيين لا يعدون الفتيتات الصخرية تربة إلا إذا كانت حاوية لنسبة ولو قليلة من المواد العضوية. وعمل الكائنات الحية في التربة يختلف تبعا لنوعية هذه الكائنات إذ منها النباتات والبيكتيريات والفطريات والاشنيات والحيوانات، والإنسان، كذلك تختلف شدة تأثير هذه الأحياء باختلاف كثافتها .
أ - أثر النباتات :
قد جرت العادة على إطلاق كلمة دبال Humus على البقايا النباتية التي تتوقف وفرتها على وفرة مصادرها، فالأقاليم الغابية مثلا أوفر دبالاً من الأقاليم الفقيرة في الغطاء النباتي، وبما أن العالم العربي تحتل به الصحاري مساحة واسعة كانت معظم تربه فقيرة بمادة الدبال بصفة عامة. وإذا ما استعرضنا تربته وأردنا تصنيفها حسب ما تحويه من دبال يضعف كلما ابتعدنا عن السواحل وتوغلنا في الداخل بصفة عامة ، وذلك لأن الأقاليم النباتية في البلدان العربية تتركز على السواحل الوفيرة بالأمطار وتقل كلما توغلنا في الداخل .
وتختلف سرعة تحول البقايا النباتية إلى دبال ثم معدن صالح لامتصاص النباتات باختلاف الوسط والمادة، فهو تحول سريع في الوسط الذي يشتد به النشاط الحيوي أي الوسط القليل الحموضة الجيد التهوية حيث قد لا يستغرق أكثر من سنتين كما هو الحال في البقايا النباتية لبحر المتوسط حيث لايدوم فيها التبدل أكثر من سنتين إلا نادرا ويسمى هذا الدبال بالمول الذي يظهر في شكل بقايا نباتية دقيقة لا يزيد سمكها عن بعض السنتيمترات في فصل الخريف ثم تذوب وتختفي تماما في فصل الصيف وهو مول يحتوى نسبة مرتفعة من الكالسيوم الذي يعمل على التقليل من حموضة التربة وارتفاع نسبة الطين وهيدرات الحديد .
أما الأوساط ذات النشاط الحيوي البطيء فإن التبدل بها بطيء للغاية حيث قد يدوم حتى 20 سنة لتتم عملية تحويل البقايا النباتية إلى دبال. لهذا لا نجد بالبلدان العربية التربة ذات الأفق العضوي الذي يرمز له بالحرف A° والمعروف
بالمورالانادرا وهو الأفق الذي يميز الترب الباردة. ونباتات البلدان العربية في معظمها من نوع النباتات التي تنحل بسرعة لتعطي تربة المول، مثل النجليات والقطنيات ، وأشجار الدردار والسنديان .Quarks والألم Ulmus والمغث أو جار الماء Incaanca Alnus والزيزفون Tilia vulgaris الخ ... وتندر بالبلدان البطيئة التبدل مثل النباتات الحمضية التي تعطى التربة المرتكزة في
مناطق الغابات المخروطية التي تشتهر بها الأقاليم الباردة والتي تكسوها الثلوج لفترة من السنة.
وقد لوحظ أن تركيب فراش البقايا النباتية يؤثر أيضا في النشاطات الحيوية فبعض المركبات تحدث تأثيرا موجبا على النشاطات الميكروبية، والعكس لمركبات أخرى، فإذا المحمل يحتوى نسبة معتبرة من الأزوت يساعد على سرعة التبدل ثم التمعدن . أما إذا كان محتويا على نسبة معتبرة من الصماغ أو الدباغة فقد يفرمل عملية التبدل وبالتالي التمعدن .
ويتجلى تأثير النباتات على التربة في الآتي :
أ - تفكيك الصخر وحفظه من الانجراف ، إذ بعروقها تحمى التربة وتقلل من سرعة المياه الجارية وتصد سرعة الرياح. ويقدر الباحثون حت التربة للكيلومتر المربع في المناطق العادية بما يقرب من 100/ط للهكتار الواحد في الأراضي الخالية من الغطاء النباتي وأقل من طنين للهكتار الواحد تحت الغابات .
ب -تدخل في تكوين التربة وتؤثر في اتجاه تكوينها ونوعيتها . فالتربة السوداء غنية بالكالسيوم لأنها تحمل غطاء من أعشاب النجليات المعروفة بأوراقها المكتنزة بالكالسيوم الذي تعيده للتربة بعد انحلالها .
ج - تخلف دبالاً أكثر انسجاما في البلدان الحارة كالبلدان العربية إذا ما قورنت بالبلدان الباردة .
د - تحفظ التربة من غسلها من المواد المعدنية ضمن القطاع الرأسي للتربة .
ه - عروقها تساعد على إدخال الدبال إلى أعماق التربة .
ن - تعمل على تعديل المناخ المحلي للأقليم بتقليلها لكمية الإشعاع الشمسي الواصل إلى سطح وأعماق التربة وتحد من الفوارق الحرارية ، وتزيد التربة قدرة على خزن المياه .
ب - أثر البيكتيريات والفطريات
تقوم البيكتيريات بتثبيت النتروجين والأزوت وأكسدة الكبريت ومركبات الحديد، كما تعمل على تخمر مائية الفحم وتهديم السليكات وتمثيل الفوسفور. أما الفطريات فتعمل على تحليل المادة العضوية وهضمها وتحويل النشادر إلى نترات. نشاطها في الأراضي المهوية الغنية في البقايا النباتية . وينتهي عمل البيكتيريات والفطريات بتحليل المواد العضوية وتحرير الأزوت N في شكل 3NH والكاربون في شكل CO2 وهذا ما يعرف بالنشدرة ،ومن الملاحظ أن بعض الفطريات تفضل العمل في التربة الحمضية حيث لا تزاحمها البكتيريات .
ج - أثر الحيوانات
أكثر الحيوانات تأثيرا على التربة هي الديدان والحشرات والقوارض ، فكثير من الديدان تقوم بمزج وتحبيب التربة ، ومنها ما تتغذى بالتربة وما تحويه من مواد عضوية مثل الحبليل أو الخرطون . إذ أثناء الليل تقوم هذه الحبيلات بنقل الأوراق إلى جحورها لأكلها ، أو تأكل التربة المخلوطة بفتيات البقايا النباتية ، ثم تحولها في بطنها ثم ترمي بها في التربة في شكل مواد قولية أو محايدة مغذية للنباتات، وقد لوحظ أن هذه الديدان ، التي تبلغ تعدادها حتى 5 ملايين في الهكتار ، تكثر في البساتين والمزارع الغنية في الهشيم ، والغابات ، وترغب في التربة الرطبة ، وان ما تفرزه هذه الديدان هو خليط مركب من الطين والغرويات العضوية التي لا يمكن فصلها بسهولة .
والحشرات تعد من الأوائل في العمل لإتمام سلسلة المحليلين للمحمل العضوي ، ومن أهم هذه الحشرات النمل ، والخفافيش وعديدة الأرجل والعناكب والحلزونيات ... وكلها تؤثر بشكل واضح في تكوين الدبال ، سواء أكان ذلك عن طريق عملية النقل أو عملية الهضم ، أو من خلال ما يتبقى من أنسجتها بعد موتها ولا يمكن إغفال أهمية القوارض أيضا في تشكيل التربة خاصة بحفرها لجحورها. وخزنها داخل هذه الجحور لموادها الغذائية النباتية وهي في معظمها من الحيوانات الآكلة للأعشاب مثل الأرانب .
د- أثر الإنسان
يكون أثر الإنسان بتدخله في استثمار الأرض واستغلالها ويؤثر الإنسان في تشكيل وتطوير التربة. وهو تدخل قد يكون موجباً أي يؤدي إلى نشأة وتطوير التربة أو تعديلها واصلاحها ، وقد يكون سلبا إذا أدى إلى انهيارها وإفسادها. ففي مثل الحالة الأولى يقوم الإنسان عند حرثه للأرض بتفكيك الصخر وقلب التربة، ومزج آفاقها، وخلط عناصرها. وفي استصلاحه للوسط يقوم ببناء حواجز لغراسه والأشجار وتنظيم جريان الأنهار وإزالة المستنقعات وصرف الفائض المائي ، وكل هذا بقصد المحافظة على التربة والعمل على إثرائها ، وكما أنه بتسميدها يقوم بتعديل تركيبها الكيماوي ورفع خصوبتها . وقد يؤدي تدخل الإنسان إلى إفساد الأرض باستغلاله الغير عقلاني واستنزافه لخصوبة التربة وخلطها بالنفايات السامة.
وعلى إي حال فإن أثر الإنسان على التربة في الاتجاه الموجب أو السالب يبقى مرتبطاً بمستواه الفكري والتقني وما ارتقى إليه من تقدم حضاري .
4 - مشكلات التربة : الترب في العالم العربي تعاني مشاكل عدة مثل ما تعانيه ترب بقية بلدان العالم الواقعة على نفس خطوط العرض ويسود بها نفس المناخ ومن أهم هذه المشاكل نذكر ثلاثة هي : التصحر والانجراف و التملح .
أ)) التصحر :
هو غزو الصحراء والظروف الصحراوية للمناطق الخضراء والمزروعة وهي من أكبر المشاكل التي يعاني منها الوطن العربي ومن أبرز أسبابه البشرية هي :
1 – الرعي الجائر : تحميل المراعي بعدد من الحيوانات يفوق طاقتها وذلك يؤدي إلى تدهور الغطاء النباتي وانجراف التربة .
2 – قطع الأشجار والشجيرات : يؤدي إلى نشاط التعرية الريحية .
3 – الزراعة الجاهلة : كزراعة الأرض بمحصول واحد والإسراف في استخدام مياه الري وتحويل المراعي إلى أراضي زراعية .
ب)) الانجراف :
هو تخريب للتربة وإتلافها وتشويهها بالأخاديد ونقلها أو تحريكها من مكان تهيئتها إلى مكان آخر وإفقادها لتطورها وخصوبتها. وهناك عوامل عديدة تتحكم في الانجراف أو التعرية أو كما يسميها البعض بالسحل. ومن أهم هذه العوامل نذكر المناخ :
-دور المناخ في الانجراف (التعرية) :
التساقط : يعد التساقط من أهم العوامل المناخية للتعرية واعتمد عليه بعض الباحثين في تقويم وتقدير كمية الأتربة التي تجرفها المياه سنويا. ولا يتحكم التساقط في هذه الكمية فقط ولكن أيضا في سرعة حدوثها. فهناك ارتباط وثيق بين نظام التساقط وشدته من جهة وسرعة التعرية من جهة أخرى .
فمعظم التساقط في البلدان العربية من نوع الأمطار، ولا تنزل الثلوج إلا نادرا أو في مساحات محدودة كالجبال الشاهقة مثلا، ولمدة محدودة من الزمن ، لا تدوم أكثر من أسبوع في الغالب وبذلك فإن ما تقوم به من تعرية فهي محدودة للغاية.
ثم أن نظام الأمطار في البلدان العربية يتصف بالفصلية، فالسنة تقسم إلى فصلين أحدهما ممطر والآخر جاف. والفصل الممطر تنزل أمطاره في أيام معدودة من شهور قليلة قد لا تتجاوز الأربعة أو الخمسة شهور التي تتلقى في بعض الأحيان ثلاثة أرباع المجموع السنوي للتساقط ثم أن هي نزلت قد لا تدوم إلا بعض الساعات من اليوم وقد يكون في شكل سيول جارفة تتعدى 30 مم في اليوم، ربما بلغت هذه الكمية في الساعة الواحدة ، وقد دلت الإحصائيات للأمطار السيلية
أن خمس الكمية النازلة في الفصل الممطر تنزل في شكل أمطار سيلية، أي يربو معدلها اليومي عن 30 مم . وتقل الأمطار كما وتختلف كيفا كلما توغلنا داخل البلدان العربية.
أما فصل الصيف فيعمل الجفاف وما يرتبط به من حرارة ورياح ساخنة على تشقق الصخور وتفككها وتهيئة الرواسب وتجفيف التربة وتحضيرها حتي تصبح سهلة النقل في فصل الشتاء.
كما تساعد الشقوق والشروخ التي يحدثها الجفاف الصيفي على توجيه وتسهيل الجريان السطحي والداخلي، وتبليل الآفاق، ومساعدة الإنزلاقات والإنجرافات أو التعرية المائية بصفة عامة، سواء كانت تناثري أو غطائية أو جدوليه أو خدودية.
وقد أدى اختلاف كميات التساقط وذبذباتها إلى ذبذبة الجريان والانصباب اليومي والشهري والسنوي . فمثلا الانصباب السنوي لوادي الحمام بالجزائر عند سد بوحنيفية قد سجل سنة 1948 ما يقرب من 166 هكتار متر مكعب وهو ضعف ما سجله سنة 1947 الذي حسب فيه الانصباب بما يقرب من 83 هكتومتر مكعب أما الانصباب الأقصى الذي لوحظ لسنة 1948 فقد بلغ 1500 م3 وهو أكبر بأربعين مرة مما سجله في سنة 1947. وبصفة عامة ودون أن ندخل في التفاصيل يمكننا القول أن جريان الأودية في البلدان العربية شديد الذبذبة كما وكيفا وزمنا، إذا علمنا هذا أدركنا مدى فعالية الأمطار والجريان على التعرية في الوطن العربي، فمياه الأودية قلما كانت صافية، وتسجل لها فيضانات عديدة أثناء الفصل الممطر، وقد لا تدوم هذه الفيضانات إلا لحظات معدودة . لكن أخطارها كبيرة حيث تجرف آلاف الأمتار المكعبة من الأتربة لتلقى بها في المنخفضات، أو تملأ بها قاع السدود، أو تنقلها إلى البحر..وقد دلت القياسات أن سد فرجوج بالجزائر ينقل إليه وادي الحمام معدلا سنويا يقرب من 500 ألف متر مكعب من الأتربة أو الوحل الذي يتشكل من طين وطمي ورمال. وحسب الدراسات التي قام بها العديد من الخبراء على التعرية في الجزائر فقد قدرت التبة المنقولة سنويا بحوالي40 ألف هكتار تفقدها الأراضي الزراعية .
ج)) التملح :
هو ارتفاع نسبة الأملاح في الطبقة الرقيقة من التربة التي ينمو فيها النبات إلى درجة تعيق تدريجياً خصوبة التربة إلى أن تخرج في النهاية من الاستثمار وتكثر في أودية الأنهار ودالاتها وفي السبخات والشطوط كما في وادي الفرات والعراق الأدنى والوادي الجديد في مصر .