لارا
09-03-2007, 08:53 PM
قصة حب
ليست القضية متى سيأتي ... القضية هل يبقى حين يأتي ؟
(1)
التقته وهي في الثلاثين من عمرها
في وقت ظنت أنها فقدت القدرة على الحب و الحلم والأمل
وأشياء أخرى تحتاج إليها المرأة في منتصف العمر
وبعد أن ذاقت من الأشياء أمرها
وبعد أن مرت بظروف حملتها من الألم فوق طاقتها
وبعد أن اتسعت الفجوة بينها وبين الفرح
وأصبحت السعادة من مستحيلات حياتها
(2)
عندها
جاء هو
بقلبه الكبير
وببحور حنانه الباحثة عن أنثى تكون نصف قلبه الآخر
اقترب منها كالأحلام الهادلة
عشقها بصدف فرسان الحكايات القديمة
وطرق بابها في اشد مراحل عمرها ظلمة ليمنحها باقة من النور
لم يكن آخر أطواق النجاة بالنسبة إليها
بل كان الشاطئ والقبطان والسفينة
(3)
غيرّها تماما
نسفها داخليا وخارجيا لوّن كل المساحات السوداء في داخلها
فتعلقت به تعلّق الأم بطفلها
وتعلق الأنثى بفارسها
وتعلق الإنسان بوطنه
وشعرت معه بأمان لم تشعر به طيلة سنواتها
(4)
اقترب من أعماقها اكتر
ملأ إحساسها كالدم
وملأ حياتها كالهواء
كانت تنام على وعوده
وتستيقظ على صوته
تمادت معه بأحلامهما
منحت نفسها حق الحلم كسواها
حلمت بأطفال بعدد نجوم السماء
وبقدرة إلهية تهديه إياها
وبليلة من العمر تجمعهما في جنة فوق الأرض تعيش فيها معه
(5)
كان رجلا رومانسيا شفافا
بادلها أحلامها بنقاء
لم تكن بالنسبة إليه حكاية يسعى إلى إنهاء دورة فيها
ولم يكن يكتبها رقما في أجندته
ولم يسجلها موعدا قابلا للانتهاء
كانت شيئا آخر
إحساسا مختلفا
وامرأة لا يمكن تصوّر حياته من دونها
(6)
اعتادت وجوده في حياتها
تماما كما اعتاد هو وجودها في عالمه
كان احساسهما طاهرا نقيا
لم تدنسه مواعيد الغرام
ولم تلوّثه اللقاءات المحرمة
كان يصونها كعرضه
وكانت تحفظه كعينيها
(7)
سألها يوما : ماذا لو خنت ؟
قالت : سأقتلك
قال : وماذا لو مت ؟
قالت : ستقتلني .
عندها أدرك أنها امرأة ترفض الحياة بغير وجوده
فتمسك بحياته أكثر
وتمنى أن يعيش إلى الأبد كي يجنبها الم فقدانه وفجيعة رحيله
(8)
منذ أن عرفته وهي تعشق المساء جدا
ففي المساء يأتي صوته حاملا لها فرح العالم كله
ويعيدها رنين هاتفه إلى الحياة التي تفارقها حين يفارقها
وما أن ترفع سماعة الهاتف حتى يبادرها متسائلا :
من تحبين أكثر أنا ؟ أم أنا ؟
فتجيبه بطفولة امرأة عاشقة :
احبك أنت أكثر من أنت
ثم يتجولان معا في عالم من الأحلام الجميلة
(9)
وهذا المساء انتظرت صوته كالعادة
ومرت الدقائق
وتلتها الساعات
شيء ما في قلبها بدأ يشتعل
شيء ما تتجاهل صوته لكنه يلح
شيء ما يصرخ فيها انه لن يعود
وشيء ما يوقظ في داخلها كان شكوك وظنون الأنثى في لحظة
الانتظار
ترى هل نسي ؟
هل خان ؟
هل رحل ؟
ومع أول إشعاع نور للصباح
حادثها احدهم ليخبرها بضرورة وجودها في المستشفى
لان احدهم يصر على رؤيتها قبل دخوله غرفة العمليات
(10)
وهناك التقته
باسما في وجهها كعادته برغم الألم
قال لها : سامحيني
اعلم ان رحيلي سيسرق منك كل شيء
واعلم كيف ستكون لياليك بعدي
واعلم مساحة الرعب التي سيخلفها وحيلي في داخلك
اعلم انه لا شيء سيملأ الفراغ خلفي
واعلم كم ستقتلك البقايا
واعلم كم ستكسرك الذكرى
واعلم تحت أي مفاصل العذاب ستنامين
وفي أي مشانق الانتظار ستتعلقين
واعلم كم ستبكين وكيف ستبكين
واعلم أني قد خذلتك واعلم انك ستغفرين
(11)
ومضى إلى مصير تجهله
كانت رائحة الوداع تملا حديثه
كلنها تعلقت بآخر قشة للأمل
و اتنظرت
انتظرت
انتظرت
وكانت تردد بينها وبين نفسها
ماذا لو رحل ؟
ماذا سيكون لون حياتها ؟
بل ماذا سيتبقى من حياتها ؟
لم تحتمل ثقل سؤالها ...فجلست فوق الأرض
ما عادت قدماها تقويان على حملها
استندت إلى الجدار في انتظار حكم الحياة عليها
(12)
ومن بعيد لمحته يأتي
يتقدم نحوها
انه الطبيب الذي أجرى العملية
تمنت أن يقف مكانه
أن لا يتقدم أكثر
أن لا يفتح فمه بنبأ رحيله
دقات قلبها تزداد أنفاسها تتصاعد
ترى هل رحل
أغمضت عينيها
ووضعت يديها على أذنيها
لا تريد أن تسمع لا تملك القدرة على أن تسمع نبأ كهذا
(13)
لا احد يعلم كم من الوقت مر قبل أن يصلها الطبيب
ربما لحظات ....وربما سنوات .....
لكنه أخيرا وصل
وقف أمامها باسما ....قائلا:
كتب له عمر جديد يا سيدتي
نجحت العملية....وسيعيش
وانتظر أن ينطلق منها صوت الفرح
لكنها صمتت
لم تنطق
ولن تنطق أبدا
لقد رحلت ...قتلها الانتظار والخوف والترقب
(14)
عفوا
إنها امرأة
وصلت بتعلقها به إلى درجة رفض الحياة في غيابه
هل توجد مثل هذه المرأة الآن؟
هل يوجد مثل هذا الرجل الآن ؟
ترى ؟ من قتل من ؟....
شهرزاد
ليست القضية متى سيأتي ... القضية هل يبقى حين يأتي ؟
(1)
التقته وهي في الثلاثين من عمرها
في وقت ظنت أنها فقدت القدرة على الحب و الحلم والأمل
وأشياء أخرى تحتاج إليها المرأة في منتصف العمر
وبعد أن ذاقت من الأشياء أمرها
وبعد أن مرت بظروف حملتها من الألم فوق طاقتها
وبعد أن اتسعت الفجوة بينها وبين الفرح
وأصبحت السعادة من مستحيلات حياتها
(2)
عندها
جاء هو
بقلبه الكبير
وببحور حنانه الباحثة عن أنثى تكون نصف قلبه الآخر
اقترب منها كالأحلام الهادلة
عشقها بصدف فرسان الحكايات القديمة
وطرق بابها في اشد مراحل عمرها ظلمة ليمنحها باقة من النور
لم يكن آخر أطواق النجاة بالنسبة إليها
بل كان الشاطئ والقبطان والسفينة
(3)
غيرّها تماما
نسفها داخليا وخارجيا لوّن كل المساحات السوداء في داخلها
فتعلقت به تعلّق الأم بطفلها
وتعلق الأنثى بفارسها
وتعلق الإنسان بوطنه
وشعرت معه بأمان لم تشعر به طيلة سنواتها
(4)
اقترب من أعماقها اكتر
ملأ إحساسها كالدم
وملأ حياتها كالهواء
كانت تنام على وعوده
وتستيقظ على صوته
تمادت معه بأحلامهما
منحت نفسها حق الحلم كسواها
حلمت بأطفال بعدد نجوم السماء
وبقدرة إلهية تهديه إياها
وبليلة من العمر تجمعهما في جنة فوق الأرض تعيش فيها معه
(5)
كان رجلا رومانسيا شفافا
بادلها أحلامها بنقاء
لم تكن بالنسبة إليه حكاية يسعى إلى إنهاء دورة فيها
ولم يكن يكتبها رقما في أجندته
ولم يسجلها موعدا قابلا للانتهاء
كانت شيئا آخر
إحساسا مختلفا
وامرأة لا يمكن تصوّر حياته من دونها
(6)
اعتادت وجوده في حياتها
تماما كما اعتاد هو وجودها في عالمه
كان احساسهما طاهرا نقيا
لم تدنسه مواعيد الغرام
ولم تلوّثه اللقاءات المحرمة
كان يصونها كعرضه
وكانت تحفظه كعينيها
(7)
سألها يوما : ماذا لو خنت ؟
قالت : سأقتلك
قال : وماذا لو مت ؟
قالت : ستقتلني .
عندها أدرك أنها امرأة ترفض الحياة بغير وجوده
فتمسك بحياته أكثر
وتمنى أن يعيش إلى الأبد كي يجنبها الم فقدانه وفجيعة رحيله
(8)
منذ أن عرفته وهي تعشق المساء جدا
ففي المساء يأتي صوته حاملا لها فرح العالم كله
ويعيدها رنين هاتفه إلى الحياة التي تفارقها حين يفارقها
وما أن ترفع سماعة الهاتف حتى يبادرها متسائلا :
من تحبين أكثر أنا ؟ أم أنا ؟
فتجيبه بطفولة امرأة عاشقة :
احبك أنت أكثر من أنت
ثم يتجولان معا في عالم من الأحلام الجميلة
(9)
وهذا المساء انتظرت صوته كالعادة
ومرت الدقائق
وتلتها الساعات
شيء ما في قلبها بدأ يشتعل
شيء ما تتجاهل صوته لكنه يلح
شيء ما يصرخ فيها انه لن يعود
وشيء ما يوقظ في داخلها كان شكوك وظنون الأنثى في لحظة
الانتظار
ترى هل نسي ؟
هل خان ؟
هل رحل ؟
ومع أول إشعاع نور للصباح
حادثها احدهم ليخبرها بضرورة وجودها في المستشفى
لان احدهم يصر على رؤيتها قبل دخوله غرفة العمليات
(10)
وهناك التقته
باسما في وجهها كعادته برغم الألم
قال لها : سامحيني
اعلم ان رحيلي سيسرق منك كل شيء
واعلم كيف ستكون لياليك بعدي
واعلم مساحة الرعب التي سيخلفها وحيلي في داخلك
اعلم انه لا شيء سيملأ الفراغ خلفي
واعلم كم ستقتلك البقايا
واعلم كم ستكسرك الذكرى
واعلم تحت أي مفاصل العذاب ستنامين
وفي أي مشانق الانتظار ستتعلقين
واعلم كم ستبكين وكيف ستبكين
واعلم أني قد خذلتك واعلم انك ستغفرين
(11)
ومضى إلى مصير تجهله
كانت رائحة الوداع تملا حديثه
كلنها تعلقت بآخر قشة للأمل
و اتنظرت
انتظرت
انتظرت
وكانت تردد بينها وبين نفسها
ماذا لو رحل ؟
ماذا سيكون لون حياتها ؟
بل ماذا سيتبقى من حياتها ؟
لم تحتمل ثقل سؤالها ...فجلست فوق الأرض
ما عادت قدماها تقويان على حملها
استندت إلى الجدار في انتظار حكم الحياة عليها
(12)
ومن بعيد لمحته يأتي
يتقدم نحوها
انه الطبيب الذي أجرى العملية
تمنت أن يقف مكانه
أن لا يتقدم أكثر
أن لا يفتح فمه بنبأ رحيله
دقات قلبها تزداد أنفاسها تتصاعد
ترى هل رحل
أغمضت عينيها
ووضعت يديها على أذنيها
لا تريد أن تسمع لا تملك القدرة على أن تسمع نبأ كهذا
(13)
لا احد يعلم كم من الوقت مر قبل أن يصلها الطبيب
ربما لحظات ....وربما سنوات .....
لكنه أخيرا وصل
وقف أمامها باسما ....قائلا:
كتب له عمر جديد يا سيدتي
نجحت العملية....وسيعيش
وانتظر أن ينطلق منها صوت الفرح
لكنها صمتت
لم تنطق
ولن تنطق أبدا
لقد رحلت ...قتلها الانتظار والخوف والترقب
(14)
عفوا
إنها امرأة
وصلت بتعلقها به إلى درجة رفض الحياة في غيابه
هل توجد مثل هذه المرأة الآن؟
هل يوجد مثل هذا الرجل الآن ؟
ترى ؟ من قتل من ؟....
شهرزاد