bilsan
11-10-2008, 06:16 AM
في بيتنا محصور
مع تفاقم أزمات الإنسان في عصرنا، ومخاوفه مما يأتي به المستقبل، صار القلق، أو الحصر، ظاهرة شائعة لا يكاد يخلو منها بيت، سواء بشكل عابر، أو بعناء مستمر.
الحصر، أو القلق، إذا كان عارضا مؤقتا فإنه يقع في إطار «استجابة التكيف» التي تمكن الإنسان من النهوض بأعباء تتطلب مجهودا إضافيا، ذهنيا كان أو بدنيا. أمّا إذا كان القلق مصحوبا بتغيير في نمط الحياة، وفي السلوك المعيشي اليومى، سواء أطال زمن ذلك التغير أم قصر، فإن القلق يكون حالة مرضية تستلزم العلاج.
من يصاب بالقلق؟!
الثابت أن الوراثة تلعب دورا ضئيلا في الإصابة بالقلق. إلا أن بذور القلق تنبت في سنوات العمر الأولى، أو ما يسمى الطفولة الباكرة. ولا يختلف القلق في هذا عن معظم العلل والأمراض النفسية.
وقد يتصور بعضنا أن فقدان أحد الوالدين، بالموت أو بالانفصال، أو غير ذلك من التجارب المماثلة ذات الطبيعة المفاجئة المؤلمة، يكون سببا في غرس بذور «الحَصَر النفسي» (بفتح الحاء والصاد في كلمة الحصر) «anxiety neurosis». والحقيقة أن الأطفال يتمتعون بقدرة فائقة على استيعاب تجارب الحياة الحادة والتكيف معها! لكنهم في المقابل يتأثرون بدرجة بالغة بمواقف الحياة ذات الطبيعة المزمنة، أي تلك التي يتكرر حدوثها في فترة زمنية طويلة، حتى وإن كانت تلك المواقف تافهة في ظاهرها!
مثال ذلك، الاهتمام بطفل في الأسرة دون أخيه أو أخته، أو إيثار طفل بالمحبة والعطف دون آخر، أو توجيه اللوم والتوبيخ دائما إلى طفل في الأسرة دون إخوانه وأخواته. هذا التمييز في المعاملة، يولّد في الطفل المهمل أو الملوم أو المفضل عليه، شـعورا بعدم الأمان! وقد ينمو الشعور بعدم الأمان فيصبح شعورا بالنبذ أو الرفض، بمعنى أن الطفل يشعر بأنه غير مرغوب فيه. وتظهر ترجمة الشعور بعدم الأمان في سلوك الطفل، فيبدو خجولا مترددا فاقد الثقة في نفسه! كما ينفعل مثل هذا الطفل بسرعة، وتفيض دموعه بسهولة، فيوصف بأنه شديد الحساسية!
والشعور بعدم الأمان في الطفولة الباكرة، تترتب عليه آثار عكسية في نمو الشخصية. وغالبا ما يكبر الطفل فاقد الأمان ليصبح صورة كبيرة لذات الطفل الخجول المتردد فاقد الثقة في نفسه! بتعبير آخر، فإن الآثار ذاتها التي ولّدها الشعور بعدم الأمان في مرحلة الطفولة، تبقى إلى ما بعد البلوغ!
معظم الذين يصابون بالقلق بين البالغين هم من الذين فقدوا الشعور بالأمان في طفولتهم. فهل الإصابة بالحَصَر النفسي وقف على هذه الفئة؟! الإجابة لا. إذْ يمكن أن يصاب إنسان بالغ بالقلق، على الرغم من أنه اجتاز طفولة سـوية ناعمـة، تبعا لتجربته الشخصية لمواقف الحياة ونظرته إلى الأمور.
فمثلا، إذا أخفق طالب في اجتياز امتحان دراسي، فهناك احتمال كبير أن يصاب بالقلق قبل المحاولة الثانية لاجتياز الامتحان نفسه. فإذا تكرر الإخفاق في المرة الثانية، زاد احتمال الإصابة بالقلق قبل المحاولة الثالثة! ومثال آخر، إذا نشبت مشادة بين سيدة مطلقة وزوجها الثاني، فمن المحتمل أن تصاب السيدة بالحَصَر النفسي مخافة أن تفقد زوجها الثاني. وقس على هذين المثالين. وخلاصة الإجابة عن السؤال: من يصاب بالقلق؟! إن الذين تعرضوا في طفولتهم لمشاعر عدم الأمان يكونون أكثر عرضة للإصابة بالقلق في مرحلة ما من حياتهم. ومن جهة أخرى، فإن الإخفاق في تجربة أو موقف معين يكون مثيرا للقلق عند تعرض الإنسان للتجربة ذاتها أو الموقف كرَّة أخرى. أي أن الخوف الشديد من الفشل يمكن أن يكون سببا في الإصابة بالحَصَر النفسي!
الإصابة بالقلق يمكن أن تكون حادة مفاجئة، وحينئذ يكون المريض في حالة من الذعر والهلع تشبه «الهستيريا». وقد تكون الإصابة مزمنة، بمعنى حدوث القلق تدريجيا وعلى فترة زمنية طويلة نسبيا. وفي حالة القلق المزمن تكون بعض أعراض القلق وعلاماته موجودة عند المريض زمنا، قد يطول إلى شهور وأحيانا إلى سنوات!
مع تفاقم أزمات الإنسان في عصرنا، ومخاوفه مما يأتي به المستقبل، صار القلق، أو الحصر، ظاهرة شائعة لا يكاد يخلو منها بيت، سواء بشكل عابر، أو بعناء مستمر.
الحصر، أو القلق، إذا كان عارضا مؤقتا فإنه يقع في إطار «استجابة التكيف» التي تمكن الإنسان من النهوض بأعباء تتطلب مجهودا إضافيا، ذهنيا كان أو بدنيا. أمّا إذا كان القلق مصحوبا بتغيير في نمط الحياة، وفي السلوك المعيشي اليومى، سواء أطال زمن ذلك التغير أم قصر، فإن القلق يكون حالة مرضية تستلزم العلاج.
من يصاب بالقلق؟!
الثابت أن الوراثة تلعب دورا ضئيلا في الإصابة بالقلق. إلا أن بذور القلق تنبت في سنوات العمر الأولى، أو ما يسمى الطفولة الباكرة. ولا يختلف القلق في هذا عن معظم العلل والأمراض النفسية.
وقد يتصور بعضنا أن فقدان أحد الوالدين، بالموت أو بالانفصال، أو غير ذلك من التجارب المماثلة ذات الطبيعة المفاجئة المؤلمة، يكون سببا في غرس بذور «الحَصَر النفسي» (بفتح الحاء والصاد في كلمة الحصر) «anxiety neurosis». والحقيقة أن الأطفال يتمتعون بقدرة فائقة على استيعاب تجارب الحياة الحادة والتكيف معها! لكنهم في المقابل يتأثرون بدرجة بالغة بمواقف الحياة ذات الطبيعة المزمنة، أي تلك التي يتكرر حدوثها في فترة زمنية طويلة، حتى وإن كانت تلك المواقف تافهة في ظاهرها!
مثال ذلك، الاهتمام بطفل في الأسرة دون أخيه أو أخته، أو إيثار طفل بالمحبة والعطف دون آخر، أو توجيه اللوم والتوبيخ دائما إلى طفل في الأسرة دون إخوانه وأخواته. هذا التمييز في المعاملة، يولّد في الطفل المهمل أو الملوم أو المفضل عليه، شـعورا بعدم الأمان! وقد ينمو الشعور بعدم الأمان فيصبح شعورا بالنبذ أو الرفض، بمعنى أن الطفل يشعر بأنه غير مرغوب فيه. وتظهر ترجمة الشعور بعدم الأمان في سلوك الطفل، فيبدو خجولا مترددا فاقد الثقة في نفسه! كما ينفعل مثل هذا الطفل بسرعة، وتفيض دموعه بسهولة، فيوصف بأنه شديد الحساسية!
والشعور بعدم الأمان في الطفولة الباكرة، تترتب عليه آثار عكسية في نمو الشخصية. وغالبا ما يكبر الطفل فاقد الأمان ليصبح صورة كبيرة لذات الطفل الخجول المتردد فاقد الثقة في نفسه! بتعبير آخر، فإن الآثار ذاتها التي ولّدها الشعور بعدم الأمان في مرحلة الطفولة، تبقى إلى ما بعد البلوغ!
معظم الذين يصابون بالقلق بين البالغين هم من الذين فقدوا الشعور بالأمان في طفولتهم. فهل الإصابة بالحَصَر النفسي وقف على هذه الفئة؟! الإجابة لا. إذْ يمكن أن يصاب إنسان بالغ بالقلق، على الرغم من أنه اجتاز طفولة سـوية ناعمـة، تبعا لتجربته الشخصية لمواقف الحياة ونظرته إلى الأمور.
فمثلا، إذا أخفق طالب في اجتياز امتحان دراسي، فهناك احتمال كبير أن يصاب بالقلق قبل المحاولة الثانية لاجتياز الامتحان نفسه. فإذا تكرر الإخفاق في المرة الثانية، زاد احتمال الإصابة بالقلق قبل المحاولة الثالثة! ومثال آخر، إذا نشبت مشادة بين سيدة مطلقة وزوجها الثاني، فمن المحتمل أن تصاب السيدة بالحَصَر النفسي مخافة أن تفقد زوجها الثاني. وقس على هذين المثالين. وخلاصة الإجابة عن السؤال: من يصاب بالقلق؟! إن الذين تعرضوا في طفولتهم لمشاعر عدم الأمان يكونون أكثر عرضة للإصابة بالقلق في مرحلة ما من حياتهم. ومن جهة أخرى، فإن الإخفاق في تجربة أو موقف معين يكون مثيرا للقلق عند تعرض الإنسان للتجربة ذاتها أو الموقف كرَّة أخرى. أي أن الخوف الشديد من الفشل يمكن أن يكون سببا في الإصابة بالحَصَر النفسي!
الإصابة بالقلق يمكن أن تكون حادة مفاجئة، وحينئذ يكون المريض في حالة من الذعر والهلع تشبه «الهستيريا». وقد تكون الإصابة مزمنة، بمعنى حدوث القلق تدريجيا وعلى فترة زمنية طويلة نسبيا. وفي حالة القلق المزمن تكون بعض أعراض القلق وعلاماته موجودة عند المريض زمنا، قد يطول إلى شهور وأحيانا إلى سنوات!