شاب مسلم
10-31-2010, 11:59 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على من بعث رحمة للعالمين
وهاديا و معلما للبشر سيدنا محمد و على أله و أصحابه أجمعين وبعد:
لقد أرسل صلى الله عليه و سلم هاديا للبشر و معلم لهم وقد تجلَّ تعليمه بأساليب أثبت علم التربية الحديثة مدى فعاليتها في التربية و التعليم و هذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنه وحي يوحى و بأنه رسول الله حق أيده ربه بالحكمة التي تنطق بنبوته
وقد أثرت في هذا الموضوع تسليط الضوء على الأساليب التي أستخدمها النبي في التربية
وذلك حتى يستخدمها المعلمون في تعليمهم و ينوا بذلك اتباع السنة و أذكر منها على سبيل السرد لا الحصر
أولاً: أسلوب الحوار والمناقشة.
يساعدنا هذا الأسلوب على شحذ الأذهان وتشويق النفوس لمعرفة المسألة المطلوبة وإثارة عنصر التحدي والترقب لدى المتعلم. وقد أصبحت طريقة الحوار والمناقشة وإثارة الأسئلة من أهم طرق التدريس الحديثة، بكونها تثير الاهتمام، وتدعو إلى التفكير اللذين يعدان من أهم خطوات التعلم.
وقد وضعت طرق التدريس الحديثة قواعد لتحقيق فاعلية هذه الطريقة، منها أن يكون السؤال للجميع، وأن تتاح لهم فرصة التفكير قبل الإجابة، وغير ذلك من القواعد التي تَضْمَنُ فاعلية هذه الطريقة.
وقد استخدم الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذا الأسلوب مرات كثيرة إما من خلال طرح السؤال ليجيب عنه المتعلمون ، إن استطاعوا ، أو ينتظروا ليسمعوا الإجابة منه - صلى الله عليه وسلم - .
ومما يؤكد ذلك أن الإمام البخاري رحمه الله خصص باباً في صحيحه تحت عنوان " باب طرح الإمام المسألة ليختبر ما عندهم من العلم "، وأخرج فيه حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (( إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وهي مَثَلُ المسلم، حَدِّثوني ما هي ؟! )) فوقع الناس في شجر البادية، ووقع في نفسي أنها النخلة.
قال عبدالله: فاستحييت.فقالوا: يا رسول الله أخبرنا بها.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( هي النخلة )).
قال عبدالله: فحدَّثت أبي بما وقع في نفسي.
فقال: لأن تكون قلتها أحب إليّ من أن يكون لي كذا وكذا
فعلى المعلم أن يستخدم طريقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحوار والمناقشة، فها هو عليه الصلاة والسلام لم يُلْقِ على أصحابه رضي الله عنهم هذه الحقيقة إلقاء تقريرياً: أن المسلم مثل النخلة، أو أن المفلس يوم القيامة من يأتي بكذا وكذا، بل حاورهم وناقشهم وأراد أن يتوصل من خلال هذه المحاورة إلى استثارة دفائن ما عندهم وبلغتهم إلى ملاحظة ما حولهم ويشركهم معه في البحث.
وبهذا لا يصبح المتعلم مجرد جهاز تسجيل ينفعل ولا يفعل، ويتلقى ولا يفكر. بل هو كائن حي عاقل يبحث ويفكر ويحاور ويناقش ويخطئ ويصيب
ثانياً:أسلوب القصة.
تعتمد القصة على الرواية والتشويق جذباً للسامعين وتهيئة لهم لسماع ما يريد المعلم قوله مما يعين على فهم المعنى وتقريره في نفوسهم.
وقد استخدم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أسلوب القصة في مواضع كثيرة، ومن ذلك ما ورد في الصحيح من قصة الثلاثة الذين خرجوا يمشون، فأصابهم المطر، فدخلوا في غار في جبل فحطَّتْ عليهم صخرة فقال بعضهم لبعض: ادعوا الله بأفضل عمل عملتموه. فأخذ كل واحد منهم يتحدث عن أفضل عمل عمله، وفي كل مرة يتحدث بها أحدهم يفرج الله عنهم فرجة، حتى انتهى الثالث من رواية عمله، فكشف الله عنهم (انظر نص الحديث كاملاً في صحيح البخاري، كتاب الأدب باب إجابة دعاء من بر والديه).
فمن الصفات التي لابد أن تتوافر في المعلم استخدام الأسلوب القصصي أثناء تدريسه، فهو تربة خصبة، يستطيع المعلم من خلالها توصيل المعلومات إلى أذهان طلابه وزيادة قناعتهم بما يريد تقريره لهم.
ثالثاً: أسلوب ضرب الأمثال.
وضرب الأمثال يساعد على إبراز المعنى في صورة رائعة لها وقعها في النفس سواء كانت تشبيهاً أو قولاً مرسلاً.
والتمثيل: هو القالب الذي يبرز المعاني في صورة حية تستقر في الأذهان بتشبيه الغائب بالحاضر والمعقول بالمحسوس، وقياس النظير على النظير، وكم من معنى جميل أكسبه التمثيل روعة وجاً، فكان ذلك أدعى لتقبل النفس له وإقناع العقل به
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستخدم ضرب الأمثال في مواقف كثيرة ومن ذلك ما رواه جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (( مثلي ومثل الأنبياء كرجل بنى داراً فأكملها وأحسنها إلا موضع لبنة، فجعل الناس يدخلونها، ويتعجبون، ويقولون: لولا موضع اللبنة)) (صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم -).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (( وفي الحديث ضرب الأمثال للتقريب للأفهام)).
ومن ذلك أيضاً ما رواه الإمام مسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)) ( صحيح مسلم).
قال الإمام النووي رحمه الله: "وفيه جواز التشبيه وضرب الأمثال لتقريب المعاني إلى الأفهام".
وفي هذين الحديثين ضرب الرسول - صلى الله عليه وسلم - المثالين لتقريب المعاني إلى الأفهام، فينبغي للمعلم أثناء تدريسه نهج هذا المنهج؛ لأن ضرب الأمثال أوقع في النفس، وأبلغ في الوعظ، وأقوى في الزجر، وأقوم في الإقناع.
رابعاً: أسلوب التشجيع.
يساعد تشجيع المتعلم على زيادة تركيزه وإقباله على العلم ليستزيد منه أكثر فأكثر، ولهذا فإن على المعلم أن يشيد بالمواقف الحسنة لطلابه، وأن يشجعهم على السؤال والحوار والمناقشة؛ لأن هذا أدعى إلى توسيع مداركهم وتمكينهم من استيعاب المادة العلمية بشكل أفضل. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يترك مناسبة إلا ويثني فيها على من أصاب من أصحابه.
ونجد في كتاب فضائل ومناقب الصحابة في صحيحي البخاري ومسلم عدداً من النصوص التي تحمل الكثير من الثناء والتشجيع من الرسول صلى الله عليه وسلم على واحد أو أكثر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك ثناء الرسول صلى الله عليه وسلم على أبي عبيدة رضي الله عنه حينما قدم أهل اليمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم طالبين أن يبعث معهم رجلاً ليعلمهم السنة والإسلام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد أبي عبيدة قائلاً : (( هذا أمين هذه الأمة ))( صحيح البخاري).
خامساً: أسلوب مراعاة الفروق الفردية.
من المعلوم أن الناس يختلفون في قدراتهم الاستيعابية إما بسبب خلفيتهم الثقافية أو الاجتماعية أو التعليمية أو بسبب تفاوت أعمارهم واهتماماتهم، فكل هذه الأشياء تجعل الفروق الفردية بين الناس شيئاً ملموساً ومحسوساً ينبغي للمعلم أن ينتبه له ويلاحظه؛ ليقدم لكل متعلم حسب قدرته الاستيعابية ووفقاً لواقع الحال.
ويندرج تحت مراعاة الفروق الفردية التدرج في التعليم، لكونه يراعي السن والبيئة والثقافة.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على مراعاة الفروق الفردية والتدرج في التعليم ويتضح ذلك من وصيته صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه لما بعثه إلى اليمن فعن ابن عباس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال: (( إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة. فإنْ أطاعوك لذلك، فأعلمهم أنَّ الله فرض عليهم صدقة تُؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم )) ( صحيح البخاري).
فينبغي للمعلم أن يُراعي الفروق الفردية بين طلابه، فلا يبدأ بدقائق العلم، وعويص مسائله، فيغرقهم في بحر عميق لا يستطيعون النجاة منه، بل يبدؤهم بالأسهل والأيسر؛لأن الشيء إذا كان في ابتدائه سهلاً حُبب إلى مَنْ يدخل فيه، وَتَلقَّاه بانبساط، وكانت عاقبته غالباً الازدياد منه، بخلاف ضده.
ومن هذا يتضح أن على المعلم وهو يختار الأسلوب لإيصال المادة العلمية لطلابه أن يتأكد من ملاءمة هذا الأسلوب لمحتوى المادة العلمية وأن تتوافق مع مستويات نمو الطلاب. كما ينبغي له إدراك أن مهمته لا تقتصر فقط على تزويد الطلاب بالمعلومات والحقائق، وإنما تتسع لتشمل إكسابهم مهارات التعلم المستمر.
( منقول بتصرف من كتاب أهمية دراسة السيرة النبوية للمعلمين )
أسأل الله بمنه وكرمه
أن يرزقنا الحكمة في الأقوال و الأفعال
إنه ولي ذلك و القادر عليه
جزاكم الله كل خير
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على من بعث رحمة للعالمين
وهاديا و معلما للبشر سيدنا محمد و على أله و أصحابه أجمعين وبعد:
لقد أرسل صلى الله عليه و سلم هاديا للبشر و معلم لهم وقد تجلَّ تعليمه بأساليب أثبت علم التربية الحديثة مدى فعاليتها في التربية و التعليم و هذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنه وحي يوحى و بأنه رسول الله حق أيده ربه بالحكمة التي تنطق بنبوته
وقد أثرت في هذا الموضوع تسليط الضوء على الأساليب التي أستخدمها النبي في التربية
وذلك حتى يستخدمها المعلمون في تعليمهم و ينوا بذلك اتباع السنة و أذكر منها على سبيل السرد لا الحصر
أولاً: أسلوب الحوار والمناقشة.
يساعدنا هذا الأسلوب على شحذ الأذهان وتشويق النفوس لمعرفة المسألة المطلوبة وإثارة عنصر التحدي والترقب لدى المتعلم. وقد أصبحت طريقة الحوار والمناقشة وإثارة الأسئلة من أهم طرق التدريس الحديثة، بكونها تثير الاهتمام، وتدعو إلى التفكير اللذين يعدان من أهم خطوات التعلم.
وقد وضعت طرق التدريس الحديثة قواعد لتحقيق فاعلية هذه الطريقة، منها أن يكون السؤال للجميع، وأن تتاح لهم فرصة التفكير قبل الإجابة، وغير ذلك من القواعد التي تَضْمَنُ فاعلية هذه الطريقة.
وقد استخدم الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذا الأسلوب مرات كثيرة إما من خلال طرح السؤال ليجيب عنه المتعلمون ، إن استطاعوا ، أو ينتظروا ليسمعوا الإجابة منه - صلى الله عليه وسلم - .
ومما يؤكد ذلك أن الإمام البخاري رحمه الله خصص باباً في صحيحه تحت عنوان " باب طرح الإمام المسألة ليختبر ما عندهم من العلم "، وأخرج فيه حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (( إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وهي مَثَلُ المسلم، حَدِّثوني ما هي ؟! )) فوقع الناس في شجر البادية، ووقع في نفسي أنها النخلة.
قال عبدالله: فاستحييت.فقالوا: يا رسول الله أخبرنا بها.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( هي النخلة )).
قال عبدالله: فحدَّثت أبي بما وقع في نفسي.
فقال: لأن تكون قلتها أحب إليّ من أن يكون لي كذا وكذا
فعلى المعلم أن يستخدم طريقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحوار والمناقشة، فها هو عليه الصلاة والسلام لم يُلْقِ على أصحابه رضي الله عنهم هذه الحقيقة إلقاء تقريرياً: أن المسلم مثل النخلة، أو أن المفلس يوم القيامة من يأتي بكذا وكذا، بل حاورهم وناقشهم وأراد أن يتوصل من خلال هذه المحاورة إلى استثارة دفائن ما عندهم وبلغتهم إلى ملاحظة ما حولهم ويشركهم معه في البحث.
وبهذا لا يصبح المتعلم مجرد جهاز تسجيل ينفعل ولا يفعل، ويتلقى ولا يفكر. بل هو كائن حي عاقل يبحث ويفكر ويحاور ويناقش ويخطئ ويصيب
ثانياً:أسلوب القصة.
تعتمد القصة على الرواية والتشويق جذباً للسامعين وتهيئة لهم لسماع ما يريد المعلم قوله مما يعين على فهم المعنى وتقريره في نفوسهم.
وقد استخدم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أسلوب القصة في مواضع كثيرة، ومن ذلك ما ورد في الصحيح من قصة الثلاثة الذين خرجوا يمشون، فأصابهم المطر، فدخلوا في غار في جبل فحطَّتْ عليهم صخرة فقال بعضهم لبعض: ادعوا الله بأفضل عمل عملتموه. فأخذ كل واحد منهم يتحدث عن أفضل عمل عمله، وفي كل مرة يتحدث بها أحدهم يفرج الله عنهم فرجة، حتى انتهى الثالث من رواية عمله، فكشف الله عنهم (انظر نص الحديث كاملاً في صحيح البخاري، كتاب الأدب باب إجابة دعاء من بر والديه).
فمن الصفات التي لابد أن تتوافر في المعلم استخدام الأسلوب القصصي أثناء تدريسه، فهو تربة خصبة، يستطيع المعلم من خلالها توصيل المعلومات إلى أذهان طلابه وزيادة قناعتهم بما يريد تقريره لهم.
ثالثاً: أسلوب ضرب الأمثال.
وضرب الأمثال يساعد على إبراز المعنى في صورة رائعة لها وقعها في النفس سواء كانت تشبيهاً أو قولاً مرسلاً.
والتمثيل: هو القالب الذي يبرز المعاني في صورة حية تستقر في الأذهان بتشبيه الغائب بالحاضر والمعقول بالمحسوس، وقياس النظير على النظير، وكم من معنى جميل أكسبه التمثيل روعة وجاً، فكان ذلك أدعى لتقبل النفس له وإقناع العقل به
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستخدم ضرب الأمثال في مواقف كثيرة ومن ذلك ما رواه جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (( مثلي ومثل الأنبياء كرجل بنى داراً فأكملها وأحسنها إلا موضع لبنة، فجعل الناس يدخلونها، ويتعجبون، ويقولون: لولا موضع اللبنة)) (صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم -).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (( وفي الحديث ضرب الأمثال للتقريب للأفهام)).
ومن ذلك أيضاً ما رواه الإمام مسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)) ( صحيح مسلم).
قال الإمام النووي رحمه الله: "وفيه جواز التشبيه وضرب الأمثال لتقريب المعاني إلى الأفهام".
وفي هذين الحديثين ضرب الرسول - صلى الله عليه وسلم - المثالين لتقريب المعاني إلى الأفهام، فينبغي للمعلم أثناء تدريسه نهج هذا المنهج؛ لأن ضرب الأمثال أوقع في النفس، وأبلغ في الوعظ، وأقوى في الزجر، وأقوم في الإقناع.
رابعاً: أسلوب التشجيع.
يساعد تشجيع المتعلم على زيادة تركيزه وإقباله على العلم ليستزيد منه أكثر فأكثر، ولهذا فإن على المعلم أن يشيد بالمواقف الحسنة لطلابه، وأن يشجعهم على السؤال والحوار والمناقشة؛ لأن هذا أدعى إلى توسيع مداركهم وتمكينهم من استيعاب المادة العلمية بشكل أفضل. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يترك مناسبة إلا ويثني فيها على من أصاب من أصحابه.
ونجد في كتاب فضائل ومناقب الصحابة في صحيحي البخاري ومسلم عدداً من النصوص التي تحمل الكثير من الثناء والتشجيع من الرسول صلى الله عليه وسلم على واحد أو أكثر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك ثناء الرسول صلى الله عليه وسلم على أبي عبيدة رضي الله عنه حينما قدم أهل اليمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم طالبين أن يبعث معهم رجلاً ليعلمهم السنة والإسلام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد أبي عبيدة قائلاً : (( هذا أمين هذه الأمة ))( صحيح البخاري).
خامساً: أسلوب مراعاة الفروق الفردية.
من المعلوم أن الناس يختلفون في قدراتهم الاستيعابية إما بسبب خلفيتهم الثقافية أو الاجتماعية أو التعليمية أو بسبب تفاوت أعمارهم واهتماماتهم، فكل هذه الأشياء تجعل الفروق الفردية بين الناس شيئاً ملموساً ومحسوساً ينبغي للمعلم أن ينتبه له ويلاحظه؛ ليقدم لكل متعلم حسب قدرته الاستيعابية ووفقاً لواقع الحال.
ويندرج تحت مراعاة الفروق الفردية التدرج في التعليم، لكونه يراعي السن والبيئة والثقافة.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على مراعاة الفروق الفردية والتدرج في التعليم ويتضح ذلك من وصيته صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه لما بعثه إلى اليمن فعن ابن عباس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال: (( إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة. فإنْ أطاعوك لذلك، فأعلمهم أنَّ الله فرض عليهم صدقة تُؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم )) ( صحيح البخاري).
فينبغي للمعلم أن يُراعي الفروق الفردية بين طلابه، فلا يبدأ بدقائق العلم، وعويص مسائله، فيغرقهم في بحر عميق لا يستطيعون النجاة منه، بل يبدؤهم بالأسهل والأيسر؛لأن الشيء إذا كان في ابتدائه سهلاً حُبب إلى مَنْ يدخل فيه، وَتَلقَّاه بانبساط، وكانت عاقبته غالباً الازدياد منه، بخلاف ضده.
ومن هذا يتضح أن على المعلم وهو يختار الأسلوب لإيصال المادة العلمية لطلابه أن يتأكد من ملاءمة هذا الأسلوب لمحتوى المادة العلمية وأن تتوافق مع مستويات نمو الطلاب. كما ينبغي له إدراك أن مهمته لا تقتصر فقط على تزويد الطلاب بالمعلومات والحقائق، وإنما تتسع لتشمل إكسابهم مهارات التعلم المستمر.
( منقول بتصرف من كتاب أهمية دراسة السيرة النبوية للمعلمين )
أسأل الله بمنه وكرمه
أن يرزقنا الحكمة في الأقوال و الأفعال
إنه ولي ذلك و القادر عليه
جزاكم الله كل خير