علاء
05-06-2008, 08:59 PM
لكي تبدع، لا بد لك من اتخاذ موقف يختلف عن الآخرين
الكاتب: بول سلون
هل وقفت على إحدى الغابات وبدت لك مجرد مجموعة من الأشجار النامية بشكل عشوائي. ثم قمت بالسير خطوات باتجاه مغاير لموقعك الأول فرأيت تلك الأشجار متراصة بشكل منظم؟ فنحن في بعض الأحيان نتخذ من الأشياء موقفا خاطئا لأننا ننظر إليها من زاوية خاطئة. فعلينا إذا عند بحث أية مشكلة أن ننظر إليها انطلاقا من الموقع الصحيح قبل إصدار حكمنا عليها ومن ثم التوصل إلى الحلول المناسبة لها.
لقد أطلق البرت زينت جورجي، مخترع فيتامين ج ، عبارته الشهيرة "إن العبقري هو الذي يرى ما يراه الآخرون ولكنه يفكر فيما لا يفكر فيه أحد منهم". فإنك إذا بحثت الأمر من منطلق مختلف فإنك تكون أقدر على التوصل إلى أفكار وحلول جديدة عما يصل إليه الآخرون.
فإذا طلب منك جمع الأعداد: 398، 395، 396 و 399 وقمت من النظرة الأولى باتباع طريقة الجمع التقليدية تصبح العملية مسألة حسابية ذهنية معقدة بعض الشئ. ولكنك إذا نظرت إلى تلك الأرقام من زاوية أنها: 400-2، 400-5، 400-4 و 400-1 فإنك سوف تعرف نتيجتها ببساطة متناهية وهي 1600-12=1588. لقد حللت المسألة بكل بساطة لمجرد رؤيتها من منطلق مختلف وصياغتها بشكل مغاير.
إذن، كيف يمكننا أن نتخذ موقفا مغايرا من أية مسألة؟ فبدلا من النظر إلى الأمور انطلاقا من حيث نقف، دعنا نراها من وجهة نظر العميل أو المنتج أو المورد أو الطفل أو الغريب أو الممثل الكوميدي أو الدكتاتور أو الفوضوي أو المعماري أو سلفادور دالي أو ليوناردو دافينشي.
إن ليندسي اوين جونز هو المدير التنفيذي البريطاني الذي ابتكر أفكارا جديدة لمجموعة لوريل الفرنسية مما مكنها من تحقيق نتائج باهرة. وقد سؤل مؤخرا ما إذا كان يخشى المنافسة في مجال مواد التجميل من قبل شركات عملاقة مثل يونيليفر و بروكتور آند جامبل. فأجاب ببساطة أن لوريل لديها نظرة تختلف عن كل الشركات العاملة في المجال "فالمنافسة في مجال عملنا لا تتمحور حول حرب الأسعاروتحقيق الأرباح. فالعميل لا تهمه الأسعار بقدر ما يهمه المنتج وجودته: هل هو منتج جذاب، مغري، خيالي وجميل؟ وهل هو ما يريده في هذه اللحظة؟".
عندما تريد دراسة أحد الأودية، فكم من المواقع تتخذ للنظر إلى ذلك الوادي؟ فيمكن أن تنظر إليه من أعلى إلى أسفل، أو من أسفل إلى أعلى. وقد تنظر إليه من ناحية النهر أو من ناحية الجبل. وقد تسير عبره أو تقود سيارتك عبر طرقاته أو قد تستغل مركبا عبر النهر لتراه. وقد تكتفي برؤية صورة للوادي مأخوذة بالأقمار الصناعية، أو النظر إلى خريطة للوادي. فأي من هذه الطرق تمنحك رؤية مختلفة للوادي، وكل منها تضيف إلى فهمك للوادي. فلماذا لا نفعل الشيء نفسه مع المسائل المتعلقة بأعمالنا؟ ولماذا نستعجل الحكم على الأمور قبل دراسة كل نواحيها؟
يعتبر ادوارد دو بونو أحد أساطين التفكير المتعدد الجوانب. فهو يصف لنا كيف تمكن من تقديم النصح لشركة فورد للسيارات لتحسين وضعها التنافسي في الأسواق الأوربية. فقد تقدم بفكرة مبتكرة لفورد التي كانت تفكر في أمر المنافسة من منطلق مصنع السيارات الذي يشغل باله السؤال التالي: "كيف نجعل سياراتنا أكثر جذبا للمستهلك". ولكن بونو رأي المسألة من زاوية أخرى تتمثل في: "كيف نجعل قيادة السيارة أمرا مريحا لسائقي سيارات فورد؟". وبناء عليه اقترح بونو على فورد شراء مواقف للسيارات بكل المدن الكبرى وجعلها متاحة لسائقي سيارات فورد فقط. وقد كانت تلك فكرة بعيدة عن تفكير شركة فورد التي ترى نفسها مجرد مصنع للسيارات لا علاقة له بمجال مواقف السيارات.
إن المبدعين العظماء لم يركنوا إلى الأفكار التقليدية ولم يكتفوا بتطوير الأفكار القائمة. بل أنهم تبنوا أفكارا مختلفة تماما أسهمت في الانتقال بمجتمعاتهم إلى آفاق جديدة. فالرسام العالمي بيكاسو اتخذ منهجا مختلفا في الرسم، والعالم اينشتاين ابتدع نظريات جديدة في الفيزياء ، وداروين أبدع نظرية النشوء. فكل منهم نظر إلى العالم من زاوية جديدة. وعلى نفس النهج سار المحدثون، فجيف بيزوس انتهج طرقا جديدة في تسويق الكتب عبر موقع امازون على الانترنت، واستيليوز أبدع نظرية جديدة في إيزيجيت سواتش أحدثت نقلة جبارة في صناعة الساعات، كما غيرت إيكيا نظرتنا إلى عالم الأثاث. وهكذا فإن نظرتنا إلى العالم من اتجاهات مختلفة يؤدي إلى امتلاكنا لإمكانيات إبداعية لا محدودة.
إن بول سلون قد قدم العديد من المحاضرات وأقام العديد من ورش العمل حول التفكير الجانبي والقيادة والإبداع. فهو مؤلف كتاب "دليل القادة لمهارات التفكير الجانبي" الصادر عن كوجان-بايج: www.destination-innovation.com (http://www.destination-innovation.com)
المرجع : http://www.mawhiba.org.sa/Home/Topics/Publications/Prints/Newseletter/No+4/3.htm
الكاتب: بول سلون
هل وقفت على إحدى الغابات وبدت لك مجرد مجموعة من الأشجار النامية بشكل عشوائي. ثم قمت بالسير خطوات باتجاه مغاير لموقعك الأول فرأيت تلك الأشجار متراصة بشكل منظم؟ فنحن في بعض الأحيان نتخذ من الأشياء موقفا خاطئا لأننا ننظر إليها من زاوية خاطئة. فعلينا إذا عند بحث أية مشكلة أن ننظر إليها انطلاقا من الموقع الصحيح قبل إصدار حكمنا عليها ومن ثم التوصل إلى الحلول المناسبة لها.
لقد أطلق البرت زينت جورجي، مخترع فيتامين ج ، عبارته الشهيرة "إن العبقري هو الذي يرى ما يراه الآخرون ولكنه يفكر فيما لا يفكر فيه أحد منهم". فإنك إذا بحثت الأمر من منطلق مختلف فإنك تكون أقدر على التوصل إلى أفكار وحلول جديدة عما يصل إليه الآخرون.
فإذا طلب منك جمع الأعداد: 398، 395، 396 و 399 وقمت من النظرة الأولى باتباع طريقة الجمع التقليدية تصبح العملية مسألة حسابية ذهنية معقدة بعض الشئ. ولكنك إذا نظرت إلى تلك الأرقام من زاوية أنها: 400-2، 400-5، 400-4 و 400-1 فإنك سوف تعرف نتيجتها ببساطة متناهية وهي 1600-12=1588. لقد حللت المسألة بكل بساطة لمجرد رؤيتها من منطلق مختلف وصياغتها بشكل مغاير.
إذن، كيف يمكننا أن نتخذ موقفا مغايرا من أية مسألة؟ فبدلا من النظر إلى الأمور انطلاقا من حيث نقف، دعنا نراها من وجهة نظر العميل أو المنتج أو المورد أو الطفل أو الغريب أو الممثل الكوميدي أو الدكتاتور أو الفوضوي أو المعماري أو سلفادور دالي أو ليوناردو دافينشي.
إن ليندسي اوين جونز هو المدير التنفيذي البريطاني الذي ابتكر أفكارا جديدة لمجموعة لوريل الفرنسية مما مكنها من تحقيق نتائج باهرة. وقد سؤل مؤخرا ما إذا كان يخشى المنافسة في مجال مواد التجميل من قبل شركات عملاقة مثل يونيليفر و بروكتور آند جامبل. فأجاب ببساطة أن لوريل لديها نظرة تختلف عن كل الشركات العاملة في المجال "فالمنافسة في مجال عملنا لا تتمحور حول حرب الأسعاروتحقيق الأرباح. فالعميل لا تهمه الأسعار بقدر ما يهمه المنتج وجودته: هل هو منتج جذاب، مغري، خيالي وجميل؟ وهل هو ما يريده في هذه اللحظة؟".
عندما تريد دراسة أحد الأودية، فكم من المواقع تتخذ للنظر إلى ذلك الوادي؟ فيمكن أن تنظر إليه من أعلى إلى أسفل، أو من أسفل إلى أعلى. وقد تنظر إليه من ناحية النهر أو من ناحية الجبل. وقد تسير عبره أو تقود سيارتك عبر طرقاته أو قد تستغل مركبا عبر النهر لتراه. وقد تكتفي برؤية صورة للوادي مأخوذة بالأقمار الصناعية، أو النظر إلى خريطة للوادي. فأي من هذه الطرق تمنحك رؤية مختلفة للوادي، وكل منها تضيف إلى فهمك للوادي. فلماذا لا نفعل الشيء نفسه مع المسائل المتعلقة بأعمالنا؟ ولماذا نستعجل الحكم على الأمور قبل دراسة كل نواحيها؟
يعتبر ادوارد دو بونو أحد أساطين التفكير المتعدد الجوانب. فهو يصف لنا كيف تمكن من تقديم النصح لشركة فورد للسيارات لتحسين وضعها التنافسي في الأسواق الأوربية. فقد تقدم بفكرة مبتكرة لفورد التي كانت تفكر في أمر المنافسة من منطلق مصنع السيارات الذي يشغل باله السؤال التالي: "كيف نجعل سياراتنا أكثر جذبا للمستهلك". ولكن بونو رأي المسألة من زاوية أخرى تتمثل في: "كيف نجعل قيادة السيارة أمرا مريحا لسائقي سيارات فورد؟". وبناء عليه اقترح بونو على فورد شراء مواقف للسيارات بكل المدن الكبرى وجعلها متاحة لسائقي سيارات فورد فقط. وقد كانت تلك فكرة بعيدة عن تفكير شركة فورد التي ترى نفسها مجرد مصنع للسيارات لا علاقة له بمجال مواقف السيارات.
إن المبدعين العظماء لم يركنوا إلى الأفكار التقليدية ولم يكتفوا بتطوير الأفكار القائمة. بل أنهم تبنوا أفكارا مختلفة تماما أسهمت في الانتقال بمجتمعاتهم إلى آفاق جديدة. فالرسام العالمي بيكاسو اتخذ منهجا مختلفا في الرسم، والعالم اينشتاين ابتدع نظريات جديدة في الفيزياء ، وداروين أبدع نظرية النشوء. فكل منهم نظر إلى العالم من زاوية جديدة. وعلى نفس النهج سار المحدثون، فجيف بيزوس انتهج طرقا جديدة في تسويق الكتب عبر موقع امازون على الانترنت، واستيليوز أبدع نظرية جديدة في إيزيجيت سواتش أحدثت نقلة جبارة في صناعة الساعات، كما غيرت إيكيا نظرتنا إلى عالم الأثاث. وهكذا فإن نظرتنا إلى العالم من اتجاهات مختلفة يؤدي إلى امتلاكنا لإمكانيات إبداعية لا محدودة.
إن بول سلون قد قدم العديد من المحاضرات وأقام العديد من ورش العمل حول التفكير الجانبي والقيادة والإبداع. فهو مؤلف كتاب "دليل القادة لمهارات التفكير الجانبي" الصادر عن كوجان-بايج: www.destination-innovation.com (http://www.destination-innovation.com)
المرجع : http://www.mawhiba.org.sa/Home/Topics/Publications/Prints/Newseletter/No+4/3.htm