علاء
05-09-2008, 12:28 AM
لماذا يستهدفوننا جنسياً ؟
http://www.alriyadh.com/2008/05/08/img/075650.jpg
بدر الراشد
أبسط تعريف للاتصال "جعل الشيء شائعاً ومألوفاً ومشتركاً بين الناس" فالانتشار يعتبر المرتكز الأساسي أو الشفرة الرئيسية في أي عملية إعلامية، ومن ناحية أخرى، يضاف ما هو رئيسي أيضاً في الإعلام "كجزء من الاتصال" ألا وهو الربح أو المردود المادي، لا يمكن أن تنفك أي عملية إعلامية ناجحة عن الاستثمار، وإلا تحولت إما لإعلام مشبوه موجه، ينفر منه المتابع، أو إعلام حكومي، لا يحقق للجمهور الحد الأدنى من الإشباع.
من هنا جاء عصر اقتصاديات الإعلام، وكون الإعلام أكثر المشاريع إدراراً للربح، وعوامل الربح هنا كثيرة ومتعددة ولا تحدها حدود، فقد يستطيع المبدع أن يخلق شيئاً من لا شيء، ويحقق ربحاً مادياً هائلاً في بيئة أو منطقة لا تمت للإعلام بصلة، أي ليس لها تاريخ ربحي إعلامي، وذلك عن طريق فكرة لا أكثر.
بعد هذه المقدمة البديهية، يظهر تساؤل حول بعض وسائل الإعلام العربية: لماذا يركز بعض الوسائل الإعلامية على القضايا الجنسية والبحث عنها في كل شيء "الغناء والرقص والدراما والمسرح والأخبار والاقتصاد والثقافة والمجتمع.. إلخ"؟ لماذا تبحث عن الجانب الجنسي في كل شيء؟
ومن هنا يأتي العديد من التفسيرات، الأكثر انتشاراً هو التفسير الأخلاقي والرؤية وفق منطق المؤامرة، أي أن القائمين على الإعلام يستهدفون خلخلة أخلاق المجتمع وإسقاطها، ويطل أحياناً التفسير المادي، أي أن الجوانب الجنسية هي الأكثر رواجاً وانتشاراً وبالتالي هي الأقدر على البيع وجلب المال.
التفسيران الأول والثاني يدخلان مباشرة إلى بحث دوافع وسائل الإعلام، ومع أن إثبات الرأي الأول متعذر بشكل أو بآخر "قصدية إفساد المجتمع" فكون الشيء رائجاً لا يدل مباشرة على وجود مؤامرة لترويجه، فألعاب الكمبيوتر رائجة بشكل هائل، ومتابعة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم كذلك، وتوزع مجلات الشعر الشعبي وبرامج الشعر الفضائية، ومسابقات مزاين الإبل وتنامي ظهور الاعتزاز بالقبيلة، فلا يمكن بأي حال من الأحوال إحالة كل هذه الأشياء الرائجة إلى دائرة "المؤامرة" فقط لأنها رائجة، خاصة أن هذه الإحالة تأخذ غالباً الجانب التبريري، "إنهم يفعلون هذا بنا" دون الحديث عن مسؤولياتنا نحن حيال ما يحدث، هذا ونحن نتجاهل الجانب الآخر، أن القنوات الإباحية منتشرة جداً في أوروبا، والقنوات الدينية لا تحظى بحضور هناك، فهل يستهدفون مجتمعاتهم أيضاً؟!
أما عن الدافع الثاني لدى وسائل الإعلام، "الربح المادي" فمحاولة الخوض فيه شيء زائد لا طائل من ورائه، كل وسائل الإعلام تبحث عن الربح المادي وهذا شيء معلن ولا يعتبر سراً من الأسرار التي نحتاج إلى مزيد حذلقة لإثباته، لكن كلا التفسيرين يبحثان بشكل مباشر في المرسل "وسيلة الإعلام" ومع أن الرسالة ثابتة دائماً "القضايا الجنسية" فلماذا نستبعد "المسءتقءبل" من البحث والتحليل؟
هنا ننطلق ولو بشكل ضمني "من خلال استبعاد المستءتقءبل" أنه كائن مستلب، ضعيف، لا يحمل أي محتوى، وبالتالي لا نتحدث عنه أو نلتفت إليه بصفته فاعلاً، بقدر ما نحاول أن نلوم وسائل الإعلام أو نرجوها أو ندفعها لتحسين رسالتها الإعلامية كي لا تفسد هذا الكائن "الجمهور" المستلب والمتخلف.
حين جاءت القنوات الدينية استطاعت أن تجذب قدراً من الجمهور "إذاً الجمهور قادر على الاختيار والتمييز" ومع التطور الإعلامي اتضح أن القنوات التقليدية ضعيفة أو لم تصمد طويلاً فجاءت قنوات دينية أخرى بقوالب ومحتوى مختلف وحديث واستطاعت أن تحوز على شريحة مهمة من الجمهور خاصة في أوساطها أو ضمن شريحتها، كما أن القنوات الوثائقية اقتطعت حصة جيدة بل ممتازة من الجمهور، وهنا نتحدث عن قنوات متخصصة لأنها بالفعل ومن خلال المتابعة خلال سنوات يتضح أنها استطاعت النجاح والصمود والتطوير، إذاً هي قنوات مشاهدة ولها جمهورها وقادرة على جلب الأرباح، وهذا ينسحب على القنوات الرياضية والقنوات الإخبارية السياسية، والقنوات الإعلانية.. إلخ، أي أن الجمهور واعٍ وقادر على الاختيار والتمييز والذهاب إلى ما يحتاج، ولكي لا نخرج عن موضوعنا، هل هناك استهداف للجمهور بالمواضيع الجنسية؟ لا أعتقد هذا "ومن خلال المقدمات التي سردتها" لكن هناك معادلة يرى منتجو الإعلام بأنها رائجة "جنس + قالب إعلامي = ربح" وهنا تضع الجنس بأي صورة كانت، من الأفلام الفاضحة وحتى الحديث الاجتماعي عن الاغتصاب، والخبر الاقتصادي عن المردود المادي للبغاء، والقوالب الإعلامية من الصحيفة الصفراء وحتى قنوات الدعارة أو مواقع الإنترنت الإلكترونية. نحن هنا لا نتحدث عن إشكالية إعلامية بقدر حديثنا عن إشكالية اجتماعية، لو كان الجمهور مُعرضاً عن القضايا الجنسية إعراضه عن الثقافة مثلاً، لرأينا المواضيع الجنسية نادرة ندرة البرامج الثقافية والصفحات الثقافية في عالمنا العربي اليوم، ولو كانت الثقافة تنتج وتبيع وتحقق ربحاً مادياً، لتحولت كل الصفحات الرياضية والاقتصادية وربما السياسية في الصحف إلى صفحات ثقافية، وعندها - ربما - ستكون هناك مؤامرة لتثقيف الأمة!! وهذا ما حدث بشكل آخر، حين فرضت الرواية الأدبية في المجتمع السعودي نفسها، اقتطعت جزءاً من كعكة الإعلام، وأصبحت تناقش في الصحف والبرامج التلفزيونية وتعقد من أجلها الندوات وهي نتاج مكتوب، كما كان الشعر يحوز حضوراً إعلامياً مميزاً في الثمانينات، هنا الجمهور فرض ذائقته و ما يريد على وسائل الإعلام، أجبر وسائل الإعلام على وضع رغباته ضمن أجندتها لتبيع وتربح وتسوق.
http://www.alriyadh.com/2008/05/08/article340779.html (http://www.alriyadh.com/2008/05/08/article340779.html)
http://www.alriyadh.com/2008/05/08/img/075650.jpg
بدر الراشد
أبسط تعريف للاتصال "جعل الشيء شائعاً ومألوفاً ومشتركاً بين الناس" فالانتشار يعتبر المرتكز الأساسي أو الشفرة الرئيسية في أي عملية إعلامية، ومن ناحية أخرى، يضاف ما هو رئيسي أيضاً في الإعلام "كجزء من الاتصال" ألا وهو الربح أو المردود المادي، لا يمكن أن تنفك أي عملية إعلامية ناجحة عن الاستثمار، وإلا تحولت إما لإعلام مشبوه موجه، ينفر منه المتابع، أو إعلام حكومي، لا يحقق للجمهور الحد الأدنى من الإشباع.
من هنا جاء عصر اقتصاديات الإعلام، وكون الإعلام أكثر المشاريع إدراراً للربح، وعوامل الربح هنا كثيرة ومتعددة ولا تحدها حدود، فقد يستطيع المبدع أن يخلق شيئاً من لا شيء، ويحقق ربحاً مادياً هائلاً في بيئة أو منطقة لا تمت للإعلام بصلة، أي ليس لها تاريخ ربحي إعلامي، وذلك عن طريق فكرة لا أكثر.
بعد هذه المقدمة البديهية، يظهر تساؤل حول بعض وسائل الإعلام العربية: لماذا يركز بعض الوسائل الإعلامية على القضايا الجنسية والبحث عنها في كل شيء "الغناء والرقص والدراما والمسرح والأخبار والاقتصاد والثقافة والمجتمع.. إلخ"؟ لماذا تبحث عن الجانب الجنسي في كل شيء؟
ومن هنا يأتي العديد من التفسيرات، الأكثر انتشاراً هو التفسير الأخلاقي والرؤية وفق منطق المؤامرة، أي أن القائمين على الإعلام يستهدفون خلخلة أخلاق المجتمع وإسقاطها، ويطل أحياناً التفسير المادي، أي أن الجوانب الجنسية هي الأكثر رواجاً وانتشاراً وبالتالي هي الأقدر على البيع وجلب المال.
التفسيران الأول والثاني يدخلان مباشرة إلى بحث دوافع وسائل الإعلام، ومع أن إثبات الرأي الأول متعذر بشكل أو بآخر "قصدية إفساد المجتمع" فكون الشيء رائجاً لا يدل مباشرة على وجود مؤامرة لترويجه، فألعاب الكمبيوتر رائجة بشكل هائل، ومتابعة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم كذلك، وتوزع مجلات الشعر الشعبي وبرامج الشعر الفضائية، ومسابقات مزاين الإبل وتنامي ظهور الاعتزاز بالقبيلة، فلا يمكن بأي حال من الأحوال إحالة كل هذه الأشياء الرائجة إلى دائرة "المؤامرة" فقط لأنها رائجة، خاصة أن هذه الإحالة تأخذ غالباً الجانب التبريري، "إنهم يفعلون هذا بنا" دون الحديث عن مسؤولياتنا نحن حيال ما يحدث، هذا ونحن نتجاهل الجانب الآخر، أن القنوات الإباحية منتشرة جداً في أوروبا، والقنوات الدينية لا تحظى بحضور هناك، فهل يستهدفون مجتمعاتهم أيضاً؟!
أما عن الدافع الثاني لدى وسائل الإعلام، "الربح المادي" فمحاولة الخوض فيه شيء زائد لا طائل من ورائه، كل وسائل الإعلام تبحث عن الربح المادي وهذا شيء معلن ولا يعتبر سراً من الأسرار التي نحتاج إلى مزيد حذلقة لإثباته، لكن كلا التفسيرين يبحثان بشكل مباشر في المرسل "وسيلة الإعلام" ومع أن الرسالة ثابتة دائماً "القضايا الجنسية" فلماذا نستبعد "المسءتقءبل" من البحث والتحليل؟
هنا ننطلق ولو بشكل ضمني "من خلال استبعاد المستءتقءبل" أنه كائن مستلب، ضعيف، لا يحمل أي محتوى، وبالتالي لا نتحدث عنه أو نلتفت إليه بصفته فاعلاً، بقدر ما نحاول أن نلوم وسائل الإعلام أو نرجوها أو ندفعها لتحسين رسالتها الإعلامية كي لا تفسد هذا الكائن "الجمهور" المستلب والمتخلف.
حين جاءت القنوات الدينية استطاعت أن تجذب قدراً من الجمهور "إذاً الجمهور قادر على الاختيار والتمييز" ومع التطور الإعلامي اتضح أن القنوات التقليدية ضعيفة أو لم تصمد طويلاً فجاءت قنوات دينية أخرى بقوالب ومحتوى مختلف وحديث واستطاعت أن تحوز على شريحة مهمة من الجمهور خاصة في أوساطها أو ضمن شريحتها، كما أن القنوات الوثائقية اقتطعت حصة جيدة بل ممتازة من الجمهور، وهنا نتحدث عن قنوات متخصصة لأنها بالفعل ومن خلال المتابعة خلال سنوات يتضح أنها استطاعت النجاح والصمود والتطوير، إذاً هي قنوات مشاهدة ولها جمهورها وقادرة على جلب الأرباح، وهذا ينسحب على القنوات الرياضية والقنوات الإخبارية السياسية، والقنوات الإعلانية.. إلخ، أي أن الجمهور واعٍ وقادر على الاختيار والتمييز والذهاب إلى ما يحتاج، ولكي لا نخرج عن موضوعنا، هل هناك استهداف للجمهور بالمواضيع الجنسية؟ لا أعتقد هذا "ومن خلال المقدمات التي سردتها" لكن هناك معادلة يرى منتجو الإعلام بأنها رائجة "جنس + قالب إعلامي = ربح" وهنا تضع الجنس بأي صورة كانت، من الأفلام الفاضحة وحتى الحديث الاجتماعي عن الاغتصاب، والخبر الاقتصادي عن المردود المادي للبغاء، والقوالب الإعلامية من الصحيفة الصفراء وحتى قنوات الدعارة أو مواقع الإنترنت الإلكترونية. نحن هنا لا نتحدث عن إشكالية إعلامية بقدر حديثنا عن إشكالية اجتماعية، لو كان الجمهور مُعرضاً عن القضايا الجنسية إعراضه عن الثقافة مثلاً، لرأينا المواضيع الجنسية نادرة ندرة البرامج الثقافية والصفحات الثقافية في عالمنا العربي اليوم، ولو كانت الثقافة تنتج وتبيع وتحقق ربحاً مادياً، لتحولت كل الصفحات الرياضية والاقتصادية وربما السياسية في الصحف إلى صفحات ثقافية، وعندها - ربما - ستكون هناك مؤامرة لتثقيف الأمة!! وهذا ما حدث بشكل آخر، حين فرضت الرواية الأدبية في المجتمع السعودي نفسها، اقتطعت جزءاً من كعكة الإعلام، وأصبحت تناقش في الصحف والبرامج التلفزيونية وتعقد من أجلها الندوات وهي نتاج مكتوب، كما كان الشعر يحوز حضوراً إعلامياً مميزاً في الثمانينات، هنا الجمهور فرض ذائقته و ما يريد على وسائل الإعلام، أجبر وسائل الإعلام على وضع رغباته ضمن أجندتها لتبيع وتربح وتسوق.
http://www.alriyadh.com/2008/05/08/article340779.html (http://www.alriyadh.com/2008/05/08/article340779.html)