علامات كلية التربية حلب الفصل الثاني 2012


التسجيل قائمة الأعضاء البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
المكتبة التربوية اكتب اسم البحث لتحصل على المساعدة منتدى الحقوق


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
قديم 02-10-2009, 10:00 AM   رقم المشاركة : 1
Emerald
تربوي نشيط
 
الصورة الرمزية Emerald





 

آخر مواضيعي

Emerald غير متواجد حالياً

Emerald is on a distinguished road


افتراضي مقالات ودراسات

القلق..سليمان الكفيري

الانفعال بالناس والأشياء شيء مرغوب وجزء رئيسي من متطلبات الصحة والنضوج. فنحن نفرح ونسر عندما نتوقع تحقيق هدف أو رغبة،

ونخاف عندما نتعرض لخطر ما، وندهش للأشياء الغريبة والمفاجئة، ونحس بالندم للأخطاء التي كان بإمكاننا تصحيحها، ونغضب عندما نجد اعتداءً على حقوقنا أو مكاسبنا، ونحب البعض، ونكره البعض الآخر. فهذه كلها انفعالات محمودة وسوية طالما أنها تحدث في وقتها الملائم وفي الظروف الملائمة. لكننا جميعاً ـ ودون استثناء ـ تعرضنا للحظات شعرنا خلالها بالاضطراب النفسي بكل ما يتسم به من توتر شديد والوقوع تحت رحمة انفعالات قوية تعجزنا عن التفكير الملائم والتصرف الفعال، وتوقعنا في ضروب أخرى من المعاناة والاستثارة الزائدة. ومن مآسي الاضطراب النفسي هو تلك الاستجابات الانفعالية الحادة التي نسميها القلق.وهو يعطل إمكانيات الإنسان على النمو، ويصيبه بالتوتر وعدم الاستقرار بشكل لا يترك له طاقة لمواجهة المواقف الصعبة أو التفكير في حلها بصورة ملائمة.

ما هو القلق؟

القلق حالة انفعالية مركبة,غير سارة تمثل مزيجا من مشاعر الخوف المستمر والفزع والرعب نتيجة توقع شر وشيك الحدوث أو نتيجة الإحساس بالخطر والتهديد من شئ مجهول أو مرتقب ,فالقلق من المشاعر النفسية المضطربة، التي تنتج عنها في الغالب آثار سيئة مثل: التوتر والانقباض والخوف وعدم الطمأنينة والكآبة، كما يشير الأطباء المختصون إلى انه قد تنتج عن القلق آثار مرضية عضوية كاضطراب القلب وتقلص المعدة والشعور بالإرهاق وغير ذلك.
ولابد من التأكيد على إن القول بأن القلق أو ما يشابهه من المشاعر النفسية أصبح ظاهرة من الظواهر التي تميّز العصر الحديث ولا يخلوا منها مجتمع من المجتمعات ,إن مثيرات القلق لها أسباب كثيرة جامع القول فيها إنها غالباً ما تتعلق بالخوف من المجهول أو المستقبل، ومنها: أسباب خاصة كخوف الطالب وقلقه من الامتحان، وخوف الوالدين على أولادهما عند مرضهم وقلقهم عليهم، والخوف من الموت ونحو ذلك.
وهذا القلق يكون محموداً إذا كان وسيلة لدفع الإنسان إلى الحذر والحيطة وإتقان العمل، ويكون سوياً إذا كان في حجمه الطبيعي الذي يحفظ قدرات الإنسان على العطاء والحرص المتوازن، ويكون مذموماً إذا تعدى حدوده وأدى إلى الانطواء وعدم الثقة بالنفس والإحباط مما يؤدي إلى الإعاقة في العطاء وتحجيم القدرات,وهناك أسباب عامة للقلق ومنها يساهم بتحول القلق إلى مرض نفسي يلازم الفرد في معظم تصرفاته.تقول الباحثة كارن تورني بتحليلها للقلق بوجود ثلاثة عناصراساسية "1- الشعور بالعجز ,2-الشعور بالعداوة ,3- الشعور بالانفراد والعزلة "
وللقلق أنواع ويختلف من حيث الشدة وهذه تختلف من فرد لأخر.

أما أنواع القلق عند فرويد:

قلق موضوعي: وهو رد فعل يحدث لدى الفرد عند إدراكه خطراً خارجياً واقعاً وذلك بوجود إشارة تدل عليه كقلق البحار الخبير حين ينظر إلى سحابة صغيرة في الأفق بأنها تنذر بإعصار شديد.
القلق العصابي: قلق شديد لا تتضح معالم المثير فيه.
القلق الخُلقي: مرتبط بالأنا الأعلى.

أما أسباب القلق على تعددها نستطيع أن نشمل أهمها

أولاً: الخواء الروحي، وما يتبعه من شعور بالوحدة والضياع والخوف من اليوم والغد.
ثانياً: عندما لا يستطيع الفرد أن يرتقي بقدراته وتطلعاته إلى أن يصل إلى المنزلة الاجتماعية أو المستوى الاقتصادي والاجتماعي المرتفع الذي رسمه لنفسه، ولا سيما إذا كان المجتمع الذي يعيش فيه يقيس منازل الناس بقدر ما في جيوبهم، ويحيطهم بهالة من التبجيل والتقدير، فيسيطر القلق على هذا المحروم نتيجة سريان التوتر في أوصاله، وتنسكب الكآبة في جوانحه.
ثالثاً: عدم قدرة هذا الفرد على مجاراة النمط الاستهلاكي السائد في محيط مجتمعه الصغير الأسرة أو الكبير المجتمع الخارجي، فيتملكه القلق، وتنشأ زوابع الكآبة في نفسه.
رابعاً: النزاع والشقاق المتأصل الذي يسود أسرة المريض بالقلق، وكذلك التفكك الأسري، نتيجة الانكباب على المادة، وإهمال أهمية الأسرة المتعاونة المتحابة.
ولا يرتاب عاقل في أن القلق يختلف من مجتمع إلى آخر، بل ومن فرد إلى فرد آخر، أولاً بحسب المعتقدات، وثانياً بحسب نوع ونمط المعيشة الاجتماعية والاقتصادية والعادات والأعراف والتقاليد،

لنستعرض بعض الأخطاء السلوكية التي يمارسها المربون (أباء, أمهات, معلمون) والسلوكيات البديلة:

1- مقارنة الطفل دائما بالآخرين، خاصة أخوته وزملائه.
البديل: ركز على ما يملك الطفل من إمكانيات وبقدرته الشخصية على تنمية نفسه ومواهبه.

2- تذكير الطفل الدائم بأخطائه ونقاط ضعفه، وجوانب النقص منه.
البديل: ركز على ما أنجز الطفل، وعلى ما أحرز من تغير، وشجعه على الاستمرار في حياته.

3- استخدام مشاعر الذنب عند عقابه.."إنك تجرح مشاعرنا". "إنك أناني"، " أن الله سيعاقبك على أفعالك".
البديل: اعرف ما الذي أدى إلى المشكلة وركز على إيجاد الحل الملائم" إنك لم تفعل ذلك لتجرح مشاعرنا ولكنك تريد أن تحصل على اهتمامنا"، "ليس من عادتك الأنانية".

4- التحقير منه ومن إمكانياته ومن قدرته على حل مشكلاته: "هذا رأي طفل"، " لا تتدخل في مناقشة الكبار..الخ.
البديل: أعطه بعض الوقت لسماع رأيه، وناقشه دائما بموضوعية واحترام.
5- لا تركز على التبعية بل شجع على الاستقلال واتخاذ بعض المجازفات. احترم علاقاتهم الاجتماعية بأصدقائهم ولا تشعرهم بالذنب, لا تضيق فرص الطفل في النمو المستقل بقولك: "حياتك من غيرنا صعبة"، " لولانا لما وصلتم"، " سرقتكم الحياة ونسيتمونا".

6- أن ترسم أمامهم بتصرفاتك وسلوكك عند مواجهة الأزمات نموذجا لشخصية متوترة عصبية قلقة مثلا: استخدام الحبوب المهدئة، الشكاوي العضوية الدائمة، التعبير بحزن لما لم تحققه في حياتك.
البديل: عند مواجهة الأزمات استخدم أسلوبا سليما قائما على مواجهة المشكلة والتفكير في حلولها والعمل بنشاط لمواجهة أسباب القلق للتخلص منها.. بذلك ترسم أمامهم نموذجا صحيا مختلفا.

7- التدخل المستمر وعدم احترام خصوصية الطفل من خلال مراقبة كل كبيرة أو صغيرة يقوم بها.
البديل: راقب عن بعد ما يحدث للطفل..تدخل عند الضرورة.. لا تجعل الطفل خائفا حتى وهو بمفرده من أنك ستقتحم عليه خلوته.

8- التركيز على الكمال المطلق، على أنه " يجب أن يكون أذكى من الجميع، "وأشطر" و"أقوى" أو "أنبه" من الكل.
البديل: ركز على ضرورة أن يكون مقتنعا في داخله بإمكانياته وعلى مقدار ما يحصل عليه الطفل من رضا أو إشباع بالنشاطات اليومية التي يقوم بها.

9- التركيز القصدي المتعمد على القلق وإثارة الانشغال " هل تعرف كم تبقى على الامتحان".
البديل: لا تركز على إثارة القلق، ركز على ‘إثارة الدافع للعمل وعلى الإنجاز وعلى النشاط

10- الشكوى الدائمة من الحياة أمام الطفل والتذمر. البديل: تعويد النفس على البحث النشط عن الحلول الإيجابية للمعضلات.
11- القبول بالأعذار، خاصة ونحن نعلم أنها مجرد حجج يختلقها الطفل ليهرب من المسؤولية.

البديل: شجع على المواجهة، وساعد الطفل على أن يحل المشكلة بدلا من أن يهرب منها.
12 - الإكثار من الحديث عن المستقبل " اجتهد وادرس من أجل أن تكون دكتوراً كبيراً، أو مهندساً، أو "غنيا"...الخ.
البديل: ركز على المتعة التي يجنيها الطفل من الشيء ذاته وعلى الأهداف القريبة مثل الشعور بالراحة، والاستمتاع، والاحترام الذي يخلقه النجاح.

13- الدفع المستمر للمنافسة، والتعامل مع الآخرين على أنهم مجرد نماذج يمكن إتباعها أو هزيمتها.
البديل: ركز على العلاقات الإيجابية الدافئة على أنها الهدف، ركز على المشاركة وشجع الطفل على العمل مع الآخرين.

14- الحث الدائم على العجلة، والسرعة والدقة والضغط المستمر في هذا الاتجاه. البديل: أعط الطفل فرصة لإنهاء العمل، وساعده على أن يخطط جدوله ووقته جيدا.. الاستعجال الدائم يربك ويثير القلق.

15- إثارة أهداف غير واقعية: ستكون دائما الأول، " ستكون أشهر وأحسن طبيب ".
البديل: إثارة أهداف واقعية قصيرة المدى" أعتقد أنك لو خصصت 15 دقيقة يوميا لمذاكرة الحساب، سيرتفع تقديرك عما هو عليه"، غير الهدف عند الضرورة.

16- التخويف المستمر من العالم ومن الخارج: " لا تتحدث مع الكبار"، "لا تلعب لأنك ستتعدى بالمرض"، " لا تنزل المياه لأنك لا تعرف السباحة".
البديل: التشجيع على المجازفات المحسوبة..علمه السباحة بدلا من تخويفه من الماء، اجعله يحيط نفسه بالملبس الملائم في الأوقات الباردة...الخ

17- إظهار الضجر عندما يتصرف الطفل بما يناسب عمره والإصرار على أن يكون أنضج أو أكبر من سنه.
البديل: زود نفسك ببعض الثقافة الملائمة بما يناسب العمر، واجعل الطفل يسعد بالتصرفات الملائمة لسنه، أو حجمه مع أطفال من نفس العمر.

18- العقاب المستمر عند الخطأ.
البديل: إذا كان لا بد من العقاب، وضح السبب فيه، وبين أيضا الطريقة الصحيحة للتصرف أو الفعل المرتَكب.

19- العزوف عن الحوار والمناقشة في أمور حياتهم، واهتماماتهم، ومخاوفهم، والتركيز على النقد، والقفز لإعطاء النصائح الشكلية.
البديل: خصص دائما بعض الوقت لمناقشتهم في مخاوفهم دون سخرية منها، اجعلهم يصلوا للحلول بأنفسهم حتى ولو كنت تعرفها، شجعهم على التعبير عن الرأي والمشاعر أمامك.

- التردد في اتخاذ القرار أو التأجيل الدائم وإلحاحهم. البديل: لا تخشى من اتخاذ القرارات وتجنب التأجيل الدائم، أرفض بوضوح وهدوء المتطلبات غير الواقعية، ونفذ ما تعد به إذا كان ممكناً..


مع كل ما تقدم هل حقاً نستطيع أن نبعد القلق عن أنفسنا وعن غيرنا؟!.

سليمان فواز الكفيري- باحث- إجازة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية قسم الفلسفة وعلم النفس/جامعة دمشق







آخر تعديل بواسطة Emerald بتاريخ 02-10-2009 الساعة 10:10 AM .
  رد مع اقتباس
قديم 02-10-2009, 10:06 AM   رقم المشاركة : 2
Emerald
تربوي نشيط
 
الصورة الرمزية Emerald





 

آخر مواضيعي

Emerald غير متواجد حالياً

Emerald is on a distinguished road


افتراضي الخجل عند الأطفال

الخجل عند الأطفال سليمان فواز الكفيري

تختلط بعض المصطلحات والمفاهيم النفسية مع بعضها بعضاً.ومنها الخجل والحياء هل هما متطابقان؟هل هما مختلفان؟هل هما متقاربان؟

لماذا الحياء عندنا نحن الشرقيين صفة مرغوبة ومحببة؟وخصوصاً عند الإناث.
من هو الطفل الخجول؟وهل الخجل خاصة سيكولوجية ثابتة؟أو مكتسبة من التربية؟وهل يمكن معالجتها وتعديلها؟لماذا يصبح الطفل خجولاً؟ما هي الأساليب التربوية السليمة للتعامل مع الطفل الخجول؟
كثيراً ما نرى بعض الآباء يأمرون طفلهم الخجول بأن يكون مقداماً جريئاً.. كما لو أن الطفل بيدهم أداة طيعة لتنفيذ الأوامر، غير مدركين أنهم بهذا يهدمون شخصية الطفل ويزداد خجلاً..
بينما نرى في الوقت نفسه بعض الآباء يعرفون الطرق الصحيحة للتعامل مع الطفل الخجول ويشجعونه و يوجهونه التوجيه السليم فينجحون في بناء شخصيته بناءً سليماً خالياً من العقد والمشكلات النفسية.

من هو الطفل الخجول؟


يحدث الخجل عند الطفل كانفعال معين بعد سن الثالثة من العمر تقريباً ومن فترة لأخرى بمناسبة أو موقف من المواقف. ويرافقه مظاهر تتجلى باحمرار الوجه والإحساس بالضيق والتوتر والقلق واضطراب الأعضاء و محاولة الهروب والاختفاء عن أنظار الموجودين، كأن يخبئ الطفل عينيه ويغلق أذنيه حتى لا يسمع شيئاً ويدفن رأسه في حضن أمه ليتجنب ملاحظات الآخرين وانتقاداتهم أو تعليقاتهم..وغالباً ما نلاحظ أنّ الطفل الخجول طفلاً غير آمن، تنقصه المهارات الاجتماعية، ويفتقر إلى الثقة بالنفس والاعتماد على الذات، متردداً، لا مبالياً، منطوياً على ذاته غير مستقر، يخاف بسهولة، يتجنب الألفة والمبادرة والدخول في المغامرات الاجتماعية والاتصال مع الآخرين فلا يبدي اهتماماً بهم أوبالتحدث إليهم، ويشعر بالاختلاف والنقص وعدم الارتياح الداخلي ويحاول دائماً الابتعاد عن الاندماج أو الاشتراك مع أقرانه في نشاطاتهم ومشاريعهم في المدرسة لخوفه من تقييمهم السلبي له واعتقاده بأن الآخرين سينقدونه ويفكرون به على نحو سييء. وغالباً ما يكون خوفه مصحوباً بسلوك اجتماعي غير مناسب يتصف بالارتباك وقلة الكلام مما يحول دون استمتاعه بالخبرات الجديدة أو الحصول على الثناء الاجتماعي من قبل معلميه وأصدقائه والذين بدورهم يتجنبونه على الأغلب..

لماذا ينشأ الطفل خجولاً؟


يعود خجل الطفل الشديد إلى فقدان الإحساس بالأمن و الطمأنينة الكافية وإلى إتباع الوالدان أساليب عشوائية في تربيته والتي تظهر في نماذج مختلفة.. كاستخدام أساليب القسوة و اللوم المتكرر والشدة الزائدة على الطفل في أن يكون مهذباً، والإفراط في توجيهه و إرشاده , أو إهماله وعدم الاكتراث به، أو عدم الثبات في معاملته والتأرجح (تارة بين الحزم غير العنيف وتارة التعاطف و التساهل جداً أو العقاب بعنف)، أو توجيه النقد الزائد له و البحث عن أخطائه والسخرية من عيوبه و الإكثار من توبيخه و تأنيبه لأتفه الأسباب و تصحيح أخطائه بأسلوب قاس وعلى نحو متكرر و خصوصاً أمام الآخرين، مما يزيد من شعوره بأنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً صحيحاً و يتوقع دائماً الاستجابات السلبية.. ويؤدي ذلك بالطفل إلى مزيد من مشاعر القلق و الخوف ويدخله عميقاً في دائرة الخجل والاضطرابات النفسية.
وأيضاً من الأسباب التي تجعل الطفل يفقد الشعور بالأمن: العناية الزائدة به أو إفراط الأهل بحمايته، ويأخذ ذلك أشكالاً متعددة.. كرغبة الأم باعتماد طفلها عليها في المأكل والمشرب و قضاء الحاجة و تنظيف الجسد، أوعدم إتاحة الفرصة له بالخروج مع أصدقائه في نزهة و اللعب معهم خوفاً من وقوع الأذى عليه أو حتى لا يكتسب السلوكيات السيئة من قبل الآخرين وغيرها من مخاوف قد تجعل الطفل اتكالياً، سلبياً غير فاعل , فرصته في المغامرة محدودة , فاقد الحيوية والنشاط المبدع مما يجعله ضعيف التكيف والانسجام مع الآخرين ومع ذاته أحيانا.
أيضاً هناك ممارسات والدية خاطئة أخرى تعزز الشعور بالخجل عند الطفل كمعاملة الطفل الذكر معاملة الأنثى في الشكل والممارسة والعكس بالنسبة للأنثى..إضافة إلى أمور تتعلق بوجود إعاقة جسمية لدى الطفل و التي تجعل الأطفال الآخرين يتجنبوه أو وجود تلعثم عنده وضعف قدرته على التعبير أو وجود أهل خجولين , أو الحديث أمام الطفل عن الآخرين بطريقة سلبية مما يزرع الخوف عنده فيخشى الآخرين ويبتعد عنهم
كل الأساليب السابقة منفردة أو مجتمعة يمكن أن تؤدي إلى شعور الطفل بالدونية وعدم الأمان وتجعله يعيش بتوتر و صراع وانطواء و رغبة في تقليص الصلة بينه و بين الناس و البعد عن النشاطات و الحركة والاندماج الاجتماعي.. مما ينعكس سلباً على صحته النفسية والصحية وعلى تحصيله الدراسي وتكيفه وانسجامه.

كيف نتعامل مع الطفل الخجول؟


يمكننا تخفيف حدة مشاعر الخجل الشديد و الحساسية العالية عند الطفل وإعادة ثقته بنفسه وتصحيح فكرته عن ذاته وتنمية مهارات اجتماعية إيجابية لديه من خلال ما يلي:
توفير مناخ عائلي للطفل يسوده الشعور بالأمن و الثقة و المحبة والوفاق الأسري.
إشعاره بالتقبل والحب و التقدير والصداقة و الإنصات له ليفصح عما في نفسه من مشاعر غضب و قلق و مخاوف وهواجس و محاولة إيجاد الحل لها , كل ذلك بحب واحترام ومرونة.
الإصغاء إلى أفكار الطفل ومشاعره وأرائه ومتطلباته وقصصه ومحاولة فهمها لدى التعبير عنها ومناقشته بابتسام و لطف.
الابتعاد عن استخدام الأساليب السلطوية وعبارات الغضب والتأنيب والتهديد والمهانة من مثل (إياك أن تحدث أباك عن...) أو (لا أريد سماع صوتك) (أنت مزعج،متعب، بليد...) وغيرها من كلمات قد تثير القلق وتزيد من خجله.
عدم مقارنته بأخوة أو أصدقاء أفضل منه من حيث القدرات والاستعدادات.
تشجيع حب الاستقلالية والاعتماد على النفس بشكل تدريجي عند الطفل الخجول و التقليل من حمايته الزائدة أو الاستمرار في تدليله وذلك لكي يستعيد ثقته بنفسه.
تعليمه التصرف بالطريقة المناسبة لعمره.
إتاحة الفرصة للطفل ليقول ويدخل ويعيش مواقف يستطيع النجاح فيها.
تعليمه التعامل والتكيف مع مزاح الآخرين وإغاظتهم بدرجة بعيدة عن الحساسية المفرطة.
تشجيعه على زيارة ومشاركة أصدقائه في النزهات و الرحلات واللعب معهم وعلى تطوير مهاراته من خلال إتاحة الفرصة له للانتساب إلى إحدى النوادي لتنمية هواياته ومواهبه في (الرسم و الموسيقى و...) وذلك بهدف التقرب والاختلاط وتدعيم تفاعله مع الآخرين أثناء قيامهم بنشاطات متنوعة..أي: تشجيع الطفل الخجول على الاندماج في العلاقات الاجتماعية رغم توقعات الأهل المنخفضة عنه بهذا الشأن وتشجيعه على التعبير عن خيبته أو فشله في بعض المواقف كي لا تتراكم المشاعر المحبطة في داخله وتسبب له مزيداً من القلق,و تدعيم خطواته و تشجيع مبادراته و مكافأته على أعمال أو مهمات تحداها وأنجزها بمفرده أوعلى قيامه بسلوكيات اجتماعية حسنة.
محاولة إفهام الطفل (مفهوم العلاقات الاجتماعية) إن أمكن، كيف يفكر ويشعر ويسلك الآخرون وكيف أن الصديق الجديد قد لا يتقبله الناس ببساطة وأنه من الطبيعي عدم التوافق مع كل الأشخاص.
المساواة بين الأطفال الذكور والإناث في المعاملة و تشجيع (البنات) على أخذ المبادرة وإبداء الرأي.
استخدام أساليب العقاب الموجهة والبعيدة عن الضرب بقصد تعديل سلوك معين عند الطفل أو تصويبه.
التعاون مع الأخصائي النفسي أو المرشد المدرسي في التعرف على حاجات الطفل ودوافعه ومصادر خجله و دراسة حالته و ظروفه من جميع النواحي الصحية و الاجتماعية و مساعدته على مواجهة أسباب الخجل مواجهة واقعية , و تنمية نواحي الضعف وتعزيز الجوانب القوية والمميزة عنده بدلاً من انتقاد نقاط ضعفه و إبرازها وخاصة أمام الآخرين.بل إعطاء صورة للطفل الخجول عن كيفية تصرفاته وأدائه الاجتماعي والطريقة التي يجب أن يتعامل فيها مع الآخرين مما يساعده على معرفة مستوى مهاراته الاجتماعية و تشجيعه على تطويرها بطرق مختلفة.و مساعدته على الاسترخاء للعمل على الخفض التدريجي للحساسية من الاستجابات للمثيرات المسببة للقلق
توفير الظروف الملائمة للتلاقي مع أصدقائه، وتدريبه على تنمية مهارات اجتماعية إيجابية تساعده على بناء علاقات خارج إطار أسرته(وذلك من خلال اللعب و قراءة القصص...الخ).
عدم تكليف الطفل بأعباء تفوق قدراته العقلية و اللفظية و الجسمية بل يجب تكليفه بالأعمال التي يشعر بأنه قادر على القيام بها و تشجيعه عليها ليكسبه شعوراً بالأهمية و التقدير.و تكييف توقعات الوالدين لدى ملاحظتهما سلوك طفلهما الاجتماعي الخجول في مناسبات معينة وذلك حسب إمكانياته وقدراته الاستيعابية و السلوكية وشخصيته ويفضل التريث وعدم توجيه النقد له ومضايقته.
تدريب الطفل على التفكير الإيجابي وتعديل معتقداته حول أن يكون كاملاً وجعله يتحدث عن نفسه بطريقة إيجابية.. مثل أنا جريء، أنا اجتماعي..
التعاطف مع الصعوبات التي يواجهها ومساعدته بتقديم الاقتراحات البديلة له في كيفية التعامل مع المواقف الصعبة بالنسبة له.
تنبيه الطفل إلى أخطائه على انفراد دون تعريضه لمواقف الخجل أمام أخوته وأصدقائه وعدم إبداء الحساسية الزائدة لتعليقات الآخرين عليه.
تعليمه الفرق بين الحياء والخجل الشديد وعدم التحدث عن سلوك الخجل الزائد على أنه سلوك محبب ومهذب.
هذا ويمكن للأهل استخدام ألعاب ,مثل,(الورق و الرسومات ولعبة الشطرنج) فهي مثيرة ومشجعة للطفل في التعبير عن نفسه و تطوير مهارات الاتصال لديه وسرد القصص والحكاية الشعبية (سيرة الزير سالم ,وعنترة العبسي ,والشاطر حسن...الخ) و اللعب بالتمثيل مع طفلهم الخجول (كأن نجعل الطفل الخجول يمثل الدور الأكثر شعبية ويقوم بدور المضيف، والأم أو الأب مثلاً بدور الضيف الصامت ويطلب منه استقبالهم و التحدث معهم بهوايات أو أشياء يحبها وتثير اهتمامه) وبذلك يجرب بعض السلوكيات والمهارات الاجتماعية، ويمكن إعطاؤه بعض الاقتراحات المشجعة على تطوير مهاراته.
وانطلاقاً من هذا لا يفوتنا القول بأن الدور الذي يقوم به الوالدان على جانب كبير من الأهمية في تنمية شخصية الأبناء و حمايتهم أو معالجتهم من الخجل لكن يتوقف نجاح هذا الدور على مدى التوافق بين الأم والأب حول أسلوب واحد للتربية في البيت فالتوجيه السليم و الثقافة المتزنة لدى الوالدين تتيح الفرصة للطفل ليعبر عن قلقه و مخاوفه وإحباطا ته في جو عائلي دافئ مليء بالمحبة وبالتالي تشجّعه على إقامة علاقات طيبة و طبيعية مع الآخرين و التحدث معهم و طلب الجواب منهم و مداعبتهم والتسامح معهم.

البيئة والوراثة والخجل


لا شك في أن العائلة هي الأساس الذي يكون له الدور الكبير في تكوين الشخصية ,لكننا لا يجوز أن نغفل دور البيئة التي يترعرع فيها الطفل (طبيعية أو اجتماعية) وكذلك دور الخصائص السيكولوجية للطفل والجدير قوله هنا انه مهما كان المزاج العصبي يجب أن لا يؤثر على الصفات الخلقية للشخصية ولا يحدد القيمة الاجتماعية للإنسان.وقد اجمع علماء النفس على أن الخجل مُكتسب وان كان ضعف الجهاز العصبي سبباً للخجل لكن بالتربية السليمة يمكن تنشيط الجهاز العصبي وتقويته بالأساليب التربوية الصحيحة في الأسرة والمجتمع والخجل يتكون في سياق تطور الطفل بشكل عام اذاً الخجل ليس وراثياً.

الخجــل والحيــاء


كما قال رسول الله (ص) الحياء شعبة من الإيمان وقيل أيضا إذا لم تستح ِافعل ما شئت.
نلاحظ هنا أن الحياء صفة أخلاقية هامة تتجسد بها مجموعة من المعاني الأخلاقية والاجتماعية والإنسانية الضرورية.
فالحياء صفة للإنسان العاقل ,والاجتماعي الذي يحترم الآخرين ويحبهم ويسعى لكسب محبتهم واحترامهم ,والحياء صفة الإنسان المؤمن الذي يخشى ربه ويعمل على كسب رضاه ,وصفة للإنسان الوطني الذي لايقبل الذل والمهانة.
فالإنسان الكريم يستحي ,والعالم يستحي ووو والذي يستحي يحاول دائماً أن يكون ايجابياً فيحب ولا يكره ,ويقدم ولا يحجم.
ساترك لك أخي القارئ التفريق بين الخجل والحياء ومدى العلاقة بينهما ولكن اسمح لي أن أقول بان الخجل سلبي والحياء ايجابي ولا أزيد.

المراجع: أبناؤنا الطفل الخجول لينا تقلا دراسات مختلفة في علم النفس والشخصية

سليمان فواز الكفيري- باحث - إجازة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية قسم الفلسفة وعلم النفس/جامعة دمشق-







  رد مع اقتباس
قديم 02-10-2009, 10:17 AM   رقم المشاركة : 3
Emerald
تربوي نشيط
 
الصورة الرمزية Emerald





 

آخر مواضيعي

Emerald غير متواجد حالياً

Emerald is on a distinguished road


افتراضي المشاكل والاضطرابات الشـخصية التي تجابه أبناءنا

ليس من السهل التعرف على الأطفال الذين يعانون من الاضطرابات الشخصية، ذلك لأن معاناتهم تحدث في العادة بصمت بحيث لا يبدو عليهم أنهم مختلفون أو مزعجون بالنسبة لمعلميهم، وإدارة مدرستهم، كما أنهم لا يمارسون أية سلوكيات خطيرة ومضر للآخرين، بل نجدهم ميالين للهدوء والبساطة، وتجنب التوتر والإزعاج، وربما نجدهم في بعض الأحيان ميالين للاستبداد البسيط من أجل الحفاظ على الهدوء والسكينة في البيت.
وقد يستثارون في أحيان أخرى إذا تغيرت الأحوال من حولهم، ويشعرون بالانزعاج إذا ما كلفهم المعلم بوجبات بيتية صعبة، كما أنهم يخشون العلاقة مع زملائهم الأطفال، ويميلون إلى الحذر من المخاطر مهما كانت بسيطة.

إن المربي يستطيع من خلال خبرته وتجربته أن يتلمس المشكلات التي يعاني منها هؤلاء الأطفال والمراهقين من خلال الملاحظات التالية:
1 ـ انخفاض مستواهم الدراسي بصورة كبيرة لا تتناسب مع قدراتهم العقلية.
2 ـ ظهور علامات الانزعاج لأتفه الأسباب.
3 ـ ظهور علامات الخجل والانكماش والابتعاد عن المشاركة في الأنشطة العامة وحتى الدراسة.
4 ـ القلق وعدم الشعور بالأمان، أو المرض العصبي.
5 ـ الاكتئاب والانطواء، وقد يعقبها حالة من الثورة والبكاء.
ويعتقد الكثير من الآباء والأمهات أن ظهور هذه المؤشرات لدى أطفالهم لا يعدو عن كونه مجرد مشاكل بسيطة تتعلق بمراحل النمو، وأنها ستزول عند الكبر.
كما أن بعض المربين ربما يحاولون تجنب مثل هؤلاء الأطفال الذين لا يتميزون بمواهب ملحوظة، ولا يثيرون المشاكل في الصف أو المدرسة غير مدركين حقيقية ما يعانونه من اضطرابات نفسية.

قد ينتاب هؤلاء الأطفال والمراهقين أحياناً نوبة من الغضب والثورة ويعقبهما نوبة بكاء، وقد يلجئون إلى الفرار من المدرسة، وفي الغالب يبدو عليهم [الجبن] في تعاملهم مع الآخرين،ويتسمون [بالخجل]، و[عدم الثقة بالنفس] و[الحساسية الزائدة] حيال أي تغير مهما كان طفيفاً في تفاعلاتهم العادية مع زملائهم، وتنتابهم مشاعر الضيق،والابتعاد عن التعامل مع الآخرين بسبب إخفاقهم في إظهار قدرتهم على المواجهة،أو تكوين علاقات عادية مقبولة مع زملائهم .
كما تؤدي الحساسية إزاء ردود أفعال الآخرين في الغالب إلى شعور هؤلاء الأطفال ب[الخجل] غير الطبيعي والارتباك وتجنب عمل أي شيء مفضلين الانزواء داخل الصف خشية الوقوع في الخطأ عندما يوجه لهم المعلم أي سوأل،أو خشية سماع تعليقات غير لائقة من زملائهم.
.ويعاني الأطفال ذوي المشكلات الشخصية من التشاؤم وفقدان الأمل في إشباع حاجاتهم، والإحباط، وتجنب الإقدام والمثابرة الإيجابية، ولا يسعون إلى تحقيق أهدافهم، وقد يدعم هذا شعورهم بأنه لا يوجد شيء في الحياة يستحق البقاء، وتنتابهم نوبات الحزن، ولوم النفس واليأس الذي قد يجعلهم يفكرون بالانتحار إذا ما ساءت أحوالهم، ولم تجري معالجتهم في الوقت المناسب.
إن هذه السمات والخصائص التي ذكرناها لدى الأطفال ذوي المشاكل الشخصية ليست خاصة بهؤلاء فقط، فقد تظهر هذه السمات أو بعضها لدى الآخرين من غير ذوي المشكلات الشخصية، ولكن عندما تبدأ هذه الخصائص في التأثير على عادات الطفل العادية، وقدرته على الشعور بالراحة وإقامة علاقات عادية مع الآخرين، وهبوط مستواه الدراسي دون مستوى قدراته العقلية، عند ذلك يمكن القول أن الطفل يتعرض للمشاكل الشخصية، ويتطلب من المربين من ذوي المؤهلات المتخصصين في العلاج النفسي التدخل لعلاجه.

إما العوامل المسببة للمشاكل والاضطرابات الشخصية فهي:
1 ـ العوامل الوراثية .
2 ـ العوامل النفسية .
3 ـ المؤثرات الأسرية.

أولاً: العوامل الوراثية:
تشير الدراسات التي أجراها العلماء والباحثون في مجالي التربية وعلم النفس أن العوامل الوراثية تلعب دوراً خطيراً في ظهور الاضطرابات الشخصية، فقد أوضحت الدراسات التي أجراها العالم [ديفيد روزنثال] رئيس معمل علم النفس بالمعهد الوطني للصحة النفسية في الولايات المتحدة أن أقرباء الدرجة الأولى [الوالدين والأخوة والأبناء] يمكن أن تظهر بينهم اضطرابات الشخصية بمعدل الضعف بالمقارنة مع أقرباء الدرجة الثانية [الأجداد والأعمام والأحفاد] حيث تزداد احتمالية تعرض الأفراد لتلك المشكلات كلما زادت درجة القرابة بينهم.
وهناك العديد من العلماء الذين يمزجون بين عوامل الوراثة وعوامل البيئة كعوامل مترابطة ومتلازمة في كل مرحلة من مراحل نمو الفرد، وهناك من يعتقد أن البيئة لا يمكن أن تؤثر إلا على الإنسان الذي يحمل خصائص وراثية معينة.
كما أوضحت الدراسات التي أجراها كل من الباحثون بكلية الطب [بجامعة بيل] الأمريكية [ليكمان ووايزمان ومريكانجر وبوليس وبروسوف] أن أقارب الدرجة الأولى لأفراد مصابين باضطرابات الاكتئاب أو الهلع هم أكثر عرضة للإصابة بتلك الاضطرابات.
كما اتضح من تلك الدراسات أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين[5 ـ17] سنة،والتي تنتشر تلك الاضطرابات بين والديهم هم أكثر عرضة أيضاً للإصابة باضطرابات القلق والاكتئاب والهلع مثل الوالدين تماماً، وأن هناك علاقة وثيقة بين اضطرابات القلق والاكتئاب لدرجة أن حدوث أحدهما يزيد احتمالية حدوث الآخر كما أجرى العالم [أزنك وبريل] دراسات على التوائم [أحادي البيضة] و[ثنائي البيضة]، وقد أوضحت تلك الدراسات تزايد معدل حدوث تلك المشكلات الشخصية بين زوجي التوائم المتماثلة بحيث إذا أصيب أحدهما بمشكلة ما فغالباً ما يصاب الآخر بها.
وعليه فقد أصبح واضحاً أن العوامل الوراثية تلعب دوراً أساسياً كمسببات للمشكلات الشخصية لدى الأطفال والمراهقين، ورغم صعوبة تحديد مدى تأثير العوامل الوراثية، فإن هناك بعض الأفراد قد تظهر لديهم استعدادات للإصابة بالقلق والاكتئاب كرد فعل للنظام البيئي الذي يعيشون فيه، ومن المهم أن نأخذ في اعتبارنا أن الأطفال والمراهقين يحملون معهم خصائص واستعدادات وميولا معينة إلى النظام البيئي الذي يعيشون فيه، وينبغي عدم اعتبارهم مجرد متلقين سلبيين لتأثير العوامل البيئية عليهم، فهم يتأثرون بالبيئة ويؤثرون فيها.
إن معالجة هذه الحالات لدى الأطفال والمراهقين تتطلب دراسة شاملة لأحوالهم الأسرية بغية التعرف على مسببات تلك المشاكل وعلاجها.

ثانياً: العوامل النفسية:

يعتقد العديد من العلماء والمفكرين التربويين، وفي المقدمة منهم العالم [فرويد] أن القلق يعتبر عاملاً أساسياً في حدوث المشكلات النفسية لدى الطفل خلال مراحل النمو، ابتداءً من الميلاد وحتى الطفولة المبكرة، حيث يواجه الطفل ضغوطاً مستمرة من الوالدين وغيرهم من أفراد الأسرة
المحيطين به، لكي يستطيع التكيف مع العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية وهم يسعون إلى كفّ غرائزه الأولية ومنع إشباعها الفوري.
أما الطفل فيحاول نتيجة تلك الضغوط كبت الغرائز غير المقبولة لدى الأسرة، والتي غالباً ما تنطوي على رغبات جنسية وعدوانية، بسبب تلك الضغوط المسلطة عليه أثناء عملية تدريبه وتنشئته الاجتماعية من قبل أسرته، غير أن شدة تأثير وسيطرة تلك الغرائز على الطفل تحول دون كبتها بصورة تامة، حيث تبقى ضاغطة على الطفل طلباً للإشباع، وهذا ما يؤدي إلى أن تصبح الغرائز مصدراً للتهديد بالظهور والإفصاح عن نفسها من وقت إلى آخر.
ويسود الاعتقاد لدى العلماء أن تهديد الغرائز بالظهور إلى منطقة الشعور، ومحاولة الطفل إشباعها تعتبر السبب الأساسي لحدوث [القلق] لدى الطفل، حيث يُجبر على بذل أقصى الجهد لمنع ظهور تلك الغرائز إلى الشعور، وقد يؤدي إخفاقه في كبت غرائزه إلى التعرض إلى [القلق الحاد]، وربما إلى [الهلع] لدى البعض الآخر، وقد يتسبب ذلك في حدوث أعراض جانبية أخرى كالمخاوف المرضية، والشكوى من بعض الأشياء البيتة، والشكوى من بعض الآلام الجسمية دون سبب عضوي واضح، وقد يوجه الطفل دوافعه العدوانية إلى نفسه، حيث يظهر ذلك في صورة أعراض [الاكتئاب]، [والخوف] من الانفصال عن الوالدين، أو من المدرسة، كما يمكن أن يحدث الاكتئاب نتيجة محاولة الطفل التحكم في الغضب، والحزن، لا شعورياً، وذلك بتوجيه تلك المشاعر نحو الذات.
ويرى العالم [أريكسن] أن خبرة الطفل في اكتساب الثقة بدلاً من الشكوك تعد مرحلة مهمة في حياته، والتي سوف يبني بموجبها علاقاته مع الآخرين، ومع العالم من حوله مستقبلاً، فإذا أخفقت تلك الخبرات المبكرة في توفير مشاعر الأمن والارتباط بالآخرين فإنه سوف ينظر للعالم من حوله باعتباره عالماً مخيفاً لا يوفر الأمن الكافي والتقبل به، وهذا يقود بدوره إلى أن يصبح القلق أمرٌ حقيقي في وجوده، وقد يتعرض في المراحل التالية من حياته إلى نتائج مدمرة تسبب له القلق واليأس وتشمل تلك المراحل في نظر [أريكسن] الاستقلال في مقابل الخجل والريبة، والمبادأة مقابل الشعور بالإثم والذنب، والمثابرة مقابل الشعور بالعدوانية، والشعور بالهوية مقابل تشويه الهوية.
وبسبب عدم قدرة الطفل على التعامل مع العالم المحيط به بثقة، فإنه يتعرض للشعور المزمن بالقلق، والميول الدفاعية، والانطواء، وكل ذلك يؤدي في النهاية إلى نشوء مشكلات نفسية شديدة، وقد تتخذ صور الجبن، والعزلة الاجتماعية والاكتئاب.
ولابد أن أشير في النهاية إلى أن أساليب التخويف الذي تمارسها الأسرة تجاه الأطفال يمكن أن تتحول إلى محفز أساسي للقلق، ثم أن الخوف يتحول إلى حالة مرضية لدى الطفل من خلال المعايشة والمواجهات الاجتماعية، فعندما يرى الطفل والده يواجه متطلبات الحياة باستمرار بحالة خوف، أو يتحدث أمامه بأسلوب يعبر عن اليأس والاكتئاب والقلق من المستقبل فإنه يمكن أن ينقل تلك المشاعر والأفكار المؤذية لطفله، حيث ينتاب الطفل شعور بأن العالم من حوله مكان مخيف، ويدفعه إلى الانكماش والانعزاال والجبن، والخجل الشديد، والتخوف من النقد.
إن على الآباء والأمهات أن يدركوا أن أبناؤهم يراقبونهم دائماً في كل حركاتهم وتصرفاتهم ويقلدونهم ويتعلمون منهم، ولذلك يتوجب عليهم أن يكونوا قدوة مثالية لأبنائهم، ويمدونهم بكل ما هو جيد ومفيد، ويبعدوا عنهم أي شعور بالخوف أو القلق، ويوضحوا لهم أن الحياة شيء جميل ورائع مهما واجه الإنسان من مصاعب، وأن السعادة كل السعادة في أن يواجه الإنسان الصعاب ويتغلب عليها بجده وجهاده، ولا شك في أنه قادر على تحقيق ذلك إذا شاء.

3 ـ المؤثرات الأسرية:

ذكرنا فيما سبق أن الأطفال يتشبهون دائماً بآبائهم وأمهاتهم، ويقلدونهم في حركاتهم وتصرفاتهم، ويأخذون منهم الكثير من الصفات والعادات، وقد اتضح من الدراسات التي أجراها العديد من العلماء أن الأطفال ذوي المشكلات الشخصية هم في الغالب ينتمون إلى أسرٍ يعاني فيها أحد الوالدين،وربما كلاهما من نفس المشكلات.
فقد أوضحت الدراسات التي أجريت على العديد من أسر الأطفال المراهقين ذوي المشكلات الشخصية وجود العديد من الخصائص التي تجمع بين الوالدين والأبناء، ومن بينها التسلط والقسوة، والتحكم الزائد، فالوالدان يعلّمان أطفالهما، سواء عن قصد أو دون قصد، أن العالم من حولهم مخيف، وأن الفرد الذي يعيش فيه يتعرض تلقائيا للتوتر والقلق، ويحذرونهم باستمرار من أن أي أخطاء يرتكبونها تعرضهم للنبذ والرفض من الآخرين.
إن هذه الأساليب تسبب للطفل الشعور المستمر بالخجل مما يجعله يتجنب لقاء الآخرين، أو جلب انتباههم لكي لا يتعرض للنقد أو الرفض، وبالتالي يسيطر عليه الجبن والعزلة الاجتماعية.
وقد تلجأ بعض الأسر إلى توجيه النقد لأطفالهم باستمرار من أي عمل أو تصرف تأتوا به، فهم ينتقدونهم على مظهرهم أو ملابسهم أو عاداتهم أو خصائصهم الشخصية أو أصدقائهم أو قدراتهم وإنجازاتهم الدراسية، وقد يوجهون لهم صفات سيئة جداً، كأن يصفونهم بالغباء أو القبح أو التفاهة وغيرها من الصفات السيئة التي تؤثر بالغ التأثير على حالتهم النفسية.
كما أن بعض الأسر تغالي في حرصها الشديد على أطفالها، وتسعى لتوفير الحماية الزائدة لهم من المخاطر المحتملة، وتحذرهم باستمرار من الآخرين، أو من الكلاب أو غيرها من الحيوانات ويحاولون أن يصوروا لهم صورة مفزعة عما يمكن أن يحدث لهم إن هم ابتعدوا عنهم، وهكذا يخلقون لدى أطفالهم شعوراً بأن ذويهم يحاولون فعلاً تجنب المواقف والناس لشعورهم بالخطر.
وفي أحوال أخرى تحاول بعض الأسر تشجيع أطفالها على تأكيد ذاتهم، واستقلاليتهم، وقد يوجهون لهم العقوبة إذا ما مارسوا أموراً تعبر عن عدم الاستقلالية بتوجيه الاتهامات لهم بعدم الكفاءة والقدرة، وفي أحيان كثيرة يشجعون أطفالهم على اتخاذ القرارات بأنفسهم، لكنهم يعاقبونهم إذا أخطأوا، وقد نجد البعض يشجعون أطفالهم على التحدث وفي الوقت نفسه يخبرون الآخرين الجالسين معهم بأن طفلهم يشعر بالخجل، وغير ذلك من الصفات التي تعبر عن عدم الكفاءة، وهذه الازدواجية في التعامل مع أطفالهم يمكن أن تعرضهم إلى الكثير من المشاكل النفسية كالارتباك والقلق، والغضب، والجمود.
ينبغي على الوالدين وعلى المربين أن يحرصوا على عدم توجيه أي عبارات تنم عن الاستهانة بالأطفال، أو تحط من قدرهم أو قابليتهم، أو إشعارهم بالإحباط إذا ما أخطأوا في عمل ما، فالذي لا يعمل هو فقط الذي لا يخطئ. إن الواجب يقتضي منا تقويم أخطائهم إن حدثت بروح من التفهم والاحترام لمشاعرهم، وتنمية شعورهم بالثقة بالنفس، وبعث الشجاعة الأدبية لديهم لكي نمكنهم من مواجهة المجتمع والعالم المحيط بهم بكل همة ونشاط وهم على أكمل استعداد.

حامد الحمداني ـ باحث تربوي ومؤرخ







آخر تعديل بواسطة Emerald بتاريخ 02-10-2009 الساعة 10:20 AM .
  رد مع اقتباس
قديم 02-10-2009, 10:24 AM   رقم المشاركة : 4
Emerald
تربوي نشيط
 
الصورة الرمزية Emerald





 

آخر مواضيعي

Emerald غير متواجد حالياً

Emerald is on a distinguished road


افتراضي دور التنشئة الاجتماعية في تكوين السلوك الديمقراطي

دور التنشئة الاجتماعية في تكوين السلوك الديمقراطي د. طلال عبد المعطي مصطفى

ازداد عدد من يتحدث عن الديمقراطية في الآونة الأخيرة، ورفعت كشعار لدى الكثيرين، الذين لم يرفعوها سابقاً، والأسئلة التي تدور حول الديمقراطية كثيرة، هل الديمقراطية الحل السحري للمشاكل الكثيرة التي تعاني منها المجتمعات العربية؟ هل هي فعلاً ضرورة تاريخية وحضارية؟ أم أنها مجرد شعار استهلاكي يوظف لخدمة هذه السياسة أو تلك!!

وفي الواقع ان للحديث عن الديمقراطية في مجتمعاتنا العربية محاذير كثيرة، أولها الخوف من استعداء السلطة! إلى عدم الضمانة - على الإطلاق- من رحابة صدر الناس حول ما نريد التحدث عنه!
فكم من الناس يتشدقون بالحديث عن الديمقراطية، وفي الوقت نفسه لا يرضون إلا بالديمقراطية ـ التي توافق هواهم وأمزجتهم، وكم من الناس يشدد –وفي كل مناسبة- على التمسك بمبادئ الديمقراطية، مثل حرية الفكر والعمل والقول، والعدالة، والمساواة، وسيادة القانون، ولكنهم كثيراً ما يضيقون ذرعاً بوجهات نظر الآخرين حتى ولو كانت صائبة ومنطقية، بل يصل الأمر إلى فقدان صداقة زميل لنا، فيما إذا اختلفنا معه في وجهة نظر سياسية كانت أم اجتماعية أم مهنية …الخ وتصل إلى حد الخصومة، والأسى يزداد عندما تأتي هذه الخصومة من أصدقاء نالوا حظاً وافراً من المعرفة والاطلاع، وفي الوقت نفسه يشتكون دائماً من غياب الديمقراطية.
وسنتناول مفهوم الديمقراطية في دراستنا بمعناها العام كطريقة في الحياة يستطيع فيها كل فرد في المجتمع أن يتمتع بتكافؤ الفرص عندما يشارك في الحياة الاجتماعية، وهي بمعنى أضيق تعني الفرصة التي يتيحها المجتمع لأفراده للمشاركة بحرية في اتخاذ القرارات في نواحي الحياة المختلفة.
ويتضمن هذا المفهوم مجموعة من المعايير، وهذه المعايير تترجم بدورها إلى سلوك ومعتقدات وقيم، ويرى الباحثون أن القيم التي ترتبط بالديمقراطية ويلتزم بها الأفراد تنتقل إليهم من ثقافتهم عبر الأجيال المختلفة، ومن أهم هذه القيم:
1-تقدير المشاركة العامة في اتخاذ القرار، وضمان حرية التعبير
2-مسؤولية الفرد عن أفعاله
3-الاهتمام بالحقوق الإنسانية والابتعاد عن استغلال الآخرين
4-تحقيق العدالة بين جميع أفراد المجتمع (durio ,1976 ,56)
أما أهم الخصائص التي يجب أن يتصف بها الإنسان الديمقراطي كما أجمع الباحثون:
1-المشاركة الاجتماعية والمساواة في هذه المشاركة
2-الاجتهاد في فهم مشاعر الآخرين واهتماماتهم
3-أن يتقبل الفرد الأفراد الآخرين على أنهم متساوون معه
4-إذا حدث صراع بين فرد وآخر فلا يصل هذا الصراع إلى طريق العنف.
5-أن يتقبل الفرد الصراع الذي يكون محتوماً في بعض الأحيان.m ullcwolf ,1978,32))
وهذا يعني أن الفرد الذي يتمسك بقيم الديمقراطية سيدفعه ذلك إلى أن يلتزم في سلوكه مع الآخرين.
وعندما توصل العلماء إلى تحديد خصائص السلوك الديمقراطي، اصبح من الممكن لعلماء العلوم الاجتماعية عامة وعلماء النفس خاصة دراسة هذا السلوك دراسة علمية.
ويلاحظ أن علماء النفس –منذ الخمسينات- عندما درسوا السلوك الديمقراطي كان معظم تركيزهم على نقيض الديمقراطية وهو التسلطية، فبرهنت بحوثهم على أن التسلطية ترتبط بانخفاض قوة الأنا عند الفرد، والشعور بالعداوة، وانخفاض القدرة على ضبط النفس، وعدم القدرة على التحكم في التقلبات الوجدانية، والمبالغة في تضخيم الذات، وكما نلاحظ فإنها على النقيض من خصائص سلوك الشخص الديمقراطي (ابراهيم، 1970، 209-235)
بذلك ابتعد علماء النفس بمفهوم الديمقراطية من معناه السياسي البحت إلى معناه العام وهو المعنى النفسي الاجتماعي.
ويرى علماء النفس أن أي سلوك يصدر عن شخصية الفرد، ولذلك يمكن القول أن شخصية الفرد هي التي تجعله يسلك سلوكاً ديمقراطياً أو سلوكاً تسلطياً ولذلك من المهم أن تعرف ما هي الشخصية؟

أولاً - تعريف الشخصية:
للشخصية معان كثيرة تختلف باختلاف المجال الذي تستخدم فيه، ففي مجال علم النفس، يمكن النظر لشخصية الإنسان على أنها مجموع ما يمتاز به الفرد من السمات والخصائص الجسمية والعقلية والنفسية والاجتماعية والأخلاقية، والتي تميزه عن غيره من الناس، فهي ذلك التنظيم المتكامل والدينامي، أي المتغير والنامي والمتطور (الحفني، 1978 54) ذلك لأن الشخصية ليست مجرد مجموعة من السمات أو القدرات المتراصة بعضها إلى جانب بعض والتي يحيطها غلاف من الجليد وإنما تقوم بين جميع عناصرها وأبعادها وسماتها علاقات تفاعل، أي تأثير وتأثر أو تأثير متبادل، وتتضمن شخصية الفرد سماته الوراثية والمكتسبة وعاداته وقيمه واهتماماته وعواطفه واتجاهاته وميوله، وسمات الشخصية ليست ثابتة ثبوتاً مطلقاً وإنما يحتويها التغير والتطور والنمو، ولذلك لا تتمتع إلا بالثبات النفسي (الحفني، 1978، 54)
ومن هذا التعريف يتبين أن لعملية التنشئة الاجتماعية في مرحلة النمو المبكرة للطفل دوراً أساسياً في تشكيل شخصيته في الكبر، ولذلك سنقف قليلاً عند هذه العملية الهامة وهي التنشئة الاجتماعية لعلاقتها المباشرة بموضوع السلوك الديمقراطي.

ثانيــــاً – التنشئة الاجتماعية:
هي العملية التي يتم خلالها تحويل الفرد من كائن عضوي إلى كائن اجتماعي، فيكتسب خلاله تفاعله مع بيئته الاجتماعية، السلوك والمعايير والاتجاهات التي تمكنه من القيام بادوار اجتماعية معينة تساعد على التكيف الاجتماعي ـ وتتضمن التنشئة من جهة كائناً بيولوجياً له استعداداته المختلفة، ومن جهة ثانية شبكة من العلاقات والتفاعلات الاجتماعية التي تحدث ضمن ثقافة معينة ثم من جهة ثالثة تفاعلاً مستمراً بين الفرد والبيئة يؤدي إلى نموه تدريجياً.
فالطفل منذ ولادته، يجد نفسه في عمليات تفاعل اجتماعي تحدث يومياً مع المحيطين به في الأسرة، وعبر الوقت تتراكم تأثيرات التفاعل الاجتماعي فالأدوار التي يقوم بها الفرد، والاتجاهات والقيم التي تنقلها له أسرته والمهارات الاجتماعية التي ينميها تساهم كلها في تشكيل شخصيته في الكبر، ويسمي علماء النفس هذه العملية التراكمية بالتنشئة الاجتماعية، وبمعنى آخر التنشئة الاجتماعية هي العملية التي بها يكتسب الفرد (وخاصة الطفل) الحساسية للمثيرات الاجتماعية (مثل ضغوط والتزامات حياة الجماعة) ويتعلم كيف يتعامل معها، وكيف يتصرف مثل الآخرين الذين هم في جماعته الثقافية، أي باختصار تساهم في تحويل الطفل البشري من كائن بيولوجي (يأكل ويشرب وينام فقط) إلى كائن اجتماعي يعرف كيف يتعامل مع الآخرين.
ويرى علماء السياسة أن التنشئة عملية يتم بمقتضاها تلقين المرء مجموعة من القيم والمعايير السياسية المستقرة في ضمير المجتمع بما يضمن بقائها واستمرارها عبر الزمن , ويقول آخرون "تشير التنشئة السياسية في أوسع معانيها إلى كيفية نقل المجتمع لثقافته السياسية من جيل إلى جيل ويحددون عناصر مفهوم التنشئة السياسية فيما يلي:
1-التنشئة السياسية هي عملية تلقين لقيم واتجاهات سياسية، والقيم والاتجاهات ذات دلالة سياسية.
2-التنشئة السياسية عملية مستمرة، بمعنى أن الإنسان يتعرض لعملية التنشئة طيلة حياته منذ الطفولة وحتى الشيخوخة.
3-تلعب التنشئة السياسية أدواراً رئيسية ثلاثة:
•نقل الثقافة السياسية عبر الأجيال
•خلق الثقافة السياسية
•ثم تغيير الثقافة السياسية (المنوفي، 1979،56)
ويتضح مما سبق أن مفهوم التنشئة السياسية لا بد أن ينبثق من مفهوم التنشئة الاجتماعية بعامة.
وإذا كان المنظور السابق للتنشئة الاجتماعية او السياسية هو منظور الفرد الراشد (الأم، الأب، أو المدرس) الذي يقوم بنقل التراث والثقافة من المجتمع إلى الطفل، فهناك منظور آخر لهذه العملية وهو منظور "الطفل ذاته"

فالتنشئة من وجهة نظر الطفل هي عملية مواجهة مستمرة لمواقف اجتماعية داخل الأسرة والمدرسة وجماعة اللعب تعلمه معنى الثواب والعقاب والحب والمخاطرة، وذلك من خلال الأشخاص والمواقف والموضوعات التي تتضمنها، ولذلك فتأثر الطفل بثقافته لا يتم بصورة مجردة ولكن من خلال المعايشة و التفاعل المستمر.
فالطفل أثناء تعرضه للتنشئة الاجتماعية من العسير أن يدرك مضامين التنشئة السياسية، ثم يبدأ في مرحلة البلوغ بإدراك المفاهيم السياسية تماماً مثلما في السلوك الديمقراطي الذي له جذوره الاجتماعية في القيم والمفاهيم التي تسود المجتمع، والتي تنقلها الأسرة للطفل في سياق اجتماعي وليس سياسياً، وبما أن شخصية الفرد تتشكل أثناء مرحلة محددة وتساهم في تشكيلها عملية التنشئة الاجتماعية، وتصبح هذه الشخصية هي التوي توجه سلوك الشخص الراشد في المواقف المختلفة، وأن السلوك الديمقراطي أحد جوانب السلوك الذي يصدر عن الشخصية، فمن غير المتصور فصل السلوك الديمقراطي عن جوانب السلوك الأخرى، ولذلك فالسلوك الديمقراطي أو التسلطي ينشأ مع الفرد منذ طفولته وعبر مراحل نموه المختلفة خلال عملية التنشئة الاجتماعية، ويصبح جزءاً من شخصيته في مرحلة الرشد.

ثالثاً – الأسرة والسلوك الديمقراطي
تلعب الاسرة دوراً كبيراً في تعليم الأطفال السلوك الديمقراطي، فهي تعكس ثقافة المجتمع الذي نشأ فيه وتنمي وتحدد في العادة الوسائل العديدة لخبراته، ومن خلالها تتم عملية التنشئة الاجتماعية التي تلعب دوراً كبيراً في تشكيل شخصية الفرد.
ويقتصر عالم الطفل في بداية الأمر على هذه التأثيرات الهامة الصادرة أساساً من داخل الأسرة، فهي التي تشكل بالتدرج شخصيته من خلال العديد من الخبرات التي يتلقنها من هذه البيئة الصغيرة، ولكن الطفل بدوره ونتيجة للتفاعل المتبادل بينه وبين الأسرة يبدأ يحدث أثره في الأسرة ويعدل عن نمط العلاقات القائمة، ويبدو أن هذا الاهتمام بالديمقراطية ليس حديثاً، بل هو قديم قدم الفلسفة الصينية، فها هو (كونفوشيوس) فيلسوف الصين يرجع فساد الحكم إلى غياب المواطنة الصالحة نظراً لاختلال الأسرة، وعجزها عن تلقين معاني الفضيلة والحب المتبادل والخير العام، كما أن افلاطون جعل النظام التربوي هو الذي يعد الفلاسفة الذي يحكمون (المنوفي، 1979، ص28)
وهناك عوامل متعددة تجعل للاسرة هذا الدور الهام في التنشئة الاجتماعية منها:
1-طول فترة مرحلة الطفولة، مما يعطي للأسرة الوقت الكافي لتعليم الطفل ما تريد سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
2-المرونة التي يولد بها الطفل، إذ يتميز الطفل بأنه على قدر كبير من المرونة والقدرة على تعلم واكتساب مهارات متعددة.
3-عجز الطفل، فخلال فترة طفولته منذ الولادة وحتى البلوغ يكون الطفل عاجزاً عن أن يعيش بمفرده، أو أن يعتمد على نفسه اعتماداً كلياً وخاصة في المجتمعات الحديثة، ولذلك يكون الطفل في حاجة دائمة إلى الآخر، سواء الأم أو الأب أو الأخوة الأكبر لرعايته ومساعدته في إشباع حاجاته وخلال ذلك تكون الفرصة لتعليم الطفل انماطاً سلوكية متعددة.
4- وكون الأسرة المؤسسة الوحيدة التي يتأثر بها الطفل قبل المدرسة على الأقل بسنتين أو ثلاثة
ويكاد يجمع علماء النفس على أن الخبرات المبكرة التي يكتسبها الطفل في السنوات الأولى بعد ميلاده تلعب دوراً هاماً في تكوين شخصيته وتشكيل سلوكه في الكبر، بل ويرى معظم علماء النفس، أن هناك علاقة مباشرة وواضحة بين نمط رعايته ومعاملة الوالدين للأبناء (خلال عملية التنشئة الاجتماعية) وبين شخصية هؤلاء الأبناء، فقد أظهرت الدراسات التي أجريت على حالات مرضية والأطفال المضطربين سلوكياً، والملاحظات التجريبية على الأسوياء، أظهرت عدداً من العلاقات بين نمط رعاية الوالدين وبين سلوك الطفل وشخصيته، كما أوضحت أيضاً أن صفات شخصية الراشد ترجع إلى آثار الخبرات المبكرة في حياته.
وتساهم الأسرة في تعليم الطفل لغته ودينه وتقاليده وعاداته وقيمه التي ينشأ عليها ويلتزم بها، وباختصار فإن البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الطفل وخاصة الأسرة في البداية هي التي تهبه هويته البشرية وتكسبه الجانب الإنساني فيه، فتعلمه أثناء التنشئة كل ما سبق بالإضافة إلى طريقة المشي، والكلام وتناول الطعام، والتعامل مع الآخرين، بل وكيف يؤدي ذلك كله بطريقة إنسانية (تركي، 1986، ص17)
وهناك العديد من البحوث والدراسات أوضحت دور الأسرة في السلوك الديمقراطي أو التسلطي، فدرس الباحث هشام شرابي ممارسة التسلط الأسري اتجاه الأطفال (شرابي، 1980، ص144) مبيناً أن العائلة كمؤسسة اجتماعية هي الوسيط الرئيسي بين شخصية الفرد والحضارة التي ينتمي إليها، وان شخصية الفرد تتكون ضمن العائلة، وإن قيم المجتمع وأنماط السلوك فيه تنتقل إلى حد كبير وتتقوى من خلال العائلة.
وقد حدد (شرابي) مجموعة من القواعد التي يرتكز اليها هذا المنطلق كما يلي:
1-عندما يولد الطفل تكون ذاته غير متكونة، وهي تتكون بصورة تدريجية، كنتيجة للتفاعل بينها وبين ذوات أشخاص آخرين إنها في الواقع سلوك متعلم يتكون قبل بلوغ الفرد وعيه الذاتي.
2-إن الذات منظمة تنظيماً تصاعدياً وهي مؤلفة من عدة مستويات يجري اكتسابها في سياق النمو والتجربة، والمستوى الأول هو الأكثر أهمية، إذ عليه يرتكز إطار الشخصية الأساسي، وتمثل الأم فيه دوراً حاسماً من حيث أثرها في تكوين شخصية الطفل، أما المستويات الأخرى التي تشمل التعلم في الطفولة والمراهقة والإدراك والوعي في سن البلوغ فهي ذات أهمية مختلفة.
3-إن الإنسان حصيلة عوامل وراثية بيئية وهو، تعريفاً حيوان اجتماعي، وبالتالي مجموعة العلاقات الشخصية المشتركة، والواقع أن الأنماط التي تتخذها هذه العلاقات فيما بعد تتكون إلى حد كبير في السنوات الأولى في حياة الطفل.
4-إن طرق تربية الطفل تمثل دوراً حاسماً في تعيين نوعية الشخصية من حيث ارتباطها بمجتمع معين، ودلالتها عليه، ولذا فإن فهم طرق تربية الطفل يؤدي إلى فهم السلوك الاجتماعي ودافعه في المجتمع.
5-إن المواقف التي يتخذها الوالدان ضمن العائلة تؤثر تأثيراً حاسماً في نمو الشخصية، وذلك لأنها تؤثر في حاجات الطفل الأساسية وتأمين استمراره في الوجود وتمتعه بالاطمئنان العاطفي، ويستمر الوالدان طول مرحلة الطفولة في تمثيل دور خطير الأهمية في ما يتعلق بضبط دوافع الطفل وإرواء حاجاته وتحديد مقاييسه والتأثير في مختلف مراحل نمو الأنا كما في نتائج هذا النحو
6-إن التغييرات التي تطرأ على طرق تربية الطفل وعلى تجارب الطفولة تنبع قبل كل شيء من موضع الطبقة الاجتماعي التي تنتمي إليها العائلة، أي من مستواها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وكذلك من وضعها الأثني والديني والإقليمي.
وفي دراسة أجراها الباحثان (زهير حطب، وعباس مكي)استهدفت خصوصيات سلطة الوالدين كما يواجهها الشباب اللبنانيون من حيث مضمونها وتجسيداتها الفعلية بنظام كامل من المسموحات والممنوعات، ومن حيث الميادين التي تطرح فيها، وأخيراً من حيث دينامية تمثلها والامتثال لها في أوساط الشباب، وقد نفذت الدراسة خلال عام 1978 وهي الفترة التي تلت حرب السنتين مباشرة، وبذلك تشير بعض نتائج هذه الحرب الى العلاقات المتبادلة داخل أهم المؤسسات في المجتمع اللبناني أي الأسرة، وقد تبين أن طبيعة الأسرة العربية عموماً واللبنانية خصوصاً، تؤثر إلى حد بعيد على المضمون والحدود والممارسة لدى السلطة السائدة فيها، ووجدت أن الشاب اللبناني أسير منطق سلطة والديه في الأسرة، خاضعاً لها، وهو إن أبدى رفضاً ظهر رفضه سلبياً متمرداً، أكثر منه رفضاً عقلانياً مدروساً.
فالأطر العلائقية الأسرية التي تكبل الشاب من جهة، وطبيعة مرحلة الانتقال غير المستقرة على صعيدي الفرد والمجتمع، من جهة أخرى، تسمان سلوك الشاب بالطابع الانفجاري، ونميل إلى الاعتقاد بأن امتثال الشباب لأمر السلطة الأبوية لا يترافق مع بروز معاناة صريحة تجاه هذا الواقع، بل مع بدايات ضعيفة لهذه المعاناة، وقد ضعفت أساليب ممارسة الأهل لسلطتهم كمعيار مبدئي بثلاثة أنماط هي:
1-النمط الأول، ويعتمد الأسلوب المتشدد في المنع والتحريم
2-النمط الثاني، ويعتمد أسلوب الحوار والتفهم.
3-النمط الثالث، وهو نمط السلطة الضعيفة وغير القادرة، المتراجعة والمفككة، التي لا تقوى على إيصال رسالة المنع إلى الشاب ولا تتمكن من جعل الشاب يحترمها، ولا تمثل مقام المرجع ولا الرموز الآيلة إليه وليس لها هيبة السلطان ورهبته (حطب، مكي، 1998، ص75)
وفي دراستنا (طلال مصطفى) الميدانية التي نفذت في مدينة دمشق، في محاولة التعرف على موقف ثقافة الشباب السوري من السلطة الأبوية، والتي توصلنا فيها إلى ثلاثة نماذج تعبر عن العلاقة القائمة بين الآباء والأبناء على شكل متصل، يمثل أحد طرفيه نموذج الطاعة المطلقة لسلطة الآباء من قبل الأبناء بنسبة (5%)، أي تدخل الآباء في جميع الأمور الخاصة بالأبناء، ويمثل النموذج الثاني، موقفاً وسطياً تقوم فيه العلاقة بين الآباء والأبناء على أساس تدخل الآباء لتوجيه تصرفات أبنائهم في المواقف التي يحتاجون فيها إلى النصح والمشورة بنسبة (92%) والنموذج الثالث، الطرف المقابل، التحرر الكامل من سلطة الآباء –أي حرية الأبناء المطلقة من سلطة الآباء بنسبة 3%-
وأوضحت النتائج أن الأبناء الذين نشأوا في اسر ديمقراطية يميلون لأن يتصرفوا بإيجابية إزاء سلطة الوالدين أكثر من هؤلاء الذين أتوا من اسر متسلطة أو متسامحة (مصطفى، 1999، ص105) ومن خلال الراسات الاجتماعية التربوية والنفسية وجدنا أساليب متعددة للتنشئة الاجتماعية الاسرية ومن أهمها التالية:
1) الأسلوب الديمقراطي:
يتصف هذا الاسلوب بأن الأمور بين الوالدين والأبناء - الأسرة ككل - تسير بشكل تعاوني، بحيث يتعلم الأطفال أنهم مطالبون ببعض الواجبات بانتظام واتخاذ بعض القرارات بأنفسهم، كما يتعلمون أن للأبوين حقوقاَ وامتيازات خاصة كما لاينتظر الأطفال من والديهم أن يكونوا موقع الانتباه الدائم والرعاية المستمرة. قد تقع الخلافات بين أفراد الأسرة التي تطبق هذا الاسلوب، لكنها لا تدوم طويلاَ حيث تعالج بالمناقشة الصريحة وبروح التعاون والمحبة (فهمي،1979، 356)

أما أهم مظاهر الاسلوب الديمقراطي، اعتراف الوالدين بأن الاطفال أشخاص يختلفون عن بعضهم البعض وأن كلاَ منهم ينمو بشكل مستقل نحو الرشد لحمل المس}وليات في المستقبل،بالاضافة الى النظام والانضباط والحزم المقترن باللين، حيث يسود النظام والانضباط في المنازل التي تطبق هذا الاسلوب، حيث يبذل الآباء والابناء جهودهم للمحافظة على النظام الذاتي والتفكير السليم في جميع أعمالهم، حيث أن لكل فرد في الأسرة حقوقاَ وواجبات يعرفها ويلتزم بها الجميع ولمنع حدوث خلل ما في هذا النظام أو الانضباط يقيم الوالدان ضبط ثابت على أبنائهما، لكن يعطيا أسباب ذلك الضبط أو التقيد، ووضع حدود ثابتة وواضحة فيما يتعلق بالاشكال السلوكية المقبولة وغير المقبولة اجتماعياَ، وفي الوقت نفسه تشجيع الطفل على القيام بالسلوك الاستقلالي.
وقد أوضحت الدراسات الاجتماعية، أن الطفل عندما يحاط بجو ديمقراطي في المعاملة فان نتيجة ذلك أن يصبح الطفل أكثر تحملاَ للمسؤولية في المستقبل وأكثر تحسساَ للمبادىء وأكثر قدرة على الضبط الذاتي، بالاضافة الى الشعور بالأمن والثقة بالنفس والاندماج مع الأخرين والتفاعل معهم.
2) الأسلوب اللاديمقراطي - المتسلط -:
ويتصف هذا الاسلوب بسيطرة الوالدين على الطفل في جميع الأوقات وفي جميع مراحل نموه وينوبان عنه في القيام بما يجب أن يقوم هو به ويتحكما في كل أعماله ويحولان بينه وبين رغبته بالاستقلال لكي يأخذ مكانه كفرد ناضج في المجتمع.
والتسلط أو الاستبداد، قد لا يأتي من كره أو نبذ الوالدين للطفل، بل قد يكون ناتجاَ عن اهتمامهما وحبهما له، لكنهما يضطرانه الى الخضوع غالباَ لأنهما يعتقدان أن ذلك في مصلحته.
ومن مظاهر هذا الاسلوب التسلطي الافتقار الى العلاقات الاجتماعية الطيبة سواء بين أفراد الأسرة أو بين الأسرة والعالم الخارجي. وله نتائج سلبية على الطفل من شعوره بالنقص وعدم الثقة بالنفس والشعور الحاد بالذنب والارتباك وينشأ طفل سهل الانقياد وأقل قدرة على تحمل المسؤولية ويميل الى الانسحاب.
3 -الاسلوب المتذبذب:
ويشير مصطلح التذبذب أوعدم الاتساق في أساليب التنشئة الاجتماعية الأسرية الى عدم ثبات الوالدين في نظامهما أو في سلوكهما، فقد يعاقبان الطفل على سلوك ما في وقت ما وقد لايعاقبانه في وقت أخر على نفس السلوك. وقد ينشأ التذبذب أو عدم الاتساق نتيجة الاختلاف بين الوالدين في معاييرهما وأسلوب تنشئة أطفالهما،فقد يكون الأب حنوناَ متسامحاَ بينما قد تكون الأم متسلطة وعنيفة أو بالعكس. كما يحدث التذبذب أو عدم التساق عندما لايقبل الوالدان سلوكاَ من أطفالهما وفي نفس الوقت يظهرا علامات ضمنية تدل على أنهما يستحسنا هذا السلوك. أي ان هناك اختلافاَ بين ماأجبر الطفل لفعله أوعدم فعله وبين مايرى والديه يفعلونه. كذلك يتضمن عدم الاتساق حيرة الوالدين ازاء بعض أنماط سلوك الطفل: هل يوبخانه أم يثنيا عليه؟ هل يظهرا الاستحسان أم رفض ذلك السلوك أم يتركاه على هواه؟.
أما منأهم نتائجه - أي الاسلوب التذبذب - عدم قدرة الطفل على معرفة الخطأ والصواب أو التمييز بينهما، بالاضافة الى التردد وعدم القدرة على اتخاذ مواقف أو قرارات حاسمة، وعدم قدرة الطفل على التعبير الصريح عن أرائه ومواقفه.
4- الأسلوب المساهل:
ويقوم هذا السلوب على أساس التسامح المعقول الذي يجعل تكيف الفرد أسهت تحقيقاَ لأن هذا الأسلوب يعطي الفرد شعوراَ حقيقياَ بالأمن ويخلق له جواَ يستطيع فيه أن يتجه نحو الاستقلال الشخصي والتحرر التدريجي.
ومن مظاهر هذا الاسلوب الم تكون محبة والأب يكون لين، والأطفال لهم حقوق الراشدبن ومسؤليات قليلة.
5- الأسلوب المتسيب:
ويقوم هذا الاسلوب على أساس من الحرية المطلقة أو التساهل الزائد في التفاعل الوالدي مع الطفل، وفيه لايمارس الوالدان الضبط المناسب، بل يمنحا الطفل قدراَ كبيراَ من الحرية لينظم سلوكه.
ومن مظاهره ترك الطفل دون تشجيع على السلوك المرغوب فبه أو الاستجابة له دون محاسبة على السلوك غير المرغوب فيه وترك الطفل دون توجيه أوارشاد لما يجب أن يقوم به أو أن يتجنبه. ومن أهم نتائجه يخلق أشخاصاَ متسيبين غير مسؤولين لايحترمون القوانين والانظمة مع نمو النزعة الانانية وحب التملك بالاضافة الى كثرة وتنوع المشاكل السلوكية في الاسرة والمدرسة.
6 - اسلوب الاعجاب الزائد بالطفل:
وهو يتضمن تعبير الوالدين على نحو مبالغ فيه عن اعجابهما بالطفل وحبهما له ومدحه والمباهاة به، ومن أثاره شعور الطفل بالغرور والثقة الزائدة بالنفس مع كثرة مطالب الطفل دون تقدير أو مراعاة لظروف وامكانات الأهل وتضخيم صورة الطفل عن ذاته مما قد يصيبه بالاحباط أو الفشل عندما يصطدم مع غيره من الناس الذين لايمنحونه نفس القدر من الاعجاب والاهتمام.
7 - اسلوب التمييز بين الأبناء:
وفيه لايكون هناك مساواة أو عدالة بين الأبناء في المعاملة كأن يستخدم أحد الوالدين الأسلوب الديمقراطي مع أحد الأبناء والأسلوب التسلط مع الآخر. حيث يكون التمييز بينهم قائماَ على أساس الجنس أو العمر أو الترتيب الولادي أوغيرها. ومن أثار شعور الطفل بالظلم والقسوة وبالتالي تكوين اتجاهات سلبية نحو والديه.
وبشكل عام فقد أوضحت النتائج لبعض الدراسات الاجتماعية التي قمنا بها أن الأبناء الذين نشأوا في أسر ديمقراطية يميلون لأن يتصرفوا بايجابية ازاء سلطة الوالدين أكثر من هؤلاء الذين أتوا من أسر متسلطة أو متسامحة (مصطفى،1999،105)
خامساً –التعليم والسلوك الديمقراطي
يلعب المدرس والمدرسة دوراً هاماً في عملية التنشئة الاجتماعية بعد الأسرة، وهما يقومان بنقل الثقافة وتوفير الظروف المناسبة للنمو جسمياً وعقلياً وانفعالياً واجتماعياً، ولا يقف هذا التأثير عند المرحلة الابتدائية، بل يستمر بعدها إلى المراحل التعليمية كافة، وهنا يتعلم الطفل المزيد من المعايير الاجتماعية أو أدواراً اجتماعية جديدة، ويتعلم الحقوق والواجبات وضبط الانفعالات، وفي المدرسة يتفاعل التلميذ مع مدرسيه كنماذج سلوكية مثالية.
فالنظام التعليمي يلعب دوراً هاماً في حياة الشباب، لا يقل أهمية عن الدور الذي تقوم به الاسرة، بل وربما أكثر أهمية وخطورة في ضوء انحسار وظائف الأسرة الحديثة، إذ يناط بالتعليم كما هو مفترض مهمة إعداد الشباب لدوره ومكانته المستقبلية في المجتمع، وهنا تحضر مهمة التنشئة الاجتماعية بتوجيه الأفراد لما يمكن أن نطلق عليه اسم التعليم النافع، وذلك من اجل بناء شخصية الفرد واكتشاف هويته وانتمائه، وبالتالي بناء الأمة والدولة.
ومن البحوث التي أجريت في هذا المجال، البحث الذي أجراه (موللر)، وأوضحت نتائجه أن سلوك المدرس الديمقراطي يضع أسس الرضا، ونمو الإبداع، والاستقلالية، والاتزان الانفعالي والميول الاجتماعي عند الفرد أما سلوك المدرس المتسلط فينجم عنه انخفاض الدافعية عند التلميذ، وضعف قدرته على التركيز، وزيادة في توتره الداخلي وميل إلى الثورة والغضب، وإلى المسايرة (Muller- wolf,1978) وفسر بعض الباحثين بأن التعليم يمكن أن يقلل من التسلطية ويزيد من الديمقراطية عند الأفراد الذين في مجتمعات يكون فيها التعليم غير تسلطي في طبيعته، وعن طريق مدرسين غير تسلطيين.
وفي مجتمعاتنا العربية، وبالرغم من الإصلاحات المتتالية في الأنظمة التعليمية الهادفة إلى تحسين وسائلها ومسالكها، نجد بالعموم وفي المراحل التعليمية كافة، ما زالت علاقة المدرس بالطالب، علاقة قمعية فوقية، فمهمة الطالب أن يحفظ -عن ظهر قلب – ما رواه المدرس وعليه ترديد أقواله وأفكاره في الامتحان حتى ينال النجاح، وإذا ما اجتهد وخالف مدرسه كانت عقوبته الرسوب، خاصة في المرحلة الجامعية، وبالتالي تتابع المؤسسات التعليمية عملية القهر والشلل الذهني التي بدأت في الأسرة، و تتحول الدراسة إلى عملية تدجين ثقافي تفرض الخصاء الثقافي والفكري على الطالب، كي يكون مجرد أداة راضخة يتم ذلك بالطبع تحت شعار غرس القيم الخلقية (قيم الاحترام والطاعة والنظام وحسن السيرة والسلوك)، لا يسمح للطالب أن يعمل فكره، أن ينتقد، أن يحلل، ان يتخذ موقفاً شخصياً، وبالتالي يقع ضحية ثقافة القمع التربوية التعليمية والطريقة التلقينية في التعليم هي الشكل الأكثر تنظيماً من أشكال فرض السلطة وتثبيتها، فهي تجمع بين العقاب والتشريب، وهو طريقة تعتمد على الترديد والحفظ بحيث لا يبقى مجال للتساؤل والبحث والتجريب، والهدف من التلقين هو نقل قيم المجتمع وعاداته الثابتة في مواجهة العالم إلى صميم التركيب الذهني في الفرد.
إن الفرد هنا يتلقى نماذج متكاملة فيحولها إلى نمط سلوكي دونما تفهم أو نقد، وفيما هو يفعل ذلك يعتاد على رؤية الأشياء وتقييمها بصورة تدعم نزعة الامتثال وتضعف طاقة الإبداع والتجديد، وبذلك فإن طاقات الإبداع والتجديد يجري توجيهها نحو أشكال مسبقة في التفكير والتصرف مما يساعد على تعزيز نزعة الامتثال والتلقين من حيث هي طريقة خارجية في التعليم تجعل المتعلم يستجيب باكتساب عادة الصم (أو البصم)، أي الدراسة والتعلم بالاستظهار، إن ما يدرسه الطفل بهذه الطريقة يحفظه كما هو، بمعنى ان الفرد المتعلم لا يتأثر بموضوع التعلم لأنه لا يهتم بفهمه وإدراكه، بل باستنساخه وحفظه، والتلميذ المجتهد هو الذي يثبت ذاته وينال المكافأة، لا بطموح الأسئلة الملائمة، بل بإعطاء الأجوبة الصحيحة الملقنة، إن المعرفة في إطار كهذا تصبح بالضرورة معرفة "مجردة" ليس لها علاقة واهية بتجارب الحياة اليومية، إن الطفل يتعلم باكراً جداً أن يستجيب طوعاً للتلقين، فما إن يبدأ بالكلام حتى يجري تدريبه على ترديد كلمات خاصة بالأسماء، كأسماء الأهل والأقارب، وينال مكافأة جزيلة على استجاباته الصحيحة ثم يجد في المدرسة الابتدائية وبعدها، أن اسلم طريقة للدراسة أكثرها إرضاء للمعلم هي طريقة الصم (البصم).
والواقع أن نمط التعامل الاجتماعي السائد في المجتمع العربي هو المشحون بالإفراط والمبالغة والنقاش العادي، وقد يبدو للرجل الغريب عراكاً شديداً قد يؤدي إلى سفك الدماء، كذلك فإن الميل إلى الإفراط في التعبير يجد له دعماً في التصورات الشعرية والدينية، التي هي جزء من الحضارة العربية، والطفل إذ يتشرب هذا النمط من التعامل، ويقتبسه، يعتاد من جهة، على رؤية العالم في صورة أضخم من الواقع، ومن جهة أخرى، القبول بالسلوك العاطفي كنمط سلوكي سوي.
وبالتالي سلوك المسايرة الاجتماعية حينما ينطلق الناس في الحوار الاجتماعي دون أن يشعر بأية حاجة إلى الحوار، والواقع أن خاصة اللغو الأساسية تظهر جلياً على أنها تجسيد للمسايرة، أي في الواقع شكل من أشكال عدم الحوار.
الخلاصة، إن هذا الوجه من وجوه التعلم، بما له من واقع اجتماعي، يعمل على تعزيز السلطة وتشجيع البصم واستبعاد التساؤل والبحث، كما يعمل على تعطيل طاقة الإبداع وتكون أنماط جامدة من التعامل والحوار.
لذلك، نجد من الضروري إعداد مناهج خاصة عند دراسة المواد الاجتماعية والثقافية في المرحلة النهائية من المرحلة التأسيسية والمرحلة الثانوية، فضلاً عن أن تعريف الطفل بالشعوب الأخرى يجعله يتعلم كيف يدرك "الآخر" ويعرف ثقافته وتاريخه، إن ذلك سوف يجعله ليس فقط غنياً بالمعلومات عن الآخر ولكن سيجعله أيضاً ينظر إلى الآخر كإنسان له تاريخه وحاجاته وطموحاته الخاصة، التي قد تختلف عن تلك الحاجات الخاصة به وهذه المعرفة يمكن أن تصبح افضل أساس تعليمي لتحمل أعباء الديمقراطية، فيتعلم كيف يتقبل الآخر كشخص مختلف عنه، ولكنه ليس اقل منه أو أدنى، مما سيجعل الطفل أكثر رغبة في حل الصراع والخلاف مع الآخرين بالتراضي المتبادل بينهما.
على الرغم من أن الجهل هو التربة الخصبة للتعصب، وأن المعرفة هي المكون الأساسي للسلوك الديمقراطي، فإن ذلك لا يعني أن الشخص الأكثر معرفة سيكون هو الأكثر ديمقراطية، ولكن الشخص الأكثر ديمقراطية هو ذلك الذي يكون لديه الاستعداد لتقبل وجهات النظر المعارضة أو المضايقة، ومن الطبيعي أن نتوقع أن المعلومات التربوية المركزة وجهود التعليم في حد ذاتها تتضمن أن الطفل سوف ينمو ليصبح شخصاً ديمقراطياً.
والمهمة الثانية، التي يمكن ان بقوم بها التعليم في تعليم الطفل الديمقراطية هو أن نساعد الطفل على أن يصبح واعياً بتحيزاته ثم نساعده ليتخلص منها، ومن المتحيزات التي رصدها العلماء واضحة عند الأفراد:
التمركز حول الذات، والتمركز حول الجماعة، والتمركز حول الأصل العرقي، وهي تمنع الأفراد من أن يحكموا على الآخرين بموضوعية، فقد أوضحت العديد من البحوث أن الناس متحيزون في معلوماتهم التي يجمعونها، وفي الطريقة التي يحكمون بها على المعلومات التي يحصلون عليها، وفي المضمون الذي يخرجون به من المعلومات عن سلوكهم وسلوك الآخرين، إن الأفراد لا يستخدمون نفس المنطلق في تعليل أفعالهم الخاصة في مقابل تلك التي للآخرين، وهناك أدلة كثيرة بأن الناس يرون سلوكهم الخاص كانعكاس لحكم منطقي في مواقف محددة، في الوقت الذي يعزون دوافع غرضية لسلوك الآخرين، ويمكن عن طريق التنشئة في المنزل والتربية في المدرسة أن لا تركز الأسرة أو المدرسة على مثل هذه التحيزات، وأن لا تنقلها إلى الأطفال ليصبحوا أقل تمسكاً بها وهم في سن الرشد، وهذه النقطة تقودنا إلى نقطة أخرى، وهي تربية التفكير الديمقراطي.
فالسلوك التسلطي أو غير الديمقراطي سببه التعليل أو التفسير الخاطئ، ويتعلم الطفل كيف يفكر تفكيراً نقدياً، وكيف يحكم موضوعياً على وجهة نظر الآخرين، فإننا بذلك نعلمه كيف يصبح شخصاً ديمقراطياً.

خاتمــة:
وأخيراً حتى نحصل على سلوك ديمقراطي سليم في المستقبل لدى الشباب، يجب على الصعيد الأسري، الاعتراف بالخلاف الحاصل بين الجيلين (الآباء والأبناء) والإقرار بشرعية هذا الاختلاف في تقييم الواقع وسبل التفاعل معه، باتجاه بناء نموذج حواري أسري، يدعم التماسك الأسرى والمجتمعي في المجتمع السوري.
بالإضافة إلى تأسيس الفكر النقدي، المتطلب الأساسي للتفكير الديمقراطي، والمطلوب أن يتصرف الفرد أو أن يكون سلوكه أيضاً ديمقراطياً، ويمكن أن يحدث ذلك عندما نصمم النظام التعليمي والتربوي كتنظيم ديمقراطي، ونشجع الاتصال الديمقراطي بين المدرسين والطلبة، وبين الطلبة بعضهم البعض، ويمكن أن نترجم معارفنا إلى توصيات تدور حول الطريقة التي يمكن بها أن تمد المدرسة ولوائحها الطلبة بالفرص العملية لممارسة السلوك الديمقراطي ويمكن ان يتحقق ذلك بأن نجعل للطلبة رأياً في بعض القرارات التي تمسهم في المدرسة، وأن ننظم لجاناً في الفصل الدراسي ومجلساً للطلبة لتمنحهم فرص المشاركة في عملية اتخاذ القرار في فصلهم ومن ثم في مدرستهم.
ونخلص مما سبق أن السلوك الديمقراطي يتصف بما يلي:
1-يصدر عن شخصية الفرد الراشد في المواقف المختلفة التي تستثيره.
2-أن السلوك الديمقراطي بخصائصه المختلفة مكتسب ومتعلم خلال عملية التنشئة الاجتماعية السياسية، مثل أي سلوك آخر يصدر عن شخصية الفرد
3-أن الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام المختلفة تساهم في عملية التنشئة الاجتماعية والسياسية لأفراد المجتمع.
4-إذا أردنا أن يسود السلوك الديمقراطي بخصائصه المختلفة في ثقافتنا، أي يصبح جزءاً من قيمنا واتجاهاتنا وتفكيرنا كأفراد، يجب أن نبدأ بتعليم أطفالنا هذه الخصائص في الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام، وان نكون قدوة لهم في ذلك، وسوف يسلك معظم الأفراد في الأجيال القادمة في مجتمعاتنا العربية بعد ذلك سلوكاً ديمقراطياً.

المراجع
1- زهير حطب، عباس مكي، السلطة الأبوية والشباب، معهد الإنماء العربي، بيروت، 1980.
2- طلال عبد المعطي مصطفى، التفاوت الثقافي بين الأجيال في المجتمع المديني السوري، أطروحة دكتوراه، جامعة دمشق، قسم علم الاجتماع،غير منشورة، 1999.
3- عبد الستار ابراهيم، التسلطية وقوة الأنا في / لويس ملكية (تحرير) قراءات في علم النفس الاجتماعي في البلاد العربية، الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، القاهرة، 1970.
4- عبد المنعم الحفني، موسوعة علم النفس، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1978.
5-كمال المنوفي، التنشئة السياسية في الأدب السياسي المعاصر، مجلة العلوم الاجتماعية، مجلد 6، عدد 4، الكويت، 1979.
6-مصطفى أحمد تركي، دراسات في علم النفس والجريمة، دار القلم، الكويت 1986.
7-هشام شرابي، مقدمات لدراسة المجتمع العربي، الدار الأهلية، بيروت 1980.
8- Wolf.h. m. Muller, the need for. teacher training and a training model to promote democratic teaching gehaviar, seinntia paedagogica expenimentalis, 1978.

د. طلال عبد المعطي مصطفى، جامعة دمشق – قسم علم الاجتماع، (دور التنشئة الاجتماعية في تكوين السلوك الديمقراطي)







  رد مع اقتباس
قديم 02-10-2009, 10:30 AM   رقم المشاركة : 5
Emerald
تربوي نشيط
 
الصورة الرمزية Emerald





 

آخر مواضيعي

Emerald غير متواجد حالياً

Emerald is on a distinguished road


افتراضي التفكير النقدي في الحياة اليومية

د. تيسير حسون

يعرف معظم الناس في هذه الأيام أن الجسم يحتاج إلى رياضة وتمرين بهدف المحافظة عليه، لكنهم يفترضون أن التفكير لا يحتاج إلى أي مجهود وبالتالي إلى أي تمرين. فالمرء، كما يعتقدون، يفكر كما يتنفس. لكننا جميعاً نشاهد من حولنا أمثلة عن التفكير المترهل والكسول والانفعالي وحتى انعدام التفكير. أحياناً يبرر الناس كسل تفكيرهم بأن يخبروك باعتزاز أنهم "منفتحو الذهن". حسن أن يكون المرء منفتح الذهن ولكن ليس إلى حد الإنفلاش.

التفكير النقدي هو القدرة والاستعداد لتقييم المزاعم والقيام بمحاكمات موضوعية على أساس أسباب حسنة الإسناد. إنه القدرة على البحث عن عيوب في المحاججات ومقاومة المزاعم التي ليس لها برهان داعم. فالتفكير النقدي إذا ليس مجرد تفكير سلبي. إنه أيضاً يرعى القدرة على الخلق والبناء- على توليد تفسيرات ممكنة للنتائج والتفكير في التضمينات وتطبيق المعرفة الجديدة على مجال واسع من المشكلات الاجتماعية والشخصية. ولا يمكننا فصل التفكير النقدي عن التفكير الخلاّق، لأنه فقط عندما تطرح السؤال "ما هو" تستطيع أن تبدأ التخيل عما يمكن " أن يكون".

لنأخذ مثالاً عما أقصد. الكثير من الناس عندما يواجهون عقبة لتوقعاتهم يضيّقون أفقهم بدل أن يوسّعوه. فمثلاً ثمة شخص يدعى أحمد كان كل حلمه في الحياة أن يصبح طبيباً بيطرياً، فقد كان شغفه بالحيوانات أسطورياً: ففي عمر 3 سنوات لم يكن يسمح لأي كان أن يقتل نملة بوجوده. لكن أحمد لم يُقبَل في كلية البيطرة التي أرادها، فكان ردّ فعله الهلع واليأس قائلاً: " لقد دُمرت حياتي برمتها" في البداية لم يفكر أحمد بشكل نقدي فجزأ احتمالاته إلى اثنين فقط: أن يكون طبيباً بيطرياً أو لا يكون شيئاً. ولكن بتفحص هذا الافتراض ولدى التفكير بشكل خلاق حول كافة المهن الممكنة التي يمكن أن يستثمر فيها شغفه بالحيوان، أدرك بأن خياراته لا تحد: فقد يكون مالكاً لمحل بيع للحيوانات المنزلية وقد يكون مدرباً للحيوانات أو مصصماً لحدائق الحيوان أو أيكولوجياً أو مصوراً للحياة البرية إلخ..

هل التفكير النقدي صعب؟

إنه ليس كذلك حالما تتوفر لك الحيوية الروحية العالية وبضعة مهارات. يرى الباحثون أن الناس لا يستخدمون مثل هذه المهارات حتى بلوغهم منتصف العشرينات من العمر أو بعد أن يكونوا قد قضوا عدة سنوات في التعليم العالي- هذا إذا استخدموها. لكن ذلك لا يعني أن الناس لا يستطيعون التفكير بشكل نقدي، فحتى الأطفال الصغار غالباً ما يقومون بذلك. ثمة تلميذ في الصف الرابع أجاب عندما أُخبر بأن قدماء اليونان كانوا مهداً للديمقراطية: " ولكن ماذا عن النساء والعبيد؟الذين لا يحق لهم التصويت وليس لديهم حقوق؟ هل كانت اليونان ديمقراطية بالنسبة إليهم؟ هذا مثال لتفكير انتقادي. وهو كذلك تفكير خلاق، فحين تُخضع الافتراض الأساسي، وهو أن اليونان كانت ديمقراطية لكل شخص، تستطيع أن تبدأ بتخيل التفسيرات الأخرى للحضارة اليونانية القديمة.

لكننا نوافق الأعداد المتزايدة من المربين والمثقفين والاختصاصيين النفسيين الذين يعتقدون بأن نظام التعليم في بلدنا، وبالمناسبة في بلدان أخرى كثيرة، غير كفؤ لأنه لا يشجع على التفكير بشكل نقدي وخلاق. يقول هؤلاء النقاد أنه في الغالب الأعم أن كلا من المعلمين والطلاب ينظرون إلى العقل كسلة لتخزين "الإجابات الصحيحة" أو كإسفنجه "لامتصاص المعرفة". بيد أن العقل ليس سلة ولا هو اسفنجة. فالتذكر والتفكير والفهم جميعها عمليات فعالة وهي تحتاج إلى المحاكمة والاختيار والتبصر في البرهان.لسوء الحظ، إن الأطفال الذين يتحدون الرأي السائد في البيت أو في المدرسة ينعتون غالباً "بالمتمردين". وكنتيجة، كما يقول هؤلاء النقاد، فإن الكثير من طلاب المدارس الثانوية أو طلاب الجامعة لا يستطيعون صياغة محاججة منطقية أو يدركون الحقيقة في الإعلانات والدعايات التي تلعب على العواطف. وهم لا يعرفون كيف يتوصلون إلى حلول متخيلة لمشكلاتهم. باختصار، لا يستطيعون استخدام رؤوسهم.

يتضمن التفكير النقدي مجموعة من المهارات التي يمكن تطبيقها على أي موضوع تدرسه أو مشكلة تواجهها. لكن لذلك صلة بعلم النفس لأسباب ثلاثة: الأول، هو أن ميدان علم النفس يتضمن دراسة التفكير وحل المشكلات والإبداع والفضولية والمكونات الأخرى لهذه العملية، وبالتالي فإنه بطبيعته يرعى التفكير النقدي والخلاق. في إحدى الدراسات تحسن طلاب علم النفس بشكل جوهري في قدرتهم على المحاكمة في حوادث الحياة اليومية، في حين لم يظهر طلاب الكيمياء أي تحسن. الثاني، يولّد ميدان علم النفس الكثير من النتائج المتنافسة حول موضوعات ذات علاقة مباشرة بالأمور الشخصية والاجتماعية، ويحتاج الناس إلى القدرة على تقييم هذه النتائج وتضميناتها. الثالث، لقد خلقت شهية العامة للمعلومات النفسية سوقاً ضخماً، وهذا ما دعاه ر. د. روزن " اللغو النفسي psychobabble " وهو علم مزيف ودجل مغطى بقشرة من اللغة النفسية. فالتفكير النقدي يمكنه أن يساعدك على فصل علم النفس عن اللغو النفسي.

جزئياً، إن تعلم التفكير بشكل نقدي يعني إتباع القواعد التالية للمنطق. بيد أن هناك أيضاً مزيداً من المرشدات العامة الأخرى. وسنأتي هنا على ذكر ثمانية قواعد أساسية:


1. اطرح أسئلة وكن على استعداد للاندهاش: ما هو نوع الأسئلة الذي أكثر ما يجعل الوالدين ساخطين من أولادهما الصغار؟ "لمَ السماء زرقاء؟ "لماذا لا تقع الطائرة؟" "لمَ لا تمتلك البقرة أجنحة؟". لسوء الحظ يميل الأطفال مع نموهم إلى التوقف عن طرح أسئلة " لماذا؟ "
إن الآلية المحفزة على التفكير الخلاق هي الاستعداد للفضولية والدهشة والتساؤل. فالسؤال " ما المشكلة أو الخطأ هنا؟ و/ أو لماذا الأمر على هذا النحو؟ وكيف حدث أن صار على هذا النحو؟ يقود إلى التعرف على المشكلات والتحديات ". بعض المهن تعلم المتدربين على التفكير بهذه الطريقة. إذ يُعلَّم المهندسون الصناعيون على التجول في الشركة والتساؤل عن أي أمر، حتى الإجراءات التي اتّبعت لسنوات عديدة تتعرض لامتحان السؤال. لكن مهناً أخرى تفضل أن تقدم للمتدربين " حكمة جاهزة متلقاة " وتمنع النقد.



2. حدد المشكلة: بعد أن تثير السؤال، فإن الخطوة التالية هي تحديد المسائل أو المشكلات بتعابير واضحة وملموسة. " ما الذي يجعل الناس سعداء؟ سؤال ظريف في أحلام منتصف الليل، لكنه لن يؤدي إلى أجوبة ما لم تحدد ما تعنيه من مفهوم " السعادة ". عرّف أحد علماء النفس " الزواج السعيد " بأنه الزواج الذي دام عشر سنوات وأثمر عن طفلين " فهل توافق على هذا التعريف؟
إن الصياغة غير الملائمة للسؤال يمكن أن تفضي إلى أجوبة مضللة أو ناقصة. فعلى سبيل المثال، يفترض السؤال "هل يمكن للحيوانات أن تتعلم اللغة؟"أن "اللغة "قدرة أو موهبة" ينطبق عليها مبدأ الكل أو لاشيء، الأمر الذي يتيح فقط إجابتين ممكنتين هما نعم أو لا. لكن وضع السؤال بشكل آخر مثل - " أي مناحي من اللغة يمكن لبعض الحيوانات أن تكتسبها؟ " – يأخذ بالاعتبار حقيقة أن اللغة تتطلب قدرات كثيرة مختلفة، كما أنه يقرّ بأن ثمة تباينات بين الأنواع ويفتح مجالاً من الأجوبة المحتملة.



3. تفحص الدليل: هل سمعت شخصاً ما في ذروة مناقشة يصرخ " أنا أعرف فقط إنها الحقيقة، مهما يكن ما تقول "أو" هذا رأيي ولن يغيره شيء "أو" إذا لم تفهم موقفي، فلن أتمكن من توضيحه". إن قبول النتيجة بلا برهان أو التوقع من الآخرين أن يفعلوا ذلك هو علامة أكيدة على التفكير غير النقدي (أو على انعدام التفكير كلياً) ؛ إنه ينطوي على أن كل الآراء متساوية، وفي الواقع هي ليست كذلك. المفكر بشكل نقدي يسأل:" ما الدليل الذي يؤيد أو يدحض هذه المحاججة ونقيضها؟ ما مدى الاعتمادية على هذا الدليل؟ وإذا لم يكن هناك إمكانية لتحري الاعتمادية على الدليل، فإن المفكر نقدياً يُعمل فكره فيما إذا كان مصدر هذا الدليل ذو اعتمادية في السابق.
لقد جرى قبول بعض الاعتقادات الشعبية على نطاق واسع على أساس دليل ضعيف أو حتى دون دليل البتة. فمثلاً، يعتقد بعض الناس بأنه لأمر صحي من الناحية الجسدية والنفسية أن "ينفّسوا" عن غضبهم بأول شخص أو حيوان أو قطعة أثاث تقع في طريقهم. في الواقع، إن سنوات من البحث في مجالات مختلفة تقترح بأن التعبير عن الغضب أمر مفيد أحياناً ولكنه غالباً ليس كذلك. إنه غالباً ما يجعل الغاضب أكثر غضباً، كما تجعل الهدف الذي ينصب عليه الغضب يرد بشكل غاضب ويخفض من تقدير الشخص لذاته ويشجع العدوانية. ورغم ذلك يستمر الاعتقاد بأن التعبير عن الغضب صحي دوماً رغم انعدام الدليل الذي يؤيد ذلك.



4. تحليل الافتراضات والتحيزات: يقيم الذين يفكرون بشكل نقدي الافتراضات والتحيزات حول كيفية سير الأمور إنهم يسألون كيف تؤثر هذه الافتراضات والتحيزات على المزاعم والاستنتاجات وذلك في الكتب التي يقرؤونها وفي الخطب السياسية التي يسمعونها وفي برامج الأخبار التي يشاهدونها والإعلانات التي تنهال على رؤوسهم يومياً.هاكم مثالاً: يعلن منتج لمسكن ألم أن المشافي تفضل منتجه على باقي المنتجات جميعاً. الافتراض الطبيعي – أي الافتراض الذي يريد المنتج منك أن تتبناه – هو أن هذا المنتج أفضل من جميع المنتجات الأخرى. ولكن في الحقيقة تفضل المشافي هذا المنتج لأنها حصلت عل حسم أكبر عليه من المنتجات المنافسة الأخرى.
المفكرون بشكل نقدي أيضاً على دراية بافتراضاتهم الخاصة وهم على استعداد لمساءلتها. مثلاً: الكثير من الناس متحيزون لصالح الطريقة التي يتبناها والديهم في تدبير الأمور. فهم عندما يواجهون مشكلات صعبة، سيصلون إلى حلول مألوفة قائلين: "لقد أُنشئنا على الاعتقاد بأن الطريقة الفضلى لفرض الانضباط على الأطفال هو في ضربهم". لكن التفكير النقدي يطلب منا أن نتفحص تحيزاتنا عندما يناقضها الدليل.
كل منا يحمل طبعاً الكثير من الافتراضات عن كيفية سير الأمور: هل لدى الناس إرادة حرة أم أنهم مقيدون بالبيولوجيا والتنشئة؟ هل برامج الحكومية أفضل من برامج القطاع الخاص لحل مشكلة الفقر أم العكس هو الصحيح؟ إذا لم نوضح افتراضاتنا، فإن قدرتنا على تفسير الدليل بشكل موضوعي يمكن أن تختل إلى حد خطير.



5. تجنب التفكير والاستنتاج الانفعاليين: " إذا كنت أشعر على هذا النحو، فإنه ينبغي أن يكون صحيحاً ". ثمة مكان للعاطفة في التفكير النقدي. فمن دونها، يمكن أن يقود المنطق والمحاكمة إلى قرارات وأعمال مضللة ومدمرة. في الحقيقة، فإن معظم المجرمين القساة في التاريخ كانوا لامعين وحادي الذكاء. ولكن عندما يحل التفكير العاطفي محل التفكير الواضح فإن النتائج تكون خطيرة على نحو مماثل، فالاضطهادات والحروب كانت نتيجة لمشاعر الكره.
لأن مشاعرنا تبدو لنا شديدة الصحة، فمن الصعب أن نفهم أن الناس الآخرين الذين يعارضوننا في الرأي لديهم مشاعر بنفس القوة. بيد أنهم يمتلكون مثل هذه المشاعر، الأمر الذي يعني أن المشاعر ليست، لوحدها، مرشداً يُعوَّل عليه للوصول إلى الحقيقة.



6. لا تفرط في التبسيط: المفكر بشكل نقدي يبحث عما وراء الظاهر الواضح ويقاوم التعميمات السهلة. فمثلاً عندما تطرح عليك الحياة وضعاً بائساً، فهل يتعين عليك أن تُنكر مشكلاتك (كل شيء على ما يرام، لنذهب ونلعب الورق أو لنشاهد فيلماً في السينما) أم تواجهها بشكل صِدامي؟ كلا الجوابين مفرطين في التبسيط. تجدر الإشارة إلى أن الإنكار يمكن أن يمنع الناس من حل مشكلاتهم، ولكنه في أحيان أخرى يعينهم على تخطي الظروف المؤلمة التي لا يمكن تغييرها.
غالباً ما تسمع أحدهم في مناقشة يخوضها، يعمم من نثرة صغيرة من البرهان إلى العالم بأسره. مثلاً، يكره أحد أصدقائك المدرسة فيأخذ الأمر صفة التعميم وهو أن كل من يذهب إلى المدرسة يكرهها. إن التعميمات الآتية من أحاديث النوادر هي مصدر التنميط أيضاً. فإذا صادفت رجلاً جشعاً في دمشق مثلاً، سيعني أن كل من في دمشق جشعون. فالذي يفكر بشكل نقدي يريد من البرهان أكثر من مجرد قصة أو قصتين قبل أن يصل إلى تعميمات.ينطبق الأمر ذاته على تفكير المرء بحياته الخاصة. فمثلاً يلجأ العديد من الناس إلى التعميم من حادث سلبي إلى نموذج كامل من الهزيمة، فيخلقون عالماً لا حد له من البؤس. "قدمت امتحاناً سيئاً الآن، لذلك لن أتمكن من اجتياز الجامعة والحصول على عمل أو تكوين أسرة أو أي شيء".



7. فكر بتفسيرات أخرى: المفكر بشكل نقدي وخلاق يصوغ فرضيات تقدم تفسيرات معقولة للخصائص والسلوك والحوادث. والهدف النهائي هو إيجاد تفسير يأخذ في الحساب معظم الأدلة أو البراهين بأقل الإفتراضات. لكن المفكر النقدي لا يوصد الباب أمام التفسيرات البديلة بسرعة. فهو ينشئ ما أمكن من تفسيرات للدليل قبل أن يرسو على أكثرها رجحاناً.



8. تحمل اللايقين: أخيراً، إن تعلم التفكير النقدي يقدم لنا أحد أصعب الدروس في الحياة: وهو كيف نعيش مع اللايقين. كما ذكرنا، من المهم أن نتفحص الدليل قبل استخلاص النتائج. أحياناً بالكاد يسمح لنا الدليل باستخلاص نتائج مؤقتة. وأحياناً يبدو الدليل كافيا تماماً لأن يسمح لنا بنتائج متينة وقوية.... إلى أن يأتي دليل جديد ويرمي بمعتقداتنا إلى الفوضى والتشوش. على المفكرين بشكل نقدي أن يتقبلوا حالة اللايقينية هذه. فهم لا يخشون القول: "لا أعرف" أو "لست واثقاً". فهذا الإقرار ليس تملصاً ومراوغة بل حثاً لسؤال خلاق إضافي.


ان الرغبة في اليقينية غالباً ما تترك الناس في حالة من عدم الارتياح عندما يتوجهون إلى الخبراء من أجل الحصول على "ال" جواب، ولا يقدمه هؤلاء لهم. قد يقول المريض للطبيب مطالباً "ماذا تعني بقولك إنها مسألة مثيرة للجدل؟ أخبرني فقط ما هو الجواب!" يعرف المفكرون النقديون بأنه كلما كان السؤال أهم، كلما كان احتمال أن يكون له جواب وحيد بسيط أقل. إن الحاجة لقبول مقدار معين من اللايقين لا يعني أنه ينبغي علينا أن نعيش بدون اعتقادات وقناعات. يقول روجيريو: "إن حقيقة أن معرفة اليوم قد تُتجاوز أو على الأقل تُعدل غداً، قد تقودنا إلى نوع من الشكوكية التي ترفض أن تعتنق أية فكرة". سيكون ذلك حماقة لأنه بالمعنى العملي، من المحال أن نبني حياة على وجهة النظر تلك. إضافة إلى ذلك، ليس اعتناق فكرة ما هو الذي يسبب المشكلات – بل هو رفض إرخاء ذلك الاعتناق عندما يفرض المنطق السليم أن نفعل ذلك. يكفي أن نصوغ القناعات بحرص وأن نحملها بسهولة ومرونة، وأن نكون مستعدين لإعادة التفكير بها عندما يستدعيها دليل جديد إلى السؤال.


د. تيسير حسون، اختصاصي في الطب النفسي، دمشق، (التفكير النقدي في الحياة اليومية)،








  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
  • إرسال الموضوع إلى ارسل الموضوع الى Facebook ارسل الموضوع الى Facebook
  • إرسال الموضوع إلى ارسال الى Google ارسال الى Google
  • إرسال الموضوع إلى ارسال الى Digg ارسال الى Digg
  • إرسال الموضوع إلى ارسال الى del.icio.us ارسال الى del.icio.us
  • إرسال الموضوع إلى ارسال الى StumbleUpon ارسال الى StumbleUpon


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
طريقة عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر رد
مساعدة ... أريد بحوث ودراسات عن التربية البيئية الفارس المصري قسم البحث العلمي 33 08-08-2008 07:48 PM
أحتاج إلي بحوث أو كتب أو مقالات في القصة والتدريس فارس الشرق قسم البحث العلمي 0 06-04-2008 08:51 AM
لقاءات المرحلة 17 من الدوري السوري سوري أصيل القسم الرياضي 1 02-29-2008 01:05 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2015, Jelsoft Enterprises Ltd diamond