مشهد ((شام)) من مسرحية "حذاء"

[Wine&Land]

مشهد "شام" :

بعد سنين اغتراب بعيدة عن الوطن الأم , حان موعد الزيارة .. 20 عاما لم ترى بها وطنها .. طفولتها .. قد آن لها بزيارة تستعيد خلالها ذكريات الطفولة العتيقة ..
فتاة تبلغ ال25 من العمر اسمها "شام" , غادرت "شام" الشام مع ذويها إلى السويد منذ الخامسة ولم تعد لها قط ,

(( غرفة "شام" .. وشام توضّب حاجياتها متهيّئة للسفر . يدخل والدها ))
الوالد : يلله بابا , عجلي وضبي غراضك ونامي , لازم ترتاحي .. بكره عندك يوم طويل , المسافة بعيدة , رح تتعبي بالسفر
شام : حاضر بابا .. ليكني خلصت
( تنتهي من توضيب حقائبها .. وتفتح دفتر مذكراتها .. وتكتب: )

آه يا شام .. تعبني الحنين , غرقني الشوق , خلص الصبر , ونشفت الدموع , وانت .. انت بقلبي السما يلي ما قدرت طولا , الروح إلي ساكنتني وأنا بعيدة عنها
آه يا شام , سنين وأنا عم انتظر , سنين وأنا عم موت , سنين وأنا الموج , سنين وانت الشط , سنين ورا سنين , وما عم يجي اليوم يلي عم استناه , سنين ورا سنين والبحر غايب عن الشط .
واليوم كبرت , قطعت العمر وأنا احلم , واحلم , احلم يجي اليوم , اليوم يلي رح يحملني ونرجع لورا , نرجع أنا والعمر لورا , ارجع طفلة , الطفلة يلي زهّرت ببساتين الشام , وارتوت من مية الشام , وتنفست هوا الشام ,
تعبتيني حتى صرت اهدس فيكي .. وشوفك على كل رصيف وبكل زاوية , شمك بكل وردة , وإلمسك بكل نسمة , إشهقك مع كل صبح , وإلتحفك كل مسا , وناااام على اديكي طفلة .. نفس الطفلة .. طفلة ال5 سنين يلي روحها عم ترفرف مع عصافير الشام , وأنا هون بآخر الدنيا والشوق عم ياكلني .
اليوم شام رح ترجعلك يا شام , الطفلة يلي تركتك وهيه عمرها 5 سنين , رح ترجعلك صبية بعد 20 سنة , 20 سنة كانت تنام على ذكرياتك , وتحلم بحضنك , وتصحى على دمعة سالت على خدها من وراكي .. من وراكي يا شام ..
( تغلق دفتر مذكراتها , وتخلد إلى الفراش )
( تقلع الطائرة .. وتهبط في ربوع الشام )

( وهي تستنشق هواء الشام )
شام : ايييه .. والله وبعد زمان يا شام .. وأخيرا هدّى العمر بغصونك , أخيرا ارتاح القدر على كتفك , والله دنيا ولك يا شام ..
رجعتلك .. رجعت عيش .. رجعت اتنفس .. رجعت احيا .. غرّقتني الغربة .. وجّعتني .. اتحملت كتير منشانك .. اتحملت كتير حتى ارجع امشي على أرضك .. شم ترابك .. وعانق ريحتك .
اتفيا بسماكي .. واسمع ضحكتك ..
ليش ما عم تضحكي يا شام .. حرمتيني من ضحكتك كل العمر .. رجعت شوفها وحسها واسمعها , بس ولا يهمك .. ما بلومك .. بعرف ..
بعرف انك انتي كمان كبرتي متلي .. وكبروا أهلك .. وكبر همك .. والله بعرف ياشام .. ما عدتي هديك الطفلة .. الطفلة يلي كنت اشبهها .. ويلي كنت إلحقها وتهرب مني واوقع وابكي وتبوسني وتراضيني ..
بس ياشام انتي قد ما كبرتي بتضلي فيني الطفلة .. طفلة ال5 سنين يلي سكنتني وما رح تتركني طول العمر

كانوا رفقاتي بالمدرسة يحبوا اسمي .. ويسألوني شو معناتوا .. كنت لما جاوبهم تسرقني الساعات .. احكي واحكي واحكي .. كنت احكي حتى اوفيكي حقك .. لأنك ما بتنحكي بكلمة أو كلمتين .. لأنك ما بتنحكي قد ما حكيت .. لأنك أكتر من الحكي .. لأنك أحلى من الحكي .. لأنو الحكي بيخلص فيكي وانتي بعدك عم تنبعي ..

كنت احكيلهم عن الشام وسحر الشام .. عن تاريخها .. وماضيها .. ماضيها يلي كل مخلوق بيتمنى يعيش فيه .. كانوا يسمعوني كأني عم احكيلهم قصة من قصص ألف ليلة وليلة .. كانوا يفكروها قصص خيالية .. بس قلتلهم لأ .. هيك الشام .. وهيك حياة الشام .. وهيك كل شي حلو بالشام ..
يااااه ماأعتقك ياشام ..
كبيرة كبر التاريخ .. وقديمة قدم الماضي .. ومعتقة حاراتك .. ياسمينك .. اااه على ياسمينك .. ريحتو معربشة بذاكرتي من لما كنت صغيرة .. والبحرة .. البحرة يلي كان جدو يشرب قهوتو كل يوم على دفقتها .. ما بتفارقني صورة بيت جدي .. راح جدي وبقي البيت .. والبحرة والياسمينة .. والياسمينة يلي عايشة بحلم رجعتو .. متل ما كنت عايشة بحلم رجعة الشام .. وتحقق حلمي .. ورجعت للشام ..
ما أهداكي يا شام .. ماأهدا بيوتك .....
( صوت صراخ من أحد المنازل : لك شو انت آآه .. شو انت ..؟! .. من 6 تشهر لسا جايبلك صرماية قد راسك .. لحقتي تنزعيها .. لك شو عم تعملي فيها .. عم تقرطيها قرط يعني .. من وين بدي لحقلك الك ولولادك صرامي ..؟! لك شو شايفة عندي محل صرامي يعني .. سباطي الو سنتين مهتري ولهلأ ما غيرتو .. لأنو ما معي .. راتبي عم يخلص بنص الشهر .. شو اعمل يعني .. اسرق ولا اشحد .. من وين بدي لحقلكم .. من وين ..؟! الله ياخدني ويريحني من همكم .. )

( متابعة وهي تجلس في أحد مقاهي الشام القديمة )

مين كان يتخيل اني رح ارجع التقي فيها .. امشي بشوارعها .. واقعد بقهاويها ..
( فتاتات جالستان بقرب "شام" على أحد الطاولات في المقهى يعلّقان على الرايح والجاي )
الفتاة1: ليكي ليكي هي يلي جاية .. يبعلها حمى ماأحلاها ..
الفتاة2: اسكتي .. اسكتي .. لا حلوة ولا شي .. لبسي المكنسة بتطلع ست النسا .. يعني اذا تيابها من برا والبارفام والمكياج من باريس .. وكنتدتها طليانية .. أي من وين ما بدها تطلع حلوة ..
الفتاة1: طب ليكي هاد الشب .. يقبر قلبي على هالطول ..
الفتاة2 : لك ما تبلى أنا لمعة هالسباط .. ريتا تكون مرايتي ان شالله .. آكل من رجلو شقفة هالسباط .. تعالي تعالي نتحركش فيه ..
الفتاة1 : امشي يلله

( متابعة .. وهي تمر من أمام مسجد قديم )

شام: ياللــــه ياشام .. مافي متلك بالدنيا كلها .. مافي متل جوامعك وكنايسك .. كأنو الله اختارك من بين كل بلاد الدنيا حتى تكوني بيتو .. وتصرخي باسمو ..

( يمر لص من أمام المسجد ويسرق سباطا تركه أحد المصلين خارجا .. فيشاهده صاحب السباط ويطارده )
صاحب السباط : ( صارخا .. وهو يركض حافيا ) ولك ياسرّاق .. ياحرامي .. وين آخد السباط يا ابن الحرام .. يلي ما بتخاف ربك .. يا كافر ..


( تتمشّى قرب بردى )

شو صار فيك يابردى .. تركتك شب عم تجري متل الفرس .. عم تسابق الريح .. وتروي الأرض والبساتين والشجر , شو عملولك .. شو عملو فيك .. يمكن تعبوك .. يمكن نشّفو دمك .. وعدموك

( يمر أحدهم ويقذف كيس القمامة في النهرعلى مرأى من "شام" .. ويتابع طريقه )

( يأتيها اتصال مفاجئ ..)
أهلين بابا ............ ماشي الحال ............ الشام !! .. الشام تغيرت يا بابا .. تغيرت كتير كتير حتى صارت تشبه غيرها .. ما عادت شام ..الشام .. بحكيلك بس ارجع ............. قربت موعد الحجز .. طيارتي بكرا الصبح ................. اوك .... باي

( ترمي دفتر مذكراتها في النار ليحترق صفحة صفحة .. وتمضي )

[وسيم]

مشهد حلو
بس ماهو منطقي
السرقة من يوم يومها موجودة
وصباحيات نسوان الشام معروفة من سنة جدي ومعروف انو بيحكوا عبعضهم
اما بردى فهو النقطة الفارقة الوحيدة بمشهدك