التساهل في تربية الأبناء

[حمزة العثمان]

التساهل في تربية الأولاد:

أيها المسلمون!

لو قلنا: لم يفرط المسلمون في شيء كتفريطهم في تربية الأبناء؛ لما كنا مبالغين . وكيف لا ؟

وقدحصل بسبب هذا الإهمال من الفساد والإلحاد مالا حدود له، فلقد قام هذا الصنف بما يشيب له الرأس. ألم يكن هذا الإهمال سببا في نشر الشيوعية والاشتراكية من قبل بعض أبناء المسلمين؟ وجرى بسبب حمل هذا المبدأ الإلحادي مالم يكن في الحسبان، من سب إلهه ، ودينه ، ورسوله ، ومصادرة الإسلام، ونشر أنواع الفساد، من قتل للأبرياء ،وانتهاك للحرمات، ونشر فواحش الزنا ، وسلب الأموال، والقيام بالتشريد والتطريد والإبادة لمن ثبت على دين الله، إلا من نجاه الله. ألم يجرَّ أبناء جلدتنا اليهود والنصارى إلى بلادنا ومكنوهم من رقابنا؟ ألم يقوموا بالثورات والانقلابات لإرضاء اليهود والنصارى وخدمتهم ؟ فإذا كان إهمال أبنائنا من التربية الإسلامية يؤدي إلى هذا وأمثاله.

أفلا نكون مصيبين إذا قلنا: إن أخطر شيء يهدد المسلمين من داخلهم فساد أبنائهم؟ ومن هنا ندرك أهمية التربية الإسلامية لأبنائنا.

ولنضع بعض الضوابط الشرعية لتربية أبنائنا وبناتنا:

1 - اعلم أيها الأب واعلمي أيتها الأم و ليعلم كل ولي! أن كل مايحدث من فساد من أولادك ذكورا أو إناثا فأنت شريكه ، بل عليك الوزر الأكبر إذا كنت أنت المتسبب. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه ) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

انظر كيف جعل النبي صلى الله عليه وسلم التهويد والتنصير في الأبناء من قبل الآباء والأمهات. فالأب أول مسؤول عن فساد الأبناء. ومهما كان في المجتمع من انحراف وفساد، فليس من عذر للآباء والأمهات عند الله عند أن يهملوا الأبناء. بخلاف لو انحرف الولد أو البنت بعد أن صار رجلا، وقد قام الآباء والأمهات بتربيته من الصغر، فلاإثم عليهم إن عجزوا في هذه المرحلة عن التربية.

فالتربية_التي التفريط فيها شر مستطير على الآباء والأمهات_ هي من وقت الطفولة إلى وقت البلوغ، وتستمر التربيةعند البلوغ وما بعده. فهل ترضى أيها الأب المسلم بأن تكون متحملا لوزر كوزر ولدك أوأشد؟ إذا ترك الصلاة، وإذا زنا، وإذا سرق، وإذا سب الله، أو دينه،أو...أو.

2 - إنه لا قهر لعدوك إلا بتربية ولدك. هكذا أطلقها بعض السلف ، وهوالحق، والواقع شاهد بذلك، فولدك يجر إليك ما يسوءك وما فيه التنغيص لحياتك ؛ ولهذا قال بعضهم : ( أول من يشقى بفساد الأولاد آباؤهم وأمهاتهم ) وقال تعالى:{ ياأيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم }.

فلا تسامح مع الأولاد فيما يعقب الفساد والضرر، بل لا بد من الحزم المنضبط بالضوابط الشرعية. فإن الناس بين إفراط وتفريط في هذا الأمر، إلا من رحم الله.

3 - التربية تكون في البيت وفي خارجه ، كالشارع، وأماكن الدراسة، والمسجد ، والرحلات، وما إلى ذلك.

أما في البيت فلا بد من محاربة الفساد بشتى صنوفه وأنواعه، وإلا فلا تربية، بل هدم من الأساس . ويكون بتصحيح الألفاظ والحركات والتصرفات التي تحدث من الأبناء، فلو أن الإبن سرق في البيت أو سب أو لعن أحدا في البيت فيجب أن يؤدب فوراً.

أما خارج البيت فلا بد من استعمال الجهد الكبير في الحرص على الأبناء ، فلا يخرج الولد إلا من أجل واجب من أمور الدين أو الدنيا أو مباح، ويحدد له الوقت والمكان الذي سيذهب إليه والزميل والمرافق الذي يصطحبه.

ويجعل المسلم من يساعده في معرفة أحوال ولده خارج البيت من الرجال الأخيار، والنساء الطيبات مع البنات. وكلما علم أنه تجدد للولد ميول إلى شر قام المربي بقطع أسبابه.

وللأسف أن من الآباء والأمهات من يحرصون على الأبناء في البيت فإذا خرجوا تركوهم على مايريدون . وهنا يستطيع الذكور والإناث أن يتظاهروا لآبائهم بالصلاح والأدب، فيظن الأولياء أنهم في خارج البيت كذلك ، وهذه قضية التنبه لها مهم جدا. ومن التقصير في تربيتهم أن الأولياء يحذرون الأبناء من أخطار خارج البيت يخافون عليهم منها، ولكن إذا خرج الأبناء لم يتابعهم الآباءو يكتفون بالتحذيرات . وهذا تقصير لابد من تداركه.

ومن الأولياء من يظن أن تربية ولده على يد مدرس مثلا كاف، وهذا خطأ، فإن تربية غير الأولياء إن تحققت فإنما هي مساعدة للآباء والأمهات. والاعتماد يكون على الآباء والأمهات.

4 - أدعواالمربين إلى الرجوع إلى التربية التي جاء بها الإسلام. فالرجوع إلى الكتب النافعة التي عالجت هذا الموضوع الخطير يكون الاعتماد عليها، لا على ما اعتادوه أو مايقرره علماء النفس، أو ما يدعوا إليه أهل التلبيس على شاشة التلفاز وغيره.

5 - من أعظم أسباب عدم اقتناع بعض الأبناء بتربية الآباء كون الآباء والأمهات غير صالحين وملتزمين بالإسلام كله كما ينبغي. فلا بد من أن يلزم الآباء والأمهات أنفسهم بالأخلاق الحميدة، فإذا كان المربي يقول للولد لا تكذب وهو يكذب عليه، أو لا تخدع وهو يخادعه، أو لا تنظر إلى كذا من الحرام وهو ينظر، فهنا قاصمة الظهور . قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون }.

6 - اعلم أن غصص يوم القيامة على المفرطين في تربية أبنائهم لا تطاق. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت وهو غاش لرعيته ، إلا حرم الله عليه الجنة ) متفق عليه من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه.

ألا فانتبه ثم انتبه!

فالله المسؤول بأسمائه الحسنى و صفاته العلى أن يسهل لناتربية أبنائنا تربية تقر بها أعيننا وتسعد بها أمتنا.