إشكالية التعليم بمصر والدول العربية

[أ.د. عبد المنعم محمد حسين]

بسم الله الرحمن الرحيم

إشكالية التعليم في مجتمعنا المعاصر .. إلى أين ؟

مقال (1) حول مفهوم إشكالية التعليم )

إعداد

أ.د. عبد المنعم محمد حسين حسانين

استاد بكلية التربية بالوادي الجديد

أن التعليم في أي مكان وزمان له أهميته الكبرى في تقدم المجتمعات ورقيها ؛ لذا فإن كافة المجتمعات سواء المتقدمة أم النامية تولى اهتماما كبيرا بقضية التعليم وتطويره وتجويده حتى يكون التعليم مواكبا ومسايرا لطبيعة التغيرات المتسارعة كنتيجة للتقدم العلمي والتكنولوجي خاصة في عصرنا الحاضر.

وسوف يظل التعليم يمثل _ إلى حد كبير _ إشكالية هامة ورئيسة لكل المجتمعات المتقدمة والنامية معا الإسلامية أم غير الإسلامية على حد سواء نتيجة لما تواجهه كافة المجتمعات من تحديات حاضرة قد يعجز التعليم عن مواجهتها بطريقة شاملة .
ولعل _ الواقع الراهن _ لظروف وطبيعة المجتمعات العربية في وقتنا الحاضر تجعلنا نشعر بقصور التعليم وعجزه عن مواجهة متطلبات عصرنا الحاضر بصورة تكاد تكون ظاهرة للعيان في كافة الإشكاليات التي تواجه العالم الإسلامي خاصة سمة التخلف العلمي والتقني الذي يكاد يكون سمة ظاهرة لكثير من المجتمعات الإسلامية ؛ وقد يكون ذلك التخلف العلمي ناشئا من قصور التعليم كعامل رئيسي وهام من عوامل تخلف المجتمعات ،و قد يكون ذلك القصور سببا أو نتيجة لعديد من الإشكاليات التي تعانى منها المجتمعات الإسلامية في وقتنا الحاضر وذلك لتعدد أبعاد إشكالية التعليم وتنوع مصادره ومؤسساته .
ولعل من المفيد التعرف على المقصود بإشكالية التعليم والفروق بين مفهومي " المشكلة والإشكالية " جنى يتضح مجال الموضوع الحالي " إشكالية التعليم " وفيما يلي توضيح لذلك :-
أولا : مفهوم إشكالية التعليم لغويا

ورد في كتاب مختار الصحاح عن معنى " أشكل " بمعنى التبس الأمر ، وذلك يعنى أن مصطلح " إشكالية " لغويا يعنى أن الموضوع المعطوف على تلك الكلمة أصبح يمثل موضوعا قد يلتبس علينا الأمر فيه إذا ما اقترحتا أساليب أو وسائل نراها حلا لقصوره فقد لا تجدي تلك الوسائل أو الأساليب ونظل في حيرة والتباس بشأن ذلك الموضوع وذلك لتعقد أبعاده وعوامله ومؤسساته كما في موضوع " التعليم "

ولعل ذلك المعنى اللغوي يوضح مصطلح إشكالية التعليم ويبين إن التعليم كموضوع أو كقضية يعتبر من القضايا التي تتداخل معه قضايا أخرى بالمجتمع تسبب الالتباس والخيرة عند دراسته
وإذا كان المعنى اللغوي غامضا فهل يمكن تبنى تعريف إجرائي يمكن للعامة والخاصة همه بما لا يخل بالمعنى ؟

ثانيا : المعنى الإصطلاحى لمفهوم إشكالية التعليم

في ضوء الكتابات والدراسات المتعددة حول مظاهر إشكالية أو أزمة التعليم يمكن تحديد تعريف اصطلاحي لمصطلح إشكالية التعليم هو :

إشكالية التعليم :القضية المحورية لكل ما قد يواجه المجتمع من إشكاليات فقد تكون إما سببا أو نتيجة لما قد يواجه العالم العربي من إشكاليات ثقافية متنوعة لتنوع أبعادها :السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو إلاعلامية أو المنهجية أو العالمية (الكونية) .. ......ولارتباط "إشكالية التعليم" بالعديد من إشكاليات المجتمع فقد يلتبس الأمر عند من يقوم بدراستها من حيث معرفة أي تلك الإشكاليات سببا لها وأيها تعتبر نتيجة لها وقد يخلط بينهما مما يوقع الدارس أو الباحث في لبس وحيرة وقد تظل تلك الحيرة ما لم يوفق في إزالة ذلك الالتباس .

ثالثا : حول مصطلح مشكلة والفرق بينه وبين مصطلح إشكالية :

مصطلح مشكلة أيضا قد يعبر عن حالة راهنة للتعليم في ضوء قصوره عن تلبية حاجة ما اجتماعية أو فردية ويمكن في ضوء معرفة تلك الحاجة التوصل إلى حل لتلك المشكلة باستخدام طرق علمية متعددة مثل : طريقة حل المشكلات أو أسلوب تحليل النظم وغير ذلك من طرق علمية قد يتوصل بها الباحث إلى حل لتلك المشكلة وإزالة الحالة الراهنة الناتجة من قصور التعليم في تلبية حاجة ما للفرد أو المجتمع .بينما مصطلح : الإشكالية قد يعنى أن هناك حالة ليست مرتبطة بفترة زمنية فحسب بل أن تلك الحالة قد تكون واقعا معاشا على امتداد فترات زمنية وليست فترة زمنية محددة بعينها ، كما يشير أيضا إلى تعدد الحاجات التي لم تحقق بعد وليست حاجة بعينها مما قد يوحى إلى تعدد المشكلات التي يمكن أن تتضمنها تلك الإشكالية ، علاوة على ارتباط الإشكالية _ موضوع الدراسة _ بالعديد من الإشكاليات الأخرى مما قد يزيد ها تعقيدا قد يوقع الباحث أو الدارس لها في التباس وحيرة من أمر تلك الإشكالية وقد لا يستطيع التمييز أي تلك الإشكاليات المرتبطة بالإشكالية موضوع الدراسة سببا لها أو أيها قد يكون نتيجة لها

وينسحب ذلك التعريف على تعريف كل إشكالية بالمجتمع ، ولذلك فينبغي أن نفرق بين كلمات قد يظن البعض أنها مترادفات وهى غير ذلك مثل : مشكلة / إشكالية / أزمة .. وذلك لأن البعض قد يعبر عن إشكالية التعليم بمعنى : أزمة التعليم أو مشكلة التعليم وذلك في رأى _ الباحث _ قد يكون غير صحيح لأن مفهوم الإشكالية أعم والمفاهيم الأخرى أخص حيث أن مفهوم أزمة قد تطلق على واقع معين للتعليم في فترة زمنية محدودة مثل ما عبر به فيليب كومبز في كتابة : أزمة العالم في التعليم من منظور الثمانينات
في ضوء ما سبق فإن النظام التعليمي في مصر بل وفى كثير من المجتمعات العربية والإسلامية بما يعانيه من مشكلات متعددة الأبعاد والعوامل ( السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها ) يجعلنا نؤكد إن الحالة الراهنة للتعليم هي خالة ليست قي صورة أزمة راهنه مرتبطة بزمن معين أو عصر معين وليست مشكلة مرتبطة بحاجة معينة يمكن إيجاد حل لها عندما تتحقق تلك الحاجة ولكن حالة التعليم اليوم ترتبط بالعديد من الإشكاليات المتعددة المجالات والجوانب والتي تجعلنا في حيرة وفى حالة يلتبس فيها الأمر حول أي الإشكاليات يجب أن نبدأ بها لفك التشابك بين التعليم وتلك الإشكاليات للتوصل لحلول ناجعة تستهدف تطوير التعليم وتجويده .وذلك مما يؤكد إن التعليم في مجتمعنا المصري المعاصر بصفة خاصة يمثِّل " إشكالية " ينبغي مواجهتها

إشكالية التعليم في مجتمعنا المعاصر .. إلى أين ؟

مقال (2) حول علاقة إشكالية التعليم بإشكاليات المجتمع الأخرى )

إعداد

أ.د. عبد المنعم محمد حسين حسانين

إستاد بكلية التربية بالوادي الجديد

تصنيف إشكاليات المجتمع وعلاقتها بإشكالية التعليم
الجدول التالي يوضح أبعاد إشكالية التعليم وإشكاليات المجتمع في تلك الأبعاد ذات العلاقة بإشكالية التعليم

تصنيف إشكاليات المجتمع ذات العلاقة بإشكالية التعليم وفقا لأبعادها

الأبعاد الممثلة

الإشكاليات الممثلة

البعد السياسي

إشكالية السلطة – إشكالية الشرعية الدستورية – إشكالية التعددية الحزبية – إشكالية ضعف النخبة السياسية – إشكالية الأمية السياسية

البعد الاقتصادي

إشكالية تمويل التعليم – إشكالية الضعف الاقتصادي مع تفاقم الأزمة المالية المعاصرة – إشكالية ارتباط الفكر بالعمل – إشكالية احترام العمل اليدوي – إشكالية البحث العلمي - إشكالية التكتلات الاقتصادية .

البعد الاجتماعي

إشكالية اللغة – إشكالية القيم والمعتقدات الدينية – إشكالية العقلانية والإيمان بكرامة الإنسان –إشكالية العزلة الحضارية – إشكالية تربوية المجتمع – إشكالية المسألة السكانية – إشكالية الأمية

البعد الإعلامي

إشكالية الأعلام وعدم قدرته على مخاطبة الآخر – إشكالية الغزو الفكري من خلال الفضائيات والانترنت –إشكالية إعداد وتدريب الإعلامي المساير لطبيعة العصر – إشكالية السلطة

البعد التربوي

إشكالية اجتماعية التربية – إشكالية العلاقة بين التربية والحضارة – إشكالية غياب الفلسفة التربوية الإسلامية – إشكالية المناهج المدرسية – إشكالية جمود النظم التعليمية – إشكالية تكوين المعلم - إشكالية التعليم العالي – إشكالية التدريب على تكنولوجيا التعليم – إشكالية الإدارة التعليمية – إشكالية التوجيه والمتابعة – إشكالية التخطيط للمستقبل

البعد الديني

إشكالية تشويه القيم الدينية – إشكالية التشكيك في الثقافة والحضارة الإسلامية – إشكالية ربط التطرف والإرهاب بالتدين – إشكالية تشوية صورة الإسلام والمسلمين – إشكالية الاختلاف بين الفرق الإسلامية – إشكالية الصراع بين الثقافات – إشكالية إصلاح وتجديد الفكر الإسلامي – إشكالية كل مائة عام – الأصالة والتجديد- سلطان الماضي وتقديسه

البعد العالمي

إشكالية النظام العالمي الجديد – إشكالية ثقافة العولمة – إشكالية ثقافة التكنولوجيا وتكنولوجيا الثقافة

البعد العلمي التكنولوجي

إشكالية التخلف العلمي التكنولوجي – إشكالية الفجوة بين العلم والدين – إشكالية إسلامية المعرفة .

لعلك عزيزي القارىء من حلال قراءتك للجدول السابق تلاحظ ما يلي :
1) ارتباط التعليم بكثير من إشكاليات المجتمع في العديد من أبعاد التعليم .
2) إن فك الاشتباك بين تلك الإشكاليات وإشكالية التعليم ليس بالأمر السهل أو اليسير حيث إننا نكون في حيرة ويلتبس علينا الأمر من حيث أي تلك الإشكاليات السابق ذكرها والتي لها علاقة مباشرة كسبب أو نتيجة للتعليم نبدأ بها ونقوم بفك التشابك بينها وبين التعليم كإشكالية .
3) إن تطوير التعليم وتجويده في ضوء ارتباطه بالعديد من إشكاليات المجتمع يتطلب جهودا ومجهودات ضخمة تقوم بها كافة المؤسسات الاجتماعية الأخرى على اختلاف أشكالها (السياسية – الاقتصادية – الاجتماعية – الدينية – الإعلامية – العلمية – التكنولوجية – التربوية .. الخ)
4) إن تطوير التعليم وتجويده لا يتم بدون إصلاح شامل للمجتمع في كافة النواحي ( السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية والدينية .. الخ )
5) إن إشكاليات المجتمع المتنوعة في أبعادها المختلفة قد تكون سببا أو نتيجة لإشكالية التعليم بالمجتمع .
6) إن الترابط التام بين إشكالية التعليم وإشكاليات المجتمع الأخرى تفرز العديد من المشكلات والهموم التربوية التي نعانى منها في الوقت الحاضر وتلك المشكلات والهموم التربوية هي إفراز طبيعي لمشكلات وهموم المجتمع ككل .
إشكالية التعليم .. إلى أين ستذهب بنا ؟
في ضوء العرض السابق يتضح إن عدم مواجهة إشكالية التعليم بغرض إصلاح التعليم وتطويره وتجويده يعنى مزيد من التخلف ومزيد من الفقر ومزيد من الجهل ومزيد من المرض لتدهور كافة مؤسسات المجتمع ( لعل تلك الثلاثية المشهورة : الفقر والجهل والمرض) والتي كدنا نتناساها مع تسويق مصطلحات عصرية مثل العولمة والجودة والنظام العالمي الجديد والقطب الأوحد والقرية الذكية والاقتصاد الحر ورغم أهمية تلك المصطلحات العصرية إلا إن واقعنا الراهن مازال يقع فريسة تلك الثلاثية المشهورة الفقر والجهل والمرض ويكفى تدليلا على ذلك إن كثير من الكتابات – اليوم – نؤكد إن المناطق العشوائية بمصر يقدر عدد سكانها ب (15) مليون نسمة وتلك المناطق لا تتوافر فيها أدنى مقومات الحياة الكريمة التي تليق بالإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى وخلقه في أحسن تقويم .
وبكلمة جامعة : يمكن القول إن إصلاح كل من التعليم ومؤسسات المجتمع المختلفة كل منهما يؤثر ويتأثر في الآخر بمعنى إن إصلاح التعليم له مردودة الإيجابي على إصلاح كافة مؤسسات المجتمع والعكس أيضا صحيح .
ولعل ذلك المقال يجعلك عزيزي القاري ء تدرك مشكلاتنا وهمومنا التربوية وتدرك أيضا طبيعتها كما تدرك أيضا أبعادها ومصدرها .. وبإذن الله وبمشيته سوف نناقش معا بعض تلك المشكلات والهموم التربوية في مقالات قادمة .

وألى اللقاء فى مقالات تفصيلية أخرى حول إشكالية التعليم وبرجاء التواصل الفكرى فيما ورد من معلومات فى المقالين بهدف مواجهة إشكالية التعليم بمجتمعنا المصرى

[zeado]

أهلا وسهلا دكتور عبد المنعم
في المنتدى التربوي السوري
سعدنا بوجودك معنا
نأمل منك الكثير من الأبحاث والمواضيع التربوية الهامة لتكون مرادفا لكتبنا ومقرراتنا الجامعية
شكرا لك وأهلا بك

[حمزة العثمان]

شكرا لك دكتور على المقالة ، و نأمل منك أن ترفد المنتدى بكل ما هو جديد و مفيد .

[عاشق حلب]

بارك الله فيك يا أ عبد المنعم يا صعيدى انا جناوى يا اسيوطى

بارك الله فيك يا دكتور

بجد مقال حلو جدا انا لما قريت اشكالية التعليم فى مصر قلت منين عرفو بعدين عرفت ان انته مصرى زييا

الف مبروك للتسجيل

[AMIRA]

مقالة بقدر مافيها من الروعة
بقدر ماتجبر القارئ على الوقوف تصفيقا
لروعتها
تقبل مروري أ.دعبد المنعم محمد حسين

[عبد العزيز الجفان]

أهلا وسهلا دكتور عبد المعنم معنا
اهلا بيك بيننا أستاذنا الفاضل

[طالب تربية]

ادى الدكاترة ولا بلاش اسلوب علمى وتربوى
مش اى حد يكون دكتور جامعه لازم يكون ابن ناس وانسان ذو اخلاق عاليا
يعنى انا كان بيدرس ليا دكتور يدعى خلف عبد العليم لايصلح الا ان يكون بياع كشرى
او على الاقل مكوجى
مفيش شغلانه وراة غير الكلام على خلق الله والغيبه والنميمه عليهم من دكاترة لطلاب لعاملين مبيعتقش
وغير بخله وعيشته على قفي الناس وتعمده ان يسقط الطلبه علشان يستفيد من المذكرات
وغيرة اى حد في الوادى كلها تجيبلوا سيرته يعرفه على طول كفايه ريحته المعفنه المفروض الادب والاخلاق والاناقه اولا قبل التعليم لان الادب فضلوة عن العلم

[سمر]

طرح ، واقعي ... يكشف الوجه القاسي لمشكلة نحياها بكل تفاصيلها وبكل نتائجها .

مشكورة جهودك د. حسين ........لكن ربما كنت أتمنى أن أجد في المقالة ، طريقا للخروج من هذا الواقع ...لايكفي أن ننادي بالتغير وأهميته ....بل الأجمل والأجدى أن نرسم بدقة درب الوصول ****لكي نصل.

[احمد الحسن]

مشكور دكتور عبد المنعم واهل وسهلا فيك بمنتدى التربية ومشكور على الموضوع الجميل نحن هيك عم نتعرف على اوضاع الوطن العربي