فن استخدام التفكير السلبي في خلق التفكير الوقائي

[حمزة العثمان]

التفكير السلبي : تصور ناقص للفرد عن نفسه ، يعيق الفرد عن استغلال كامل طاقاته الإبداعية الكامنة فيه .

التفكير الوقائي : هو جملة الأفكار و المعتقدات التي يقدمها المجتمع المحيط للفرد ، أو يتمثلها الفرد بذاته للتخلص من الأفكار السلبية و الأوهام التي يعاني منها ، يعتمد بالدرجة الأولى بعث الثقة بالذات ، والقدرة على تطويع التفكير لأهداف بعيدة المدى.

تعبير التفكير الوقائي أفضل من التفكير السلبي :

لا يوجد شيء يماثل التفكير السلبي ، إن الناس يطورون بإبداع نماذج التفكير الوقائي كي ينقصوا احتمالاً أكبر للألم و الجرح ، و الذل و الرفض ، و لنأخذ بعض الأمثلة الواقعية عما يعتبر أنه تفكير سلبي ، و كيفية استخدامه لخلق تفكير وقائي :


أعلم أني سأرسب في ذلك الامتحان .

أكره أن أذهب إلى العمل اليوم .

أبدو مخيفاً .

المثال الأول (( أعلم أنني سأرسب في ذلك الامتحان )) إن الطالب الذي يخشى الرسوب سوف يفكر في الامتحان بطريقة وقائية ، لأن الرسوب يمثل بالنسبة له تهديداً كبيراً لاحترامه لذاته . يمكن أن يعني الرسوب رفضه لذاته ، و رفض أهله له ، و توقع الرسوب إنما يسعى لتخفيف حاجته العظمى للنجاح ، و إلى تهيئة نفسه لاحتمال وقوع الرسوب . و عندما يعبر الطالب عن فكرة و يقول : " أعلم أنني سأخفق " فإنه يسعى إلى أن تغير توقعات أولئك الذين يضغطون عليه من أجل أداء باهر .
هناك نموذج لتفكير سلبي شائع هو : (( أكره أن أذهب إلى العمل اليوم )) إن الأفراد الذين يشعرون بالثقة و المقدرة لا يفكرون في أعمالهم أو وظائفهم على هذا النحو . و عندما تنشأ صعوبات يجدونها تحديات ، يستطيعون أن يخرجوا منها أكثر علماً و بما أكثر حكمة . أما الشخص الذي لا يثق بنفسه و يخاف حكم الآخرين عليه ، و ترتعد فرائصه من الإخفاق فإنه ينظر إلى العمل بطريقة وقائية . إن مضمون التفكير في القول (( أكره أن أذهب إلى العمل اليوم )) هو إسقاط الشخص شكوكه في نفسه على عمله . الناس الذين يقولون غالباً عن العمل يتعبني ، لا يجيزون لأنفسهم أن يروا أن هشاشتهم هي التي تجعل العمل متعباً مهدداً على هذا النحو . عندما تسقط الصعوبات العاطفية على هذا العمل ، تحمي نفسك من مواجهة عدم تقديرك لذاتك ، (( الذي هو أكثر تهديداً إن نظرت إليه )) ، و حينما تجهر بصعوباتك التي تجدها في العمل أما الآخرين ، تحول انتباههم منك إلى عملك و هنا تظهر حكمة تحث الشعور في النفس على مزيد من الثقة ، و هي سوف تمانع صرف الذهن عن الاستراتيجيات الوقائية المعرفية إلى أن تضمحل الصراعات العاطفية العميقة .

أستطيع أن أتعاطف بعمق مع المثال التالي للتفكير السلبي " أبدو مخيفاً "

لقد كافحت على مدى سنين رفضي القاسي لهيئتي الجسمية ، إذ أجد نفسي قبيحاً و غير جذاب ، و قد ساعدني نموذج التفكير هذا على حماية نفسي مما كنت أخشاه كل الخشية (( ألا و هو رفض الذات )) .
لو أنني تبعت النصيحة التالية بممارسة التفكير الإيجابي فقلت : " أنا بهي الطلعة " " أقبل نفسي كما أنا " " إنني فريد " " أنا مستقل عما يراه الناس " لما كنت شعرت أن علي أن أحول قناعتي العاطفية حول بشاعتي على نحو مهم ذي شأن و مغزى .

هل تنحل إذا ذاك مشكلة تقديري لذاتي ؟ إن هذا يحدث عدة مرات و لكن لن يترك إلا أثراً قليلاً ، لأن الشفاء العاطفي للبالغ لا يأتي من خلال تعبير الآخرين عن حبهم له ( و لو أن هذا يقدم بعض المساعدة ) . إن الوقاية التي تقدمها جملة " أبدو مخيفاً " هي أنها توفر مسوغاً لتجنب الاتصال بالآخرين ، و هذا التجنب بدوره يقي ثانية من نقد و رفض مخيفين قد يأتيان من الآخرين .