إذا لم تسمح لنا الأيام بالتلاقي ...

[Green Eyes]

إذا لم تسمح لنا الأيام بالتلاقي ..........


إذا لم تسمح لنا الأيام بالتلاقي ... فعهد الحب والإخلاص باقي
تلك هي كانت آخر كلماته .. ثم اختفى ...

كنت أقلب صفحات دفتري الصغير .. ومعها أقلب صفحات طويلة من ذكرات
لم يبقى منها سوى نقاط من الحبر الأزرق المتناثر فوق صفحات دفتري القديم ..
والذي بدأت صفحاته تتآكل شيئا فشيئا ... ولكنها تحمل .. أجمل الذكريات وأتعسها
ذكريات حملت معها البؤس والفرح ... المحبة .. والصداقة .. والتفاني ..
ذكريات حملت معها الكثير من الدروس والعبر .. لتبقى شاهدة على وجودي
هناك بين أصدقاء ..
أثناء مروري عليها .. توقفت لبرهة عند تلك الجملة المكتوبة بخط جميل
وتوقيع .. أجمل تحتها .. تقول ...
إذا لم تسمح لنا الأيام بالتلاقي ... فعهد الحب و الإخلاص باقي..
كتبها صديق لي .. ووقع تحتها .. وكأنه يعلم بأنه .. يوما ما .. سأفتح تلك الصفحة
لأرى كلماته .. وأذكره .. وأذكر تلك الأيام التي جمعتنا .. بحال مزرية ..
ولكنها كادت تكون كمدرسة .. علّمتنا الكثير من الأشياء التي لم نكن لنتعلّمها خارجها..
لا أدري ماذا كان يجول بخاطره عندما كتب تلك الكلمات .. على دفتري ..
رغم أنه يعلم بأن هذا الدفتر لم .. تخط على صفحاته سوى .. كلماتي ..
ربما لأنه .. أحس بأن ساعة الفراق كانت قريبه .. فأحب أن يترك بصمته
ويرمي بكلماته .. بين أوراقي .. علّى أذكره يوما ما ... رغم أني ما اعتدت أن أنسى الأصدقاء
وخصوصا أصدقاء الشدّة .. أصدقاء .. تجدهم أناس عاديّين في حياتك
ولكن ما تلبس أن تجد معنى الصداقة يتقطّر من وجوههم أثناء محنتك ..
رغم أنها كانت أيام عصيبة جمعتنا معا .. ولكنها أيام .. تشهد على أن الصديق
هو صديق المحنة ... هو ذلك الإنسان الذي تجده حين تشعر بالوحدة والبرودة ..
وكأنك تواجه الموت .. لترى تلك النظرة في عيونهم .. وكأن الكون يشع بأمل جديد
أتى من حيث لا يعلم إلا الله .. يشعروك .. بدفء الشتاء .. وبرودة الصيف..
......ولكن الشيء الذي أحزنني بعد قراءة كلماته .. لأن تذكّرت أنها كانت آخر كلماته
بل آخر شيء .. كان يجمعنا ... تلك كانت النهاية .. بهدوء كتبها ورحل .. ولم أسمع
منه بعد ذلك اليوم .. رغم أنه كان بيننا الكثير من القصص .. تذخر بمواقف .. رائعة
ترفع له القبّعة ... إحتراما لذلك الصديق ..
تلك الكلمات .. كانت نهاية المشوار الذي بدأناه معا .. تحت ظروف قاهرة ..
كانت قد جمعتنا .. معا .. في مكان وزمان ... لم نعلم أننا ربما نلتقي .. فيه يوما ما..
والغريب أنه .. رحل بدون كلمة وداع ..
أو حتى ابتسامة ..أو حتى كلمة ..((ربما نلتقي يوما ما في ظروف أفضل )) ...
ربما لأنه يعلم بأن اللقاء القادم سيكون شبه مستحيل ... لبعد المسافة .. ولظروف الحياة
وربما لأنه ... أراد أن يرمي بتلك الأيام العصيبة خلف ظهره ... معلنا بأنه انسان
يولد من جديد .. لا يريد ذكرياته .. الكئيبة .. و ربما أراد أن يبدأ حياته الجديدة ..
بعيدا عن جراح الماضي .. ومصائبه التي حلّت في فترة اجتماعنا معا ...
ربما .. وربما .. الكثير من الأسئلة .. كم وددت أن ألقاه يوما ما ...
لأطرح عليه تساؤلاتي ... ولكن ...
لقد رحل بهدوء ... تاركا ورائه .. من أجمل الذكريات التي مرت في حياتي ..
لقد رحل ولم يبقى منه سوى ... تلك الصفحة الفارغة من كل شيء عدا كلماته
وتوقيعه ... ما زلت أحتفظ بهما .. في دفتري ..

ربما رحيله بدون عودة ....