مجلة من الثمانينات: التعليم في فلسطين متفوق وراقي

[المتفائل2012]

المحابر الفلسطسنية قدمت للامة العريبة الكثير، حيث ساعدت ظروف التعليم المتقدمة في السبعينات والثمانينات نسبيا في فلسطين بتخريج افواج من المتعلمين الذين قدموا للعمل في دول الخليج والدول العربية فأثروا الحياة الثقافية والنهضة العلمية.

هذه مجلة من فترة الثمانينيات كانت منتشرة بين الجامعيين الفلسطينيين حيث تناقش همومهم وتعرض مقالاتهم ومشاكل التعليم في ذلك الوقت حيث كانت ظروف الاحتلال تضيق عل التعليم مما عزز روح التحدي.

صورة المجلة


علما انها نشرت على هذا الموقع الاكاديمي :

http://www.najah.edu/index.php?page=...%26pub_id%3D79

دون توجيه او اعلانات تجارية

وسازودكم بروابط التحميل المباشرة مع المقالات

[المتفائل2012]

اعتراض فلسطيني على شارات المرور

بقلم: عدنان ضميري
سنة رابعة علوم سياسية وصحافة
أحمر ضوء الإشارة
لا تقف
قدر فلسطيني أن تخالف أعراف الطريق
فلا تقف
أسرع ولا تأخذ يمينك في الطريق
قدر فلسطيني
أن تخالف سير المراكب في الطريق
فلا تقف
صفارة الشرطي
آلة التصوير
زامور الخطر
الكل يرقب أن تقف
الكل يرقب مسلكك
سر فلا تقف
فمسيرك المجهول أن تبقى تسير
وعيونك الحبلى بأحلام الطفولة
غابة الأيام والقصف المعلب بالسلام
سر لا تقف
أمام شارتهم قذيفة مدفع قد تقتلك
وعلى يمين طريقهم لغم يحضّر في الظلام لمصرعك
رسموا الخطوط على الشوارع
كي تحدّد مسلكك
اعرف بأنك لا تخاف من الطريق
تعرف طريقك جيدا
سر لا تقف
سر في النهار فمركبك
زوادة الأطفال حلواهم
وبسمتهم تعانق بسمتك
سر في النهار ليعرفوا
إن المسيرة في النهار وفي الظلام
تبقى تدور ولا تقف
سر لا تخف
يا رمل شاطئنا الحزين
ودورة الزمن القتيل
إن التقاطع في الطريق
مصيدة لحلمك
إن انتفاخ الحرف عند المنحنى
وضعوه لك
كي يوقفوك ويقتلوك
كل الحواجز في الطريق تحاصرك
كل الجسور الضيقة
والأرصفة رسمتها أمريكا على الطرقات
يا وطني كي توقفك
قد يسألونك عن إذن القيادة
في الطريق فلا تقف
قد يسألونك عن حق امتلاكك مركبك
يا من تبّقى من تراث سيوفنا
يا من تبّقى من وجه قحطان العرب
سر لا تقف
كل الإشارات التي تلقى أمامك
لم تضعها في يدك
هل تقبل الشارات في يدهم
وهم يثنون أيدينا..
وأولها يدك
يا حلمنا الأبدي
يا حبلنا السريّ
يا من أيّدك
قمح اليتامى، والدوالي في جبال خليلنا
وفي غزة
السمك
سر لا تقف
سترى المخيم والمدينة والقرى
وحجارة الأطفال سائرة معك.

[المتفائل2012]

الطفلة اليتيمة

بقلم: غسان بليه
سنة ثانية انجليزي
... وقفت إلى جانب تلك الطفلة اليتيمة أتوسل إليها، كي تنجو من الدمار بنفسها، وفي لحظة مصيرية من مستقبل
الهدنة والمأساة، وتحيا ابتسامة صفراء بين شفتي الثكالى، ثم يسترخي اللحن والحنين معًا كوطن مغتصب تفجر
نقمة وذ ً لا وحرية.. وأحاديث الدمار تحكي كل لحظة، وبين كل فترة وفترة من هذا الزمن العربي.....
وتصيح الطفلة:
ماذا بعد المجزرة..؟؟ وسد قنوات التآلف في كل شبر وفوق كل شبر ليس لنا، في كون ليس لنا، بل هو كذلك، هو
فريسة تتقاذفها أمواج الذل والحقد والخيانة.. وفي كل لحظة يولد طفل عربي يشتاق لرؤية قريته الأسيرة، يشتاق
لرؤيتها منذ نعومة أظافره.. وحتى بعد سن الشيخوخة، ويستقبل مصيره المجهول بدمعة وابتسامة صفراء، وتنبع
من بين أصابعه نقطة سوداء عارمة لتغطي وجهه بقطعة قماش أبيض وأسود، هي جزء من كفنه ولباس
حداده.....
وتصيح الطفلة:
ماذا بعد الحصار..؟؟ وهل يوجد أشد وأقوى من حصار الإرادة وقرار الجماهير الناقمة.. وتكاد الأفئدة تتفجر...
ويسمع صوت ذوي الخيانة، في عمق الوطن وتحيا الابتسامة... ويمتزج طحينه بدخان قاتم يشتاق لرؤية سماء
عربية، هنا، أو هناك، أو في كل مكان من هذا العالم الفاني.. لكن "يبقى سواد ليلهم أبيض" و "بياض نهارنا اسود"
سواد الكحل في أجفان نبات العز والأكابر في جهنم.
وما أدراك ما الحصار.. حصار الروح والجسد في آن واحد، وكأن الله سبحانه وتعالى قد كتب على إدارة كل
الأطفال اليتامى كل أنواع الحصار والخيانة وتصرخ الطفلة: ماذا بعد الدمار...؟؟ دمار هنا... دمار هناك... دمار
في كل ممتلكات الروح والجسد الذي نمتلكه لوحدنا، ونحتفظ به كي لا تنهار أجراس الكنائس وكي لا نموت في
آن واحد، وكل لا يبقى شعارنا اقتل نفسك بنفسك، واقتل غيرك بنفسك، ومت ليموت غيرك ونحيا نحن..
سألت تلك الطفلة اليتيمة بطريقة_ تسولية_ وهذه هي طريقتي في اكتشاف أسرار اليتامى انتظرت لحظة، لحظتين،
لم تجب، ثم بكت بكت كثيرًا... ظننت بان شيئًا غريبًا يحدث الآن في سماء مدينة عربية.. ثم ركضت مسرعة
نحو الدخان الأسود كي تأخذ نصيبها من ذلك الطحين الممتزج بدخان قاتم في زمن البكاء، قالت لي وهي تركض
نحو الخوف والدمار، ابكِ ابكِ ابكِ، أو اختر لنفسك مصيرًا آخر..
ابتسمت ابتسامتي المعروفة بخلوها من المضمون البسيط للفرحة، وتابعت حديثي مع الجدران، عّلني ألقى جوابًا..
لكن متى..؟؟ كانت هناك إشارات حزن وعلامات سر يختفي، ويستشعر أم ً لا وإحساسًا بالمصير.. والهوية.. ثم
خرجت كي أبدد أفكارًا قائمة، ألمت بكل ملامح الطفولة الفكرية في صباي، وتابعت السير بين جدران عارية ليس
عليها سوى هذا المصير.. وتذكرت حادثة حصلت قبل ثوان فبكيت.. بكيت بكاءً مرًا وتبعت تلك الطفلة، وجدتها
تضحك، تضحك بأعلى صوتها فيسمع لصوتها صدى يرتد بين حارات المستعمرة... والمخيم.

[المتفائل2012]

ما المقصود بتحرر المرأة

بقلم: سلام الخليلي
سنة ثالثة علم اجتماع
لا أعرف سر هذه الحملة الشعواء على تحرر المرأة، وكأن المرأة كائن من غير البشر، ويجب معاملتها معاملة
مختلفة جدًا عن معاملة باقي البشر؟ وهذا ما نراه واضحًا في حملات التحرر التي تطالب به المرأة في الدول
المتقدمة مع أنها حصلت تمامًا على ما حصل عليه الرجل من استقلالية في العيش والعمل والعلم. ولكن برغم
ذلك، لا زالت المرأة تشعر بمدى حاجتها للرجل ليس كانسان مسيطر وإنما إنسان مكمل لها، يرعاها ويحميها،
فالمرأة مهما وصلت إلى درجات الاستقلالية فهي مخلوق رقيق، بحاجة دائمًا على رعاية، وهذه هي الطبيعة
البشرية لا نستطيع تغييرها. ومن هنا لا بد من توضح قواعد الإسلام التي أعطت للمرأة حقوقا كبيرة لحمايتها
ورعايتها ولم يحرمها من أي حق يحصل عليه الرجل مضيفًا إليها حقوقها المعنوية وهي:-
١- العلم في الإسلام: فرض العلم على كل مسلم ومسلمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "طلب العلم
فريضة على كل مسلم ومسلمة".
٢- الزواج، فالمرأة لها الحق بالموافقة على الرجل المناسب ولها الحق بطلب الانفصال عندما يؤثر الارتباط
على حياتها بطريقة سلبية.
٣- التجارة وجمع المال، فالمرأة لها حق الاحتفاظ بحقوقها المادية دون أن تتنازل لأي إنسان عن أي حق
مادي لها.
وصدق الله العظيم في حكم تنزيله "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن
أكرمكم عند الله اتقاكم".
ونحن نعلم بان تحرر المرأة ظهر بظهور الإسلام وحررها من العبودية والجهل.. واليوم في القرن العشرين ولا
زالت المرأة تطالب بتحررها مع أنها كما يظهر للناس أنها حصلت على كل شيء، فهي لا زالت تطالب بتحررها
فالمطالبات تزداد يومًا بعد يوم، والشعارات ترتفع شيئًا فشيئًا، والشكوى تتكاثر أكثر فأكثر، وهنا يأتي السؤال_
إذن ماذا بعد؟؟
من هنا نقول...: بان الحجاب لا يمنع المرأة من الوصول إلى أعلى الدرجات العلمية، ولا يمنعها من اختيار
الرجل المناسب، ولا يمنعها من إنجاب أفضل الأجيال لان المرأة بأخلاقها أو ً لا وعلمها ثانيًا. والى من يطالب
بتحرر المرأة أقول: إن الدين والأخلاق لم يكونا يومًا سببًا في تأخر وسجن المرأة، فالإسلام أول من دعا إلى
تحرر المرأة وأوصلها إلى ذروة المثالية، الأخلاق، الثقافة والعلم.

[المتفائل2012]

كلمة العدد.

١٩٨٤ بدأ الفصل الدراسي الثاني في مطلع شهر حزيران، واستمرت الدراسة إلى / في العام الدراسي الماضي ٨٣
نهاية شهر تموز حيث قامت السلطات العسكرية الإسرائيلية بإغلاق الجامعة لمدة أربعة أشهر انتهت في مطلع
شهر كانون أول، حيث ابتدأت الدراسة في الجامعة حسب خطة تضمنت أربعة فصول في فصل واحد:-
١- الطلبة الذين كان من المقرر أن يتخرجوا، وابتدأت الدراسة بالنسبة لهؤلاء خلال فترة الإغلاق وانتهت
في الفترة الأولى التي تلت فتح الجامعة.
٢- طلبة الجامعة من مستويات السنة الثانية والثالثة والرابعة، حيث تم إكمال الفصل الدراسي الثاني من العام
. ٨٤ والذي قطع نتيجة لإغلاق الجامعة وتم ذلك في منتصف شهر كانون ثاني ١٩٨٥ /١٩٨٣
٣- طلبة الجامعة الجدد والبالغ عددهم ٩٠٠ طالب وطالبة حيث ابتدأ فصلهم الدراسي الأول في مطلع شهر
. كانون أول ١٩٨٤ وانتهى في منتصف شهر نيسان ١٩٨٥
٤- طلبة الجامعة من مستويات السنة الثانية والثالثة والرابعة، حيث بدأ فصلهم الدراسي الأول المكثف في
منتصف شهر كانون ثاني ١٩٨٥ ، وبعد أن أنهوا فصلهم الدراسي الذي تعطل نتيجة الإغلاق.
هكذا عملت جامعة النجاح الوطنية طيلة الخمسة أشهر الماضية أربعة فصول في فصل واحد، وأثبتنا للجميع أن
إرادتنا أقوى من إرادة الإغلاق القهري، وكان النجاح بمثابة ثمرة العمل الجماعي. ومع هذا النجاح كانت السلطات
تتربص للجامعة، فقامت خلال هذه الفترة بإغلاق الجامعة لمدة اثني عشر يومًا دراسيًا عن طريق إقامة الحواجز،
واعتقلت عددًا من الطلبة والموظفين في الجامعة، ومنعت عددًا من أساتذة الجامعة السفر إلى الخارج للمشاركة في
مؤتمرات علمية، وأقدمت مؤخرًا على إتباع أسلوب جديد مع طلبتنا تمثل بإصدار أوامر عسكرية تمنعهم دخول
الجامعة لمدة ستة أشهر كما حدث مع الطلبة تيسير نصر الله، وعبد الله داوود وحسام عثمان، وأمين مقبول ولا
نستطيع تفسير ذلك إلا من خلال النظر للأمر العسكري " ٨٥٤ " وان دل ذلك على شيء فإنما يدل على مرحلة
ساخنة لا يمكن مواجهتها إلا بالوعي والعمل الجماعي.
وستبقى إرادتنا قوية، فنحن بالنهاية أصحاب الحق.
د. صائب عريقات
مدير العلاقات العامة

[المتفائل2012]

صلاةٌ في مَعْبَد الصَّمْت !!

شعر: عبد الناصر صالح
مركز الدراسات الريفية
"أنا لن أعود"
ويذوبُ في الأجواء صوُتكِ كالجليدْ
يمضي مع الزم ِ ن المساف ِ ر، لا يعودْ
ويفيض بالّترحال دمعُك يا حبيبةْ
عبر البحار يفيضُ
يحُلمُ من جديدْ
وَيَحِنُّ للشطآن تقذُفها المتاها ُ ت الغريبةْ
بالموتِ والتقتي ِ ل تقذُفها المتاها ُ ت الغريبةْ
والكون عاصفةٌ من الأرقِ الشديدْ
وأنا انتفاضة قلبيَ الموجوعُ،
تخمد كالرعودْ
تَنْسَلُّ في برد الشتاءْ
تُداسُ في برد الشتاءْ
لكّنها تحيا على أَمل اللقاءْ
ترنو إلى أَمَدٍ بعيدْ
* * *

[المتفائل2012]

التنظيم الإداري

بقلم: أ. سليمان أبو جاموس
إدارة الأعمال
عندما وضع عالم الاجتماع الألماني "ماكس ويبر" نظامه البيروقراطي اعتقد رجال الإدارة بأنه أضاف إلى
علم الإدارة شيئًا. فما المقصود بالبيروقراطية؟ وإذا كانت البيروقراطية جيدة وتعني إضافة شيء إلى علم
الإدارة فلماذا لا يحبها العرب خاصة والدول المتخلفة بشكل عام؟ البيروقراطية تعني سلطة المكتب وفلسفتها
تقوم على أساس:-
١- تقسيم العمل إلى أجزاء.
٢- وإناطة كل جزء بوحدة إدارية وتقسيم الأجزاء إلى جزيئات وإناطتها بالموظفين.
٣- طالما أن انجاز الأعمال ضرورة للوصول إلى الهدف. فان ذلك يعني مسؤولية، وحتى يقوم الشخص
بتحمل المسؤولية كاملة فلا بد من إعطائه سلطة تعادل هذه المسؤولية.
٤- تبيان العلاقة بين الوحدات الإدارية أو الأفراد أو ما يسمى بطرق الاتصال. فكل مرؤوس له رئيس وكل
رئيس مرؤوس حتى نصل إلى رئيس المؤسسة.
واعتقد رجال الإدارة أن ذلك يمثل نظامًا يعمل على الحفاظ على الأعمال وتنفيذها وتحديد المسؤول عنها.
واعتبر ذلك تقدمًا في عالم الإدارة. أما لماذا نفهمها بالطريقة السيئة؟
السبب في أن الدول المتخلفة ومنها العربية أساءت لمفهوم البيروقراطية واعتبرت العمل البيروقراطي "المكتبي"
كذريعة لتأخير وانجاز الأعمال وبرروا ذلك بأن التدقيق والفحص والرقابة يتطلب ذلك. والذي يسيء إلى الإدارة
كعلم وتطبيق أن التأخير لم يكن بسبب التدقيق والفحص والرقابة بل أسوأ من هذا_في بعض الأحيان_ أنه لم يجر
عليها الفحص أو التدقيق.
ما المقصود بالتنظيم:-
يعرف التنظيم بأنه الاستخدام الأمثل للعناصر الإنسانية وغير الإنسانية من اجل الوصول إلى الهدف بأقل تكلفة
وجهد وأقصى ربح ممكن. أما أبسط تعريف للتنظيم فهو الترتيب. وعكس التنظيم هو الفوضى ولان افترضنا
المجال بأنه يمكن الوصول إلى الأهداف عن طريق الفوضى_إذا كان هناك من يؤمن بالمجال_ مع أنني شخصيًا
لا أؤمن بان الفوضى تقود إلى تحقيق الهدف ولو افترضنا جد ً لا ذلك فان ذلك لا يتم إلا من خلال نفقات كبيرة
وجهود كثيرة تبذل بدون طائل حتى نصل إلى ذلك الهدف. ومن هنا جاءت أهمية التنظيم.
وليس هناك قول أشد أثرًا لتبيان أهمية النظام من هذا القول إذ قيل: "من الممكن أن يكون نظام بدون حرية ولكن
لا يمكن أن توجد الحرية بدون نظام". والمقصود بالنظام: أنه "مجموعة أجزاء مرتبطة ببعضها تمام الارتباط
بحيث أن أي تغيير في أي جزء لا بد وان يؤثر في بقية الأجزاء".
لماذا ننظم:-
يقال بأنه من الضروري أن نقوم بعملية التنظيم كلما تطلب العمل أكثر من شخص ونقول بان التنظيم مهم حتى
للشخص الواحد فهناك فرق بين عمل وإنتاجية رجل منظم وآخر فوضوي. ناهيك عن أن الشخص مهما كانت
طاقته كبيرة فانه لا يستطيع القيام بجميع الأعمال وحتى هذا إذا كان ذلك في تخصصه فكيف بالتخصصات
الأخرى التي يجهلها تمامًا أو يجهل عنها الكثير لذلك خلقت المنظمات والتنظيمات.
ما هي مكونات المنظمة:-
حتى يتم خلق المنظمات لا بد من توفر العناصر التالية:-
١- الهدف.
٢- الإنسان.
٣- وجود علاقة بين الناس أو الوحدات الإدارية.
لا نتصور تنظيمًا قائمًا يمكن تبرير وجوده بدون هذه العناصر وكلما كان التفاعل قويًا ومنظمًا وقائمًا على التعاون
كان التنظيم قويًا ونشيطًا.
الهدف: لا استطيع تصور عمل فردي بدون هدف، فبلا هدف يعني الضياع فكيف إذا كنا نتحدث عن الجهد
الجماعي وتنظيمه. تنظيمه في سبيل من؟ ومن أجل ماذا؟ ويقال بأنه إذا طلب على سبيل المثال من المساجين نقل
بعض الأحجار إلى زاوية من زوايا ساحات السجن صباحًا وإعادتها إلى موقعها مساءً فان ذلك قد يسبب لهم شيئًا
من الجنون في حين انه إذا طلب منهم بعد نقلها أول مرة من عمل شيء فان ذلك يخفف عنهم أشياء كثيرة وإذا
شاركوا في وضع هدف كبناء شيء من هذه الأحجار فان ذلك يجعلهم أكثر سعادة لذلك جاءت أهمية المشاركة في
اتخاذ القرارات في الإدارة.
إن الأهداف عند وضعها يجب أن تكون متلائمة مع القدرة لان وضع هدف أكثر من الطاقة المتاحة قد يعني
انتحار ووضع هدف اقل من القدرات والطاقات المتاحة يعني خيانة. والمؤسسة الجيدة هي التي تكون أهدافها
عالية وتسعى بكل ما أوتيت من قوة في سبيل تحقيقها.
الإنسان: مما لا شك فيه أن الإنسان أهم عنصر من عناصر الإدارة بشكل عام (التنظيم عنصر من عناصر
الإدارة) وأكثرها تعقيدًا، لان التعامل معه وفهمه ليس بالأمر السهل ناهيك عن التغييرات التي تتم من وقت لآخر
في عقليته ومفاهيمه وشخصيته. وكلما كان الإنسان واعيًا متفهمًا لما حوله كان قادرًا على التفاعل مع من حوله
تأثرًا وتأثيرًا.
العلاقة القائمة بين العناصر:
ليس هناك نظام إنساني بدون ثغرات أضف أن النظام نفسه بحاجة بين فترة وأخرى إلى إضافات وتعديلات بما
يتلاءم مع الواقع والظروف. والنظام الذي لا يتطور ليتلاءم مع الواقع أو لا يعمل على خلق واقع جديد إذا كانت
القدرة متاحة لذلك. هو نظام تعيس لا يخدم المؤسسة. فهناك تفاعلات وعلاقات بين جميع العناصر الداخلة في
العملية الإدارية لذلك لا بد من تنظيمها وتنظيمها يعني:-
١- تحديد الأعمال والنشاطات أو ما يسمى بالتخصص وتقسيم العمل.
٢- إعطاء كل جزء لوحدة إدارية.
٣- تحليل الجزء إلى جزيئات وإعطائها القائمين عليها من الموظفين.
٤- إعطاء الصلاحيات والسلطات لكل قائم على عمل ويجب أن تتلاءم هذه الصلاحيات مع المسؤوليات.
فأي زيادة في الصلاحيات عن المسؤوليات قد لا يؤدي ذلك إلى انجازها.
٥- تعريف كل مرؤوس بعمله وبرئيسه وتعريف الرئيس برئيسه لذلك تتضح خطوط الاتصال أيضًا داخل
المؤسسة.
الذي أريد الوصول إليه من خلال العلاقات القائمة بين الأفراد أنها يجب أن تكون قائمة على التعاون والاحترام
المتبادل. وإذا لم يكن التعاون والاحترام المتبادل موجودين فان ذلك سوف يؤدي إلى نتائج سلبية وانعكاسات
خطيرة على المؤسسة وقد نقضي على النظام ككل. ظاهرة صحية وجود خلاف في وجهات النظر لكن الأكثر
صحية هو أن نختلف لصالح المؤسسة فقط ولسنا مطالبين بانتماءات داخل المؤسسة إلا للمؤسسة نفسها. ويجب ألا
يعكس خلافنا الفكري على عمل المؤسسة وإنتاجيتها فكيف والحال على بقائها. إن النظام كفيل بالحفاظ على حقوق
المؤسسة والقائمين على الأعمال فيها إذا كنا نرغب في ذلك.
إن النظام ضروري طالما كنا نسعى للوصول إلى حياة أفضل نكافح من اجل البقاء إن كل ما حولنا يسير بنظام،
بل إن كل شيء متحرك لا بد له من نظام للحفاظ على حركته واستمرار بقائه. ولا أتصور أن هناك شيئًا أهم من
وجود نظام شريطة أن يحكم الجميع ويخضع له الجميع وان يحقق المثل في العدالة والأخلاق والمساواة لأنها تمثل
أعمدة الحياة في النظام.
كل شيء بدايته صعبة، وبداية تحقيق النظام المؤسساتي لا تقل صعوبة عن أي شيء آخر فالبداية تتطلب استخدام
القوة واثبات الوجود لفرض النظام على الجميع. لكنه مع الزمن يصبح التزامنا بالنظام عادة وعندها تخف الحدة
في استخدام نظام الثواب والعقاب الذي يحافظ على النظام بشكل عام.

[المتفائل2012]

الحرية الأكاديمية والإرهاب الفكري

بقلم د.عبد المنعم أبو قاهوق
رئيس قسم الدراسات الإسلامية
إن أهم ما يتميز به الإنسان عن الحيوان هو الحرية، فالإنسان ذو إرادة، ولا تتحقق إرادته إلا في جو من الحرية
الكاملة الواعية التي لا تخل بمبادئ المجتمع العامة كما لا تتعدى على حريات الآخرين، بعكس الحيوان الذي
تحكمه غرائزه ويفتقد إلى الإرادة.
ولما كانت الحرية فطرة الله التي فطر الناس عليها، وحقا طبيعيًا للإنسان، وضرورة للحياة البشرية، فان الإسلام
اعتبرها من أهم القيم التي يقوم عليها، لأنها دعامة لجميع أحكامه ومبادئه وتشريعاته، وإحدى مقومات الشخصية
الإنسانية، وأساس لبناء المجتمع السليم، لا فرق في ذلك بين الحرية الدينية أو السياسية أو الفكرية أو غير ذلك.
ولما كانت كلمة الحرية تفيد التحلل والانطلاق من كل قيد واستغلالها بحسب هذا المعنى يؤدي إلى الفوضى العامة
في كل جانب من جوانب الحياة الإنسانية، مما يفقد الحرية أهميتها ودورها في مسيرة هذه الحياة، فان الإسلام
وجميع الشرائع السماوية والمذاهب الوضعية وضعت ضوابط وثوابت يسميها علماء القانون الدستوري المبادئ
العامة أو مبادئ القانون الطبيعي أو المبادئ العليا، واصطلح على تسميتها أخيرًا بالقواعد فوق الدستورية، لا
يجوز لأحد من الناس مهما كان وضعه في البناء الاجتماعي أو الوظيفي أن يتجاوزها وإلا أصبح متعديًا ضارًا
بالناس، فكل المؤسسات التشريعية لأي مجتمع وهي تضع تشريعات بدءًا من الدستور ومرورًا بالقاعدة التشريعية
فاللائحة وانتهاءً بالقرار الفردي يجب أن يتقيد بهذه القواعد فوق الدستورية، وكل تشريع يصدر مخالفًا لها يعتبر
غير دستوري وباط ً لا، وكذلك كل تصرف من السلطتين التنفيذية والقضائية يكون على خلاف مع هذه القواعد
يعتبر باط ً لا، وكذلك بالنسبة لتصرفات الأفراد، لا فرق في ذلك بين أي نوع من أنواع الحريات...
وأما بالنسبة للحرية الأكاديمية:
فهي أهم أنواع حرية التفكير والتعبير عن التفكير أو ما يسمى بحرية الرأي ولها ارتباط وثيق بالثقافة التي هي أهم
عناصر الحضارة لأي امة من الأمم بالإضافة إلى العنصر المادي وهو ما يسمى بالمدنية. وثقافة أمة من الأمم
تعني مجموعة الجوانب الفكرية النظرية لهذه الأمة في مجال الدين والأخلاق والفلسفة والآداب والتاريخ والفن
والعادات والتقاليد، والثقافة تختلف امة لأخرى، وتمتاز كل امة عن غيرها بمدى أصالة ثقافتها، لأنها رمز وجودها
وأصالتها، وبقدر ما تكون ثقافة امة من الأمم ذات أصالة وايجابية، وثبات في الأصول والركائز والمقومات،
وتأثيرها وانتفاعها بقدر ما تكون تلك الأمة ذات حضارة وأصالة.
لذا يعمد أي مستعمر لأي قوم من الناس إلى محاولة طمس هوية ذلك القوم عن طريق غزوه فكريًا إما بالتشكيك
في فكره أو بالتبشير بفكر المستعمر، أول ما يعمد في ذلك إلى لغة القوم فيلغيها من مناهج التعليم شيئًا فشيئًا،
ويلزم الناس باستعمال لغته في المعاملات والدوائر الحكومية، ومن ثم تصبح لغة القوم لغة أجنبية، ولغة المستعمر
لغة أصلية، بالإضافة إلى ما يطرحه من مناهج التعليم بمختلف مراحله بما يقلع الإنسان من جذوره وأصوله، ومن
ثم يصبح نسيًا منسيًا، ليصبح إنسان لا كيان له، وبالتالي لا هدف له، ومن أجل ماذا يعيش؟ ومن أجل من؟ همه
في هذه الحياة لقيمات يقمن من صلبه وكساء ومسكن يقيانه برد الشتاء وحر الصيف، وجنس يقضي به شهوته.
مثله كمثل الأنعام بل أضلُّ سبي ً لا، وبالتالي يصبح عبدًا ذلي ً لا لعدوه_ هذا إن رضي له العبودية_.
من اجل ذلك تحرص الأمم والشعوب على ثقافتها، وتحرص على حرية الرأي والتفكير وتقيدها بقيود، وتضبطها
بضوابط وتضع لها ثوابت. هذه القيود والثوابت بالإضافة إلى القواعد فوق الدستورية أو المبادئ العليا هي الثقافة
بمعناها الذي سبق ذكره.
وهذا لا يعني الحجر على التفكير والرأي، وإنما يعني أن يكون ذلك في إطار هذه الضوابط والثوابت والقيود.
فهناك أمور في ثقافة أية امة من الأمم ثابتة لا تقبل الاجتهاد ولا تقبل الخروج عليها، وهي ما يتعلق بالعقائد، وما
أصبح معلومًا بالضرورة، وما اجمع عليه، وما دلت النصوص دلالة قطعية على أحكامه... الخ وهناك أمور
موضع اجتهاد وبحث لكن ضمن القواعد والمبادئ العليا وضمن إطار الأمور الثابتة والضوابط، ويجوز الاجتهاد
فيها من ذوي الشأن والاختصاص.
فمث ً لا: لا يمكن أن تصبح الرذيلة فضيلة والفضيلة رذيلة وإلا اضطربت أحكامنا على الأشياء، فالزنا رذيلة من
الرذائل أجمعت البشرية بشرائعها السماوية وقوانينها الوضعية على ذلك، واستقبحته وشنعت من مقترفيه،
ووضعت له عقوبات، واجمع الناس على مضار الزنا الصحية والنفسية والاجتماعية والقومية...الخ. ويخرج
فرويد علينا بمقولة تناقض كل ذلك ويقول: إن الزنا ضرورة بيولوجية ويجب إباحته، فهذا أمر لا شك انه خروج
عن كل القوانين الطبيعية والقواعد فوق الدستورية والمبادئ العامة وما اجمع عليه الناس، وهو بالتالي أمر يخالف
حرية التفكير والتعبير عن الرأي، على الأقل في مجتمع مثل مجتمعنا أو مثل مجتمع الهنود، أو مجتمع اليهود، أو
مجتمع النصارى... الخ.
فإذا ما جاء أستاذ سواء أكان في جامعة أو معهد أو مدرسة في أي مجتمع مثل المجتمعات السابقة، وطرح هذه
الفكرة مجردة، دون أن يوضح أنها رأي فرويد، ويبين رأي البشرية كلها، ويبين فساد هذه الفكرة ومضارها
الخلقية والنفسية والاجتماعية والصحية وآراء العلماء فيها ونقضهم لها، وبعبارة أخرى لم يراع الدقة العلمية
والأسلوب العلمي في طرحه للقضية، فليس هذا مما يطلق عليه بالحرية الأكاديمية، وإنما هو تضليل وتزييف
وتدمير وقلع للأمة من جذورها وأصولها، انه إرهاب فكري بمعناه الواسع، لأنه أسلوب من أساليب الحرب التي
تمارس ضد الأمة.
وان الوقوف أمام هذا الأسلوب من التعليم بالرفض، إنما هو رفض للإرهاب الفكري، رفض للحرب الفكرية،
رفض للتضليل والتزييف والتدمير والقلع من الجذور والأصول. إن فرض الأفكار الحزبية على المتعلمين على
أنها حقائق مسلم بها، دون مراعاة الأسلوب العلمي والدقة العلمية، وتحت تهديد العلامة ليس من الحرية الأكاديمية
في شيء وإنما هو إرهاب فكري بعينه، والخروج على القواعد والمبادئ العليا التي تحكم تصرفات امة من الأمم
في التفكير هو إرهاب فكري وليس حرية أكاديمية أو حرية فكرية، لا أقول هذا من وجهة نظر الإسلام فحسب بل
هي حقيقة مسلم بها بين الجميع، فكم مرة قرأنا وسمعنا أن دو ً لا شيوعية ومنها الاتحاد السوفييتي أعدمت مفكرين
لمخالفتهم في كتاباتهم المبادئ الشيوعية وكذلك فر الكثير منهم إلى دول غربية ومنها الولايات المتحدة الأمريكية
ومنهم من التقت بهم في غياهب السجون. فهل هذه حرية فكرية؟ أم إرهاب فكري؟
إن التهجم على معتقدات الأمة وشرائعها وأخلاقها والتعدي على قيم الأمة وحضارتها لهو الإرهاب الفكري بعينه،
وتفسير تاريخ الأمة من وجهة نظر أعدائها ليس بالحرية الأكاديمية ولا بحرية الرأي والتفكير وإنما هو حرب
فكرية وإرهاب فكري. إن قلب المفاهيم والحقائق باسم العلم جهل وإرهاب فكري وليس حرية فكرية. ورفض
الحق البين والتمسك بالباطل من اجل شهوة المال والجنس والمنصب ليس بفكر ولا بحرية فكرية وإنما هو
وصولية وإفساد وإرهاب. وهل علمنة مجتمعنا وقلعه من جذوره إرهاب فكري؟ أم حرية أكاديمية؟ أفيدونا هداكم
الله.

[المتفائل2012]

المختبر النفسي في جامعة النجاح الوطنية

بقلم: ضرغام محمد
سنة ثالثة تربية
كلية التربية وعلم النفس في جامعة النجاح الوطنية وللأسف الشديد تفتقر إلى مختبر نفسي. والذي يعتبر وجوده
ضرورة ملحة لهذه الكلية، والذي يمكن طلبة الكلية من تطبيق المبادئ والحقائق العلمية والتي يتم دراستها في علم
النفس، حيث يتأكد طلبة علم النفس من صحة التجارب العلمية التي توصل إليها علماء النفس، وكذلك للتأكد من
صحة الفروض المختلفة التي يمكن أن تراود أذهان طلبة هذه الكلية.
إننا كطلاب في هذه الكلية ونحن في السنة الأولى من دراستنا توجهنا إلى القائمين على هذه الكلية وطالبناهم
بضرورة وجود مختبرات نفسية في هذه الكلية ووعدنا من قبل القائمين على هذه الكلية بأنهم سيعملون اللازم
وأنهم سوف ينسقون مع المسؤولين من اجل إيجاد مثل هذا المختبر النفسي. ولكن_وللأسف الشديد_ مرت ثلاث
سنوات ولم نلاحظ أي إجراء عملي لإيجاد مثل هذا المختبر. أو يجب أن نذكر بان كثيرًا من مساقات هذه الكلية
تحتاج بصورة ملحة لمثل هذا المختبر، ومن بين هذه المساقات "مساق علم النفس التجريبي" وهو متطلب قسم
إجباري لطلبة الكلية، والذي يتوجب على الطلاب دراسته في المختبرات النفسية، ولكن طلبة الكلية يدرسونه
بطريقة نظرية.
من خلال هذا كله فإننا نعود ونطالب جميع المسؤولين في هذه الكلية والجامعة بالعمل الجاد من اجل إيجاد مثل
هذا المختبر النفسي والذي يعكس وجوده في هذه الكلية فائدة كبيرة للطلبة والمدرسين، وكذلك يرفع من مستوى
هذه الكلية والذي ينعكس على الجامعة بشكل مباشر. وحتى تكون كلية التربية وعلم النفس في جامعة النجاح
الوطنية كباقي كليات علم النفس في الجامعات العربية والعالمية لا بد من وجود هذا المختبر.

[المتفائل2012]

قناة البحرين وآثارها البيئية والسياسية على قطاع غزة

بقلم: د.منصور أبو علي
قسم الجغرافيا
بدأت فكرة إنشاء قناة تربط بين البحر المتوسط والبحر الميت منذ سنة ١٨٩٩ ، فقد اعتقد المهندس
باكس بورنهرت) بأنه يمكن استغلال الاختلاف الكبير في منسوب الماء في البحرين، في ) (Al.Bornahart)
شق قناة تربط بينهما، وتقوم المياه المنقولة عبر القناة بإنتاج طاقة كهرومائية على احد المواقع في شواطئ
البحر الميت.
وقد استجاب للفكرة في حينه (تيودور هرتسل) سنة ١٩٠٣ حيث ضمها كتابه وتصوراته المستقبلية (الأرض
الميعاد). وتبنت الفكرة فيما بعد الوكالة اليهودية إبّان الانتداب البريطاني على فلسطين، وواجهت بها الخطر
الذي فرضته السلطات البريطانية على هجرة اليهود إلى فلسطين التي لا تقوى قدراتها الاقتصادية على تحمل
عبء مئات الآلاف من اليهود القادمين الجدد، وكان المشروع يهدف_حسب ادعائهم_ إلى ازدهار المنطقة
وتطويرها نتيجة لاستغلال مياه نهر الأردن في ري منطقة الغور وحتى مشارف الصحراء جنوبًا، عن طريق
الطاقة الكهرومائية التي سينتجها المشروع.
لكن الخطة وضعت في طي النسيان وأُهمل المشروع لظروف سياسية واقتصادية وقامت إسرائيل بمشروع
نقل مياه بحيرة طبريا من الشمال إلى النقب جنوبًا، وكان هذا يعني أن نسبة كبيرة من مياه نهر الأردن قد
.(١٩٦٣- تحولت من المملكة الأردنية إلى الجانب الإسرائيلي، وقد حدث ذلك خلال الفترة ( ١٩٥٧
وفي أواسط الستينات أُعيد بحث المشروع، لكنّ مردوده الاقتصادي كان غير مربح، وذلك بسبب منافسة
أسعار البترول المنخفضة، حيث كان ثمن برميل النفط في السوق الدولية لا يتعدى دولارين. ومن هنا كانت
نفقات تمويل مشروع قناة البحرين تفوق بكثير الأموال التي تدفع لاستيراد البترول.
ونتيجة لحرب رمضان المجيدة أصبحت الظروف مناسبة بل وضرورية لشق هذه القناة لسببين: أولهما ارتفاع
أسعار البترول، وثانيهما توفير احتياجات إسرائيل من الطاقة في حالة ُف ِ رضَ حظر عليها من الدول المجاورة،
بحيث يعمل هذا المشروع على تخزين الطاقة الكهرومائية في برك كبيرة موجودة على الحافة الجبلية المطلة
على البحر الميت. ففي الفترات الحرجة تفتح بوابات هذه الصهاريج، فتسقط المياه على التربينات المقامة
بالقرب من قرية (مسادا)، وتشغلها، وبذلك تسدّ هذه الطاقة نحو ( ٣٠ %) من احتياجات إسرائيل فيما لو ش ّ غلت
٤٨ ) ساعة في الأسبوع، على الرغم من أن نسبة كبيرة من تلك الطاقة ستستهلك في محطات الضخ )
والضغط عند معابر القناة على ساحل البحر المتوسط.
ويتلخص مشروع قناة البحرين برفع مياه البحر المتوسط إلى المرتفعات المطلة على ساحل المتوسط (حيث لا
يمكن أن تحفر فيها أنفاق لصلابة صخورها)، وتنحدر المياه بعد ذلك على الجانب الشرقي لهذه المرتفعات
نحو الداخل، فتسير في قناة مكشوفة تمتد مسافة ( ٢٠ كم)، لتدخل بعد ذلك نفقًا طوي ً لا يمتد مسافة ( ٨٠ كم)
شرقًا. لكن قبل أن تصل مياه القناة المكشوفة بالنفق تقام هناك بحيرة اصطناعية تصل مساحتها نحو
١٠٠ كم ٢) ترتفع منها المياه في النفق الذي يمر بسفوح جبل (عراد)، ثم تجري المياه شرقًا حتى تقترب من )
الحافة الجبلية المطلة على البحر الميت بالقرب من مستوطنة (مسادا) لتصب في خزانات مائية واسعة ترتفع
نحو ( ٣٩٣ كم) عن سطح البحر الميت.
إن المردود الاقتصادي لهذه القناة لا يمكن التنبؤ به ما دام هذا المشروع هو المحاولة الأولى على مستوى
عالمي، أضف إلى ذلك بهاظة التكاليف وبخاصة تكاليف رفع مياه القناة إلى المرتفعات المطلة على ساحل
البحر الأبيض المتوسط قبل أن تنحدر إلى الداخل. يضاف إلى ذلك الآثار الاقتصادية السيئة التي ستترتب
على إنشاء هذا المشروع، فهناك معامل البوتاس المقامة على الشواطئ الأردنية للبحر الميت شرقًا وعلى
الشاطئ الإسرائيلي غربًا، وهناك آثار سيئة ستلحق أيضًا بالصناعة السياحية على شواطئ البحر الميت
(كالمتنزهات ومراكز الاستجمام) ولكن المشروع_كما سبق وأشرنا_ مشروع استراتيجي سياسي قبل أن يكون
مشروعًا اقتصاديًا، فالطاقة التي سيولدها المشروع لا تزيد عن ( ٨٠٠ كيلو واط/ساعة) وذلك على أساس
٤٨ ) ساعة في الأسبوع، وبشكل مؤقت، فالإنتاج لا يزيد عما نتيجته أية محطة حرارية على الساحل كمحطة )
(الخضيرة) مث ً لا، زد على ذلك أن كمية الطاقة ستستهلك في محطات الضخ على البحر المتوسط.
الآثار السياسية والبيئية على قطاع غزة:
الآثار السياسية:
بغض النظر عن انتهاك إسرائيل للقوانين الدولية، وعبثها بالمصالح المشتركة فيما بينها وبين الأردن الذي يسيطر
الشواطئ المطلة على البحر الميت، وبغض النظر عن الضرر البالغ الذي سيصيب المنشآت ¾ على أكثر من
الأردنية على الساحل الشرقي، وبخاصة منطقة اللسان، كمصنع البوتاس، إذ إن ارتفاع منسوب البحر الميت
سيغمر تلك المنشآت_أقول: بغض النظر عن ذلك فان الآثار السياسية والبيئية المترتبة على قطاع غزة ستكون
أسوأ بكثير.
لقد رفضت إسرائيل فكرة العدول عن شق القناة بعيدًا عن الأرض المحتلة، مبررة إقدامها على مرور القناة في
القطاع بمبررات منها توفير كمية من التكاليف تقدر بنحو ( ٨٠ مليون دولار). وتنسى إسرائيل أو تتناسى أن
القطاع كان يخضع قبل حرب ١٩٦٧ للإدارة المصرية، وان المشروع لن يقوم إلا بموافقة مصر عليه، وان هذا
بحد ذاته عقبة كبيرة أمام إقدام المستثمرين على المساهمة في هذا المشروع الكبير، لان هذا المشروع لن ينال
اعتراف العالم به ما دامت مصر غير موافقة عليه.
إن مشروع قناة البحرين أو ً لا وقبل كل شيء سيضع نحو ( ١٢.٥ كم) من الأراضي العربية المحتلة في جنوب
قطاع غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي إلى الأبد، لان القناة ستشكل حاجزًا طبيعيًا ما بين إسرائيل ومصر، وستقوم
إسرائيل بالسيطرة على إدارة القناة وتشغيلها داخل القطاع متجاهلة حقوق السكان السياسية.
الآثار البيئية:
سيؤدي إنشاء القناة في الأراضي العربية إلى إخلال كبير في التوازن البيئي للمنطقة يصعب التنبؤ به أو الاعتماد
على النتائج المخبرية فقط، وذلك للأسباب التالية:-
١- سيعمل مرور القناة في القطاع الجنوبي من غزة على تلوث المياه تحت السطحية التي تعتبر المصدر
الأول للماء للسكان، والتي تستخدم في الشرب والاستعمال المنزلي أو في الزراعة، إذ أن جريان المياه
المالحة القادمة من البحر المتوسط يعمل على تسرب نسبة كبيرة منها إلى الطبقات الحاملة للمياه، في
حالة تلف الأنبوب الذي يحمل هذه المياه عبر القطاع.
وهذا سيؤدي إلى تلوثها، وعدم استساغة الإنسان والحيوان والنبات لها، فلكل من الحيوان والنبات قدرة
معينة على تحمل نسبة محددة من الملوحة، ولما كانت معظم الأراضي الزراعية في هذه المنطقة تتأثر،
بل وتعتمد على درجة الرطوبة الموجودة في التربة فان تسرب مياه القناة المالحة إلى باطن الأرض
سيعمل على تحويل مناطق زراعية واسعة من الأرض إلى صحاري قاحلة، يساعد على ذلك نفاذية
التربة الرملية العالية التي تسمح بتسرب المياه السطحية أو تحت السطحية إلى باطن الأرض. إذًا
فالتلوث سيصيب الآبار الجوفية، والأراضي الزراعية، ليس في المنطقة التي ستمر فيها القناة فحسب، بل
وفي المناطق المجاورة أيضًا.
٢- اقتطاع مساحة واسعة من أخصب مناطق القطاع الزراعية لتكون مجرى للقناة، وتقدر مسافة القناة وما
هو لها من مناطق معزولة ستبقى بور بنحو ( ١٢.٥ كم) طو ً لا، ونحو ( ١.٢ كم) عرضًا.
٣- وإذا ما انتقلنا إلى القطاع الشرقي من قطاع غزة والذي ستمر فيه القناة سنرى أن الكارثة ستكون اشمل
واكبر، وذلك لقلة مياهه العذبة، وتشحّ نباتها الطبيعي، نظرًا لأنها تقع على هوامش الصحراء (النقب).
وفي هذه المنطقة كباقي المناطق الرعوية، تعيش مجموعات متعددة من البدو على رعي مواشيهم، لذا
فالمشروع سيشكل كارثة بيئية لها انعكاسات اقتصادية معيشية سيئة عليهم للأسباب التالية:-
أ- تلوث مياه الآبار (جمع مياه الأمطار)، وذلك بازدياد ملوحتها، وهذا بالتالي يحرم قطعانهم من مياه
الشرب كما أن هؤلاء البدو والمتنقلين مع قطعانهم يحرمون من استعمال هذه المياه بعد أن تصبح غير
مستساغة.
ب - هناك بعض الأنواع العشبية (الشيح، الينبوت، والشعير البري والصامة) لا تستطيع أن تتحمل درجة
عالية من الملوحة مثل (القطف) ستقل، وهذا سيعمل على نقص الغطاء النباتي الطبيعي، مما يعزز
ظاهرة التصحر في المنطقة.
ج- قيام البحيرة الاصطناعية بالقرب من الحدود الشرقية لقطاع غزة سيزيد من امتداد تسرب المياه المالحة
إلى الأراضي المجاورة ويقضي على مساحات واسعة كان يستغلها بدو المنطقة، فهناك ثلاث آبار كبيرة
عذبة تمثل المصادر الوحيدة في المنطقة، يستخدمها البدو في سقي مواشيهم، وهذه الآبار سيعمل
المشروع على تدميرها كليًا بسبب تسرب المياه المالحة إليها. وهذا يعني تدمير الحياة الرعوية كليًا،
بالإضافة إلى تدمير بعض المتنزهات والمنتجعات المنتشرة في المنطقة نتيجة لتدمير الحياة العشبية.
٤- أما في الأجزاء الجنوبية الشرقية فالأمر يزداد سوءًا، فالمياه الجوفية في المنطقة تكون على أعماق
تتراوح ما بين ( ١٠ م و ٣٠ م)، وقد قام فريق من جامعة بئر السبع (حفني ويعقوب كلوتن) بدراسات
حول المياه الجوفية في المنطقة بمساعدة فريق من البدو ذوي الخبرة بمواقع الآبار وخصوصًا في قاع
الرمال ويستطيع المشاهد أن يرى مواقع هذه الآبار حيث يمثل كل موقع كومة من الحجارة، وهذه الآبار
مياهها عذبة وسائغة ويمكن الاستفادة منها، وذلك المشروع سيؤدي إلى تدميرها وتدميرها يؤدي إلى
تشريد جماعات البدو الذين يعيشون في المنطقة منذ آلاف السنين.
إن بالإمكان أن تتخذ القناة مجرى أخر، وهذا ما تعترف به إسرائيل ولكن يمنعها من ذلك أن مياه البحر
المتوسط لو مرت من أراضيها لعملت على تلوث أغنى مناطق إسرائيل بالمياه الجوفية العذبة، فلماذا ترضى
إسرائيل لغيرها ما لا ترضاه لنفسها؟!!